شبكة سورية الحدث


واشنطن تفوّض أردوغان بإدارة الهزيمة في سورية

سورية الحدث - بقلم : المهندس المهندس : ميشيل كلاغاصي  منذ أن أعلنت الدولة السورية قرار الحسم العسكري والذي تلاه إعلان الرئيس بوتين قبوله الطلب السوري للدخول والمشاركة على خط مواجهة الإرهاب و محاربته على الأرض السورية , استطاعت الدولة السورية و حلفائها تحرير مساحات ٍ واسعة من سيطرة الجماعات الإرهابية,وفق أجندة ٍ إستراتيجية ٍ ثابتة بعزيمة ٍ راسخة إعتمدت السير على منحيين أساسيين للتحركات العسكرية, أولهما أولويات التحرك المباشر والسريع بحسب الوضع الميداني الاّني , وثانيهما الإلتزام بالتحركات العسكرية الإستراتيجية المحسوبة بدقة تامة لضمان استمرار تقدم الحسم و عدم توقفه قبل تحقيقه أهدافه .. بالتوازي مع تركيزها على المصالحات الوطنية والشعبية , و خوض كافة المعارك السياسية بمسؤولية و إقتدار و حرصها على عدم تفويت أي فرصة يمكنها أن تحمل الأمن و السلام لشعبها ,عبر اللقاءات الثنائية واستقبالها الوفود الرسمية وغير الرسمية التي زارت سورية خلال هذه الفترة , بالإضافة لمشاركتها الجدّية في جولة الحوار الثانية في جنيف , والتي سعت الإدارة الأمريكية لإعطاء وفد الرياض أوامرها بالإنسحاب و تعطيل الحوار , بعد أن قررت التركيز على إحداث تغيير ٍ حقيقي ٍ في موازين القوى على الأرض.فقد بادرت لإعطاء أمر الهجوم على مدينة حلب الشهر المنصرم و من خمسة محاور, أسفرت عن فشل ٍ كبير في إحداث أي خرق وأي تغيير ميداني..الأمر الذي دفعها لإطلاق تحذيراتها للدولة السورية بوقف تقدمها نحو إستكمال تطويق مجموعاتها الإرهابية في الأحياء الشرقية لحلب و قطع كافة إمدادتها و تواصلها مع نظيراتها في الريف الشمالي والمشغل التركي.. لكن مراكمة الجيش العربي السوري إنتصاراته وتحركاته الإستراتيجية دفعت الرئيس الأسد و من موقع القوة أن يرد بالقول :" سنحرر كل شبر ٍ " , وقد جاء وقع تصريحاته كالعاصفة و الصفعة على وجههم , وأتبعها بالتحرك نحو منطقة بني زيد و طريق الكاستيلو ومجمع الكاستيلو و الكاراجات,و تمكن من بسط سيطرته عليها , بالإضافة لتقدمه وحلفاؤه في حندرات.لقد تمكن الجيش السوري من إكمال الطوق و محاصرة الإرهابيين في أحياء حلب الشرقية, و فَرض واقعا ً عسكريا ً جديدا ً يُضاف إلى مجمل قوته الميدانية و السياسية بطبيعة الحال.استشعرت واشنطن الخطر الكبير وبدا أنّ عليها فعل المستحيل لتفادي الهزيمة في حلب والتي سيكون وقعها بالغ الأهمية على مجمل ملفات الحرب.فبدأت تحركها من الساحة التركية لترويض الثور العصملي الهائج وإجباره على الإلتزام بمشروعها في المنطقة فقط , بعد إعطائها الضوء الأخضر لعملية الإنقلاب العسكري على حكم أردوغان , وإعادة إنتشاله و تعويمه كأسير ٍ مجبر على طاعتها .واندفعت سياسيا ً نحو رفع وتيرة التعاون والإتفاق مع الدولة الروسية من خلال مجموعات العمل التي أقرتها سلسلة القرارات واللقاءات الدولية والقرار 2254 ولقاءات فيينا1 و2 و موسكو 1و2 و زيورخ و ميونخ و إتصالاتهما الهاتفية ولقاءاتهما المباشرة , و رضوخها للضغط الروسي حول استصدار لوائح التنظيمات الإرهابية  بما يضمن إدراج جبهة النصرة و أحرار الشام و جيش الإسلام و غيرها بعد فصلها عن" المعارضة المسلحة المعتدلة ".فعمدت إلى إزاحة القيادة الوهابية – السعودية للتنظيمات والمجموعات الإرهابية , و وضعها بعهدة قطر والمشروع الإخواني بقيادة ٍ تركية , عن طريق فك إرتباط جبهة النصرة و توابعها عن تنظيم القاعدة , بعد قبول الجولاني و أيمن الظواهري بذلك و إعلان الجولاني تأسيس" جبهة فتح الشام ", وإعطاء المرتزقة الإرهابيين السوريين أدوارا ًو مهاما ً قيادية لإضفاء الصبغة الإخوانية على من تسميهم معارضة سورية معتدلة .. إن إعتماد أردوغان كوكيل مؤقت عن الإدارة الأمريكية يهدف لضمان استمرار تدفق الإرهابيين والمال والسلاح وخلافه , فيما هي عازمة عليه .كما أوعزت للمبعوث الأممي استيفان ديمستورا لتحديد موعد ٍ للجولة الثالثة من الحوار في جنيف في نهاية شهر آب و ذلك لضمان حصولها على مدة ٍ كافية لمحاولاتها فك الحصار و تغيير الواقع الميداني , و إمتلاكها ورقة ً هامة في جنيف في حال نجاحها , أو لوقف إنهيار مشروعها و مجموعاتها الإرهابية في حال الفشل الميداني , و بذلك تكون قد استعدت لكافة الإحتمالات قبل موعد لقاء بوتين – أردوغان غدا ً الثلاثاء التاسع من آب الجاري .أسبوع على بدء الهجوم الكبير وهجمات ٍ إرهابية عنيفة لفك الحصار , واستهدفت منطقة المدارس والكليات العسكرية في الجنوب الغربي لحلب حيث تتواجد الكلية الفنية الجوية و كلية المدفعية وكلية التسليح القريبة من منطقة الراموسة و دوّارها , تلك المواقع الإستراتيجية التي يعتمد عليها الجيش السوري في حماية المدينة و ضمان إمدادها بالإحتياجات المدنية و الغذائية والمحروقات , بالإضافة لإعتبارها الطريق الوحيد للدخول و الخروج من المدينة نحو باقي المحافظات , و دون شك يمكن إعتبارها القلاع التي تحمي المدينة و سكانها من أي هجوم و إعتداء إرهابي.. فحاولت عبر الهجومات المتكررة الإنتقال من حالة الحصار إلى حالة المحاصرة , واستقدمت حوالي عشرة آلاف إرهابي من جيش الفتح و من استجلبتهم عبر الحدود التركية و من مدينة إدلب ريفها , و ريف حلب الشمالي و ريف حماة . معارك ضارية لم تشهد مثيلها سنوات الحرب الستة , إعتمدت فيها على الخطاب التكفيري الجنسي الغرائزي للسعودي المدعو عبد الله المحيسني , و أكاذيب المتزعم الجولاني الذي بث شريطا ً صوتيا ًخلا من الحقيقة بأدنى درجاتها, بالإضافة إلى استنفار ٍ غير مسبوق لوسائل الإعلام المضللة والكاذبة , التي عمدت إلى بث أخبار وصلت حد دخول الإرهابيين مدينة حلب ووصولهم ساحة سعد الله الجابري , و تأكيدهم سقوط مدينة حلب بالكامل .لا يستطيع أحد ٌ نفي ضراوة تلك المعارك وصعوبتها , والتي استطاع الجيش العربي السوري صد بعض الهجومات, وإحتواء بعضها الاّخر, و إعلانه منطقة مثلث المدارس والكليات منطقة عسكرية مفتوحة, وسط حديث ٍ عن قرار سوري أعلى بضرورة حسم المعارك هناك .لم تستطيع جحافل الإرهابيين فك الحصار, وما أشيع عن فتح ممر صغير بقي تحت نيران الجيش السوري , و بإعتراف "المرصد السوري المعارض" أنه "ممر ٌ غير اّمن".. فقد تمكنت وحدات الجيش من القضاء على أعداد ٍ كبيرة من الإرهابيين تجاوزت ال 1500 قتيل بحسب وسائل الإعلام , وكبدت الإرهابيين خسائر كبيرة في العتاد وعربات الدفع الرباعي وعربات ال bmb والدبابات , بعد أتبعت تكتيكا ً جديدا ً مكّنها من الإنسحاب و التثبيت في نقاط دفاعية سمحت لها بإستدراج الإرهابيين إلى كمائن جوية قضت على المئات منهم .لا تزال المعارك العسكرية بين كر ٍ و فر , فيما تؤكد كل المعايير قدرة الجيش العربي السوري على إنهائها لصالحه, بما يتمتع به من خبرة عالية و شجاعة كبيرة بعد أن أثبت حضورا ً عسكريا ً استطاع أن يواجه من خلاله جيشا ً جبارا ً للإرهاب الدولي المنظم لأكثر من ثمانون دولة ً معادية ,على عكس ما تحاول وسائل الإعلام المضللة أن تُظهر أنهم مجرد " معارضة مسلحة معتدلة " , إذ تؤكد دراسة ألمانية دخول أكثر من 360 ألف إرهابي إلى سورية منذ بداية الحرب عليها حتى اليوم .بات من الواضح أن الرئيس الأسد قد حاصر أوباما في الأحياء الشرقية لحلب وليس الإرهابيين فقط .. إذ  لم يتوان هذا الأخير عن تفويض أردوغان لإدارة الهزيمة إخوانيا ً, وإعلانه تقدم الحل السياسي على العسكري, بعد أن تمت محاصرته من قبل إيران و روسيا , فزيارات بروجردي الأخيرة بين دمشق وأنقرة , وموافقة الرئيس بوتين على لقاء أردوغان لبحث عنوان ٍ شبه وحيد هو الأوضاع في سورية , إذ يجد أردوغان في اللقاء فرصة ً لنعي مشروعه الإخواني مقابل بقائه في السلطة و العودة إلى محيطه الحيوي فيها , حيث لا فرصة لنجاح مشروع تقسيم سورية أو تشظيها, وقبوله المعادلات السياسية الجديدة على أساس سورية خط ٌ أحمر والرئيس الأسد عنوان عربي لقيادة المنطقة العربية , وقبوله مقايضة أمن و إزدهار تركيا بأمن سورية و إنتهاء الحرب عليها.هذا ما دفعه لإستباق الزيارة بتصريحات تصف الرئيس بوتين "بالصديق", و بالإعتراف بأهمية الدور الروسي في الحل السياسي للأزمة السورية , ووصفه الزيارة بالتاريخية وأنها ستشكل نقطة بداية جديدة .يبدو أن واشنطن لم تعد قادرة على إخفاء حقيقة حاجتها لأردوغان ليقود مرحلة الصمت الإنتخابي الأمريكي و الدبلوماسي وإدارة الهزيمة , فيما يلوح في الأفق وصول هيلاري كلينتون إلى سدة الحكم كرئيس أمريكي سبق له أن إعترف بإنتصار الأسد وأقله بإعترافها : "أنه عرقل مشروع الشرق الأوسط الكبير", وهذا ما يرى فيه المراقبون إعترافا ً صريحا ً بنصر سورية .. فيما يؤكد السوريون عدم استعجالهم النصر بقدر حرصهم على تحقيقه بما يليق بصمودهم وحكمة قيادتهم وبسالة جيشهم الوطني وتضحياته الكبيرة .
التاريخ - 2016-08-08 8:05 PM المشاهدات 849

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا