شبكة سورية الحدث


داريا تُسقط ورقة الدجل الأممي..!!

سورية الحدث - بقلم : علي قاسم خلعت داريا وصمة الإرهاب، ويممت وجهها شطر الوطن. في عودة يمكن أن يبنى عليها الكثير وأن يستدل منها ما هو أكثر، ورمت خلفها كل ما سبق أن نسجته يد الغدر والعدوان، وكل ما بنت عليه أساطير الكذب والفبركة والدجل السياسي والنفاق «الإنساني» بطابعه الأميركي ونسخه المتعددة بتعدد الأدوات والمرتزقة.وفتحت الباب على مصراعيه أمام مقاربة الوطن ليكون هو الحَكم والمعيار، وأن يطلق يد السوريين في صياغة ما يرتضونه وما يتفقون عليه من دون وسطاء يبتزّون، وعوامل خارجية تجهض ما التقوا عليه.‏داريا.. أنهت فصلاً آخر من فصول الظلمة التي تركت حبال الشد والرخي تتدلى من دون أن يَصُبُّ أي منها في حسابات أو أرصدة الآخرين، بل اكتفت بأن أعطت الوطن عنواناً للمصالحة واتفاقاً ينهي حالة من الشذوذ الإرهابي، ويغلق الباب على نواطير الليل والظلام، ومتاجري الابتزاز والمساومة، ويرمي بأوراقهم في سلة ما تراكم سابقاً وما قد يأتي لاحقاً، بدأت معها داريا تكنس ما تراكم.‏وفيما يغيب الكلام ليحضر الفعل كانت الأصوات المبحوحة تُجري مقارناتها وتُعلن مواربتها في قراءة الحدث من مخارجه، في وقت برزت فيه حالة الصدمة مما جرى ويجري لتضيف إليها عملية التنفيذ المزيد من فصولها وهي ترسم خطاً متصاعداً من الإفلاس والعجز الذي يريد أن يثير غبار الافتراض، وأن يغمز من قناة هنا أو ممر هناك، على قاعدة المشاركة «الوجدانية «للتنظيمات الإرهابية، وهي تنعي مواقف بعضها وتندب الحظ على بعضها الآخر، فيما كان الارتجال يرمي بورقته الأخيرة في سلة المفلسين التي برزت في سياق التعليق الأممي الحاضر على لسان دي ميستورا، والتوجس الأعرابي القادم من جامعتهم على لسان أبو الغيط، ليكشف آخر أوراق دورهم المرهون بمآل تلك التنظيمات والمرتبط أولاً وآخراً بوجود الإرهاب.‏ربما... لم يكن أحد ينتظر الكثير أو القليل من المبعوث الأممي، حاله في ذلك حال أمين جامعة باتت منبراً فظاً لاختلاجات العقل السياسي، ولا أن يُقدِما على ما ينفع بعد أن فشل الأول أكثر من مرة في تقديم ما هو مطلوب حين كان ينتظره الآخرون، وغرق الثاني في وحول الغيظ، لكن في الوقت ذاته لم يكن مسموحاً لـ دي ميستورا تحديداً أن يقدم لغة التشكيك بما جرى في داريا، وأن يغمز من مصداقية الاتفاق، بدلاً من أن يؤيد ويثني على الجهود التي بُذلت، والتي أدت إلى إنهاء أحد أكثر حالات الإرهاب بروزاً وحضوراً على مدى سنوات الأزمة وما شهدته.‏فالمسألة تعدّت حدود ومساحة النظر إلى المشهد من الزاوية التعبوية، التي اعتاد السيد دي ميستورا أن يحاجج بها، وسط سيل من المترادفات التي تقود إلى النتيجة ذاتها، في ما كانت ورقة داريا على وجه التحديد تستحوذ على مساحة كبرى من طاولة الابتزاز السياسي الذي اعتاده مع الاستعداد الذي كان يجري لانطلاق كل جولة مباحثات أو قبيل الإعداد لأي جولة قادمة، وفي بعض الأحيان تترافق مع مجرد الحديث عن ضرورة عقد جولة جديدة.‏اللافت أن موقف المبعوث الدولي يأتي بالتزامن مع دخول الأمم المتحدة وأجهزتها التحشيدية مرحلة الصمت المطبق، ومن دون أن يتحرك لسان أحد فيها على الأقل لتفسير ما تفوَّه به دي ميستورا، أو لشرح ملابساته وإن كان مستبعداً بحكم أنه لم يَبقَ للمنظمة الدولية رصيداً من المصداقية يتيح لها أن تدافع به عن مبعوثيها الخاصين جداً بأدوارهم الوظيفية المرتبطة بتحريك الحرائق وإشعال الجبهات كلما هدأت، أو التشكيك حين يكونون عاجزين عن التعطيل.‏داريا تسحب ورقتها من التداول، وتسقِط معها ورقة الدجل الأممي، والأهم أنها ستغيب عن أجندات دي ميستورا، ولن تكون واحدة من ملفاته التي يحملها للردح السياسي أو للتشكيك، ولم تعد تصلح بعد الآن للغمز من قناة سورية، بقدر ما باتت ورقة إثبات وقرينة دامغة على دور دولي وربما شخصي للمبعوث الأممي، يتناغم مع الإرهاب ومشغليه أو في الحد الأدنى لا يتفق مع مهمته، والأهم أنها كشفت نوازع «الإنسانية» داخله تجاه الإرهابيين المهموم على وضعهم وعلى كيفية معاملة الحكومة السورية لهم، وعن «الضمانات» التي لم يكتبها ولم يتمكن من دسها.‏السوريون لم تعد تشغلهم المسافة الفاصلة بين دمشق وداريا بقدر ما هم مشغولون بقدرتهم وإرادتهم على ترجمة حِرَفية عالية ومهنية في التنفيذ، لم تستطع أوساط وتراكمات الإرث والتجربة الطويلة الباع للأمم المتحدة في مجاراتها، وهي تنقل داريا بأهلها ومواطنيها.. بجغرافيتها وإحداثياتها.. إلى حيث يجب أن تكون، وقد نفضت عنها غبار سنوات المحنة وما علق من شوائب ضالة سمحت للإرهاب ومشغليه أن يكون حاضراً لبعض الوقت في ثنايا التفاهمات السورية التي أثبتت أنها لا تحتاج إلى وسطاء أمميين ولا قاعات جانبية أو رئيسية، ولا أوراق عمل وأجندات واشتراطات، ولا إلى روزنامة أو لائحة مواعيد، بقدر ما تحتاج إلى تنظيف ذاتي من أي عامل خارجي سواء بالحضور المباشر عبر إرهابيين وقتلة أم بالوكالة عبر أدوار تخريبية تتخذ في بعض الأحيان صفة أممية وفي بعضها الآخر صفة المتصابي بأعرابيته..!!‏
التاريخ - 2016-08-28 7:42 PM المشاهدات 590

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا