سورية الحدث - علي نصر اللهعندما وُلدت فكرة إنشاء المُنتدى الذي يضم مجموعة العشرين أواخر تسعينيات القرن الماضي، كان التحدي الأساسي للمجموعة اقتصادياً (الصناعة، التجارة، معدلات النمو، الاستقرار المالي ..)،وكان الجهد يتركز على هدف إيجاد صيغ تعاون مشتركة بين أعضاء المجموعة على اعتبار أن بلدان المجموعة تملك أكثر من 90% من الناتج العالمي وتُمثل ما يزيد على ثلثي حجم التجارة العالمية.قد تكون مجموعة العشرين الوعاء الدولي الاقتصادي السياسي الأكبر، ذلك أنها تستوعب جميع الدول الأعضاء بالتجمعات الأخرى دولية كانت أم إقليمية أم قارية، وربما لهذا السبب منطقياً ينبغي انتظار صدور أهم النتائج عنها، غير أن الواقع يُخالف المنطق، فلا ينظر الكثيرون في العالم إليها - انعقاداً ونتيجة - بهذه المقادير من الأهمية، ولا ينتظر الكثيرون منها فعل ما يستحق انتظاره .. لماذا؟.صار لدى الأغلبية الغالبة من العالم قناعة راسخة بأنه لا يمكن انتظار أي أثر لفعل إيجابي يصدر عن مجموعة أو منظمة دولية، في ظل هيمنة أميركا وأوروبا عليها وعلى النظام العالمي بما تُمثلانه من نظام رأسمالي سمته الأساسية التوحش، وكذلك في ظل العبث الذي تقوم به الولايات المتحدة وأوروبا كتابع لها في مختلف الأقاليم والمناطق بالعالم بدءاً من الشرق الأوسط، مروراً بشمال إفريقيا، وانتهاء بشرق آسيا ومناطق أخرى تقترب منها الأصابع الأميركية.التحدي الأساسي الذي قد تجد قمة العشرين المُنعقدة في الصين نفسها في مواجهته اليوم مباشرة ليس المشكلات والقضايا الاقتصادية التي كانت أحد الأسباب المُوجبة لنشوء وولادة المجموعة، وإنما تحديات أمنية وسياسية أولها كيفية مواجهة الإرهاب الذي ينمو بتسارع، والذي يضرب في كل الاتجاهات، والذي يفرض تهديدات مُتعاظمة للاستقرار العالمي، في مقابل أنه يحقق مصالح دول بعينها وأطراف تبدو أكثر ارتياحاً وسعادة، وأميركا وإسرائيل تُمثلان النواة من بين المجموع الذي يشعر بالارتياح والسعادة.قد تُنتج قمة العشرين الحالية تفاهمات تحظى بالأهمية لجهة أنها ربما تنجح بفكفكة بعض العُقد هنا وهناك، وقد تُنتج اللقاءات الثنائية التي ستجري بين قادة الدول المشاركة اتفاقات للتعاون في غير اتجاه، لكنها قولاً واحداً كقمة ستبقى أعجز من أن تعالج الخلل البنيوي الكبير الذي أمسى بادياً في النظام العالمي القائم، ما لم يتم تقليم الأظافر الأميركية الصهيونية.وما لم تتنبه القارة العجوز إلى أهمية التحرر من تبعيتها لأميركا، وما لم تضغط بقية الأطراف الدولية بلغة المصالح على أميركا، فإن شيئاً من انفراج في العلاقات الدولية لن يتحقق، وإن الأمن والاستقرار والسلام سيبقى حلماً دولياً غير مشروع ما بقيت واشنطن المُستثمر الوحيد والأكبر بالتطرف والإرهاب، بدءاً من الإرهاب الصهيوني وانتهاء بالإرهاب الوهابي التكفيري.
التاريخ - 2016-09-05 7:29 PM المشاهدات 475
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا