سورية الحدث -عبد الرحمن تيشوري كاتب وباحث لو تساءلنا لماذا يطرح الاصلاح بشكل عام والاصلاح السياسي تحديدا بهذه الكثافة الان في عالمنا العربي وفي سورية تحديدا حيث الجميع اليوم يريد ان يعلم السوريين السياسة والديمقراطية لا سيما السعودي سعود الفيصل وعادل الجبير الديموقراطي حتى اذنيه؟؟!!!!؟ما هي مبررات طرحه بشدة هذه الأونة ؟واين موقع الاصلاح من اهتمامات السلطة والمثقفين والجمهور في هذه الزاوية من العالم (عالمنا العربي وسورية )؟هل الاصلاح هو تحد مفروض من الخارج ام مطلب داخلي لسكان هذه المنطقة ؟هل نضجت ظروف هذا الاستحقاق الكبير ؟ومن ثم هل تعتبر مسألة الاصلاح قضية ترف فكري ام انه بات ضرورة ملحة وصار الخيار الوحيد المتاح بين البقاء والعدم انا اقول لا بد منه والا الفناء والكارثة.ان مفهوم الاصلاح في الثقافة العربية الاسلامية قديمها وحديثها انما يدل على الامكانية الوحيدة للتغيير والتطوير وما عداه من المفاهيم والمصطلحات يدل على اشياء مغايرة فالتغيير خيطا في المجهول والثورة فتنة والحرية تفلت والديموقراطية فوضى والعدل كما يراه الحاكم والمساواة لا تتعدى لحظة الولادة ولحظة الموت وما بينهما تفاوت طبيعي خلقه الله في البشر على درجات فالاصلاح بهذا المعنى ووفق هذه الثقافة ليس اكثر مما يقدمه الحاكم بناء على نصيحة او رأي من يحق له ابداء الراي والنصيحه من ذوي الشأن والحظوة عند الحاكم اعتقد ان الاخفاقات التاريخية المتتالية على الاقل عبر الستين عام الماضية والمنصرمة وتوجسنا من استمرارها الى ستين عام تالية هو مبرر طرح هذه الاشكالية الان نحن العرب تاريخنا كموازناتنا فكل مرحلة تحمل عجوزات المرحلة السابقة بما فيها من احباط ومآسي وآلام واخفاقاتفبعد مرور اكثر من مائه عام على طرح مشاريع النهضة والاصلاح ما زلنا في البداية نراوح ونعيد طرح الاشكالية ذاتها – الامة – الدولة – الحرية – المواطنة – التطوير – التغيير – ولم نحقق من ذلك شيئاالمشكلة الاساسية على ما أرى إن هذه الطروحات شغلت النخبة فقط عندنا ولم ينشغل بها الناس والمجتمع بعامة ولا سيما الطبقة الوسطى – المثقفين- لذا لابد من اعادة الناس إلى السياسة ولا بد من المصالحة بين المجتمع والدولةعلى خلاف ما جرى الامر عليه عند جيراننا في شمال المتوسط وهذه النخبة لدينا كانت ولا زالت برغم تطورها الكمي تشكل نسبة قليلة من المجتمع يمكن تجاهلها في الفعل التاريخي لانها غير قادرة على انتاح حدث ما على مستوى الازمة يمكن من تجاوزها فالتغيير والاصلاح لا يمكن ان يحصلا الا من خلال فهم الواقع الاجتماعي والاقتصادي ونقده واصلاحه وتطويره.كما انه لا وجود للاصلاح من دون حامل اجتماعي له ( الطبقى الوسطى صانعة التغيير وحاملة الاصلاح )وهكذا نجد ان جوهر اي حراك في المجتمع هو السياسةفهي قلب المجتمع وهي عقل المجتمع وهي قوة المجتمع المحركةالسياسة هذا المفقود الغائب الاكبر عن مجتمعنا العربي السوري الذي يفترض ان يحضر من خلال دعم الاحزاب الوليدة والتي ستؤسس ومنح الحرية الكاملة للاحزاب وللاعلام وللتعبيرالسياسة بمفهومها الحديث والصحيح ( بوليتيك ) لا كما هو شائع عندنا باعتبارها بوليتيكا اي فن الكذب والرياء والمراوغة وخداع الناس وتخريب الانتخابات وتنميطها وفبركة نتائجهاهذه هي السياسة في ثقافتنا الشعبية ووعينا وفي احزابنا وفي اداراتنا وفي مؤسساتنا للاسف الشديد ولا الوم هذا الفهم وهذا التصور لان مجتمعنا العربي لم يرى من السياسة وعبر مئات من السنين - لا استطيع تحديدها بدقة - الا الرياء والمراوغة والخداع والكسب والاخذ والامتيازات فعلا بينما السياسة في العالم الاخر العالم الحر الى حد كبير تعني فن التدبير .. تدبير امور الناس وتنظيم شؤونهم والرئاسة عليهم هي العقل المدبر للشؤون الجماعية وهي اهم العلوم وهي انبل العلوم لا بل هي سقف المعبد العلمي عند افلاطون وارسطو وهي اهم العلوم لانها تعمل على تحقيق التوازن بين حاجات الانسان اللامتناهية وبين الموارد المحدودة والمتناهية ( قانون علم الاقتصاد – الحاجات اكبر من الامكانات ) السياسة هي علم احياء الشعوب وادارة مكوناتها وثرواتها والادارة الصالحة في اتجاه الخير وبناء الاوطان فهي تسعى للرقي بالانسان والمجتمع والسمو بانسانيته اما عندنا للاسف في دنيا العرب فهي تسعى لحيونة الانسان واستحمارهوعلى العموم فكل حركة في المجتمع تبدأ بالسياسة - ورائها سياسة تدفعها سواء اكانت حركة الى الامام ام الى الوراء فاذا كان المال عصب الدولة فان السياسة عقلهافالسياسة بمثابة العصب في عموم الحركة الاجتماعيه وهي مركز التوازن العصبي للهيئة الاجتماعية فهي اخيرا علم حكم الدول والمجتمعات الانسانية والتجمعات البشرية ارتبط وجود السياسة بوجود وظهور المجتمع وقبل المجتمع لا توجد سياسةاننا في عالمنا العربي وفي سورية لم نمتلك بعد مشروعنا السياسي – مشروع الدولة – الدولة الحديثة – دولة القانون والمشروعية – دولة المؤسسات والدستور وفصل السلطات – دولة المواطنة والحرية والديموقراطية والحكم الرشيد دولة الرفاهية دولة الكل-وبرغم المخاض العسير والطويل منذ ما يسمى بعصر النهضة الى الان لم نحقق هذا المشروع وما زلنا نتخندق في ازماتنا المختلفة ولم نحل اي منها وما زلنا نختلف على ترتيبها بأيها نبدأ اولا فتارة نقول الاصلاح السياسي ثم نقول باولوية الاصلاح الاداري ثم نقول باولوية الاقتصادي ثم تأتي النتائج مخيبة فنقول باولوية الاصلاح الامني .. لكن الالام ما زالت مستمرة والمشاكل مستمرة ويبدو ان دربها طويل
التاريخ - 2016-10-05 5:10 PM المشاهدات 587
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا