الموت القادم من حقول النفط .. بقلم : إسماعيل علي

في ثلاثينيات القرن الماضي أتسعت المنطقة الأوسطية على ثورتين شعبوية قومية "سياسية تحررية من المستعمر الغربي العسكري، واقتصادية من باطن الأرض بالتنجيم عن المعادن واكتشاف محيط من الذهب الأسود تموج به الأرض الشرق أوسطية، أتسمت تلك الثورتين بسمة القومية والتحرر مولدتين أنظمة وأشكال لدويلات متعددة الخلفيات متباينة  الأهدف، حينها تنفس المجتمع العربي طعم الحرية والتحرر بسمته القومية؛ لعله يدرك طلعة فجر عربي قومي فكري ثقافي صناعي، لكنه لم يشعر بثمن هذا التحرر الذي صاغه الأحرار من قطرات دمائهم، لو كان يعلم ما سيجري وما جرى حينها لثروته النفطية التي علق عليه أماله وطموحاته لبناء مجتمع مزدهر يواكب الغرب اقتصادياً وصناعياً وعلمياً إن صح  التعبير؛ لأصيب بخيبة أمل وانتكاسة ربما قد تكون أهون مما ناله اليوم من تردي وتخلف وانحطاط وتبعية وذل على جميع المستويات..  وطيلة الستة عقود الماضية مضت مخلفتاً المعاناة والشقاوة من ذلك الشبح النائم تحت التراب الذي هيجته آلة الصناعة الغربية وتحويله إلى معول هدم في جسد الشعوب، حيث تحولت إلى حقول للموت والتسلط والسطو والتوغل من جديد باستعمار حديث بأدوات غير المستعملة سابقاً؛ فخسرت الشعوب كلتا الثورتين وخسرت حينها المضامين الثابتة، والقيم الخالدة ،والمبادئ النبيلة، التي يمليها "الدين والعرف والنخوة والأصالة العربية" عندما استسلمت لحكام الجور وأنظمة الموت والإرهاب الرسمي المؤسساتي الذي وقوده منظومة القيم والحقائق الثابتة؛ لصالح "الإرهاب العالمي" الذي يمارسه النظام السعودي ضد شعوب العالم منتهكاً كل قيم الإنسانية؛ بغطاء ورعاية القائم على تلك القوانين والمعاهدات والمواثيق الأممية العُصمية..وبعد أن صعدت من جديد الثورات الدينية التي تتسم بالضوابط القيمية التي يمليها الدين وتقدسها الإنسانية ويحبذها العرف وتحميها النفوس المتشبعة بها؛ بسمة الجماعة وقيادتها بذات الولى المطلق.وبرسم أهداف نبيلة على رأسها الحفاض على "القيمة" القوة الحقيقية الثابتة..تزعم محاصرتها واجتثاثها أنظمة النفط "البترو  دولار" بدأً من 79 الثورة الإيرانية وانتهائاً وليس أخيراً بالثورة اليمنية الحالية؛ بقوته العسكرية. وبالحديد والنار يسعى جاهداً لطمس تلك القوة القيمية المعنوية، وانتهاكه لتلك الحرم المقدسة؛ لصالح المستغل المتسلط، ولشرهه الدموي الغير مسبوق دون أن يشعر بأنه الخاسر الثاني إن لم نقل الأول بالاستمرار بتويع الموت في أغلب الساحات العربية والإسلامية بأدوات الموت المفرخة داخل بيته السعودي، وداخل تلك الأفكار القاتلة المتطرفة.وبعد ثمانية عشر شهراً من العدوان الظالم على الشعب اليمني يتضح لنا الحقائق التالية:_   أن هناك رسالة يجب أن تفهم كل الأطراف بأن القوة العسكرية   لا تستطيع أن تحسم معركة أبداً، بل القوة الثابتة التي تصرع من  صرعها هي      "القوة القيمية"   "القوة المدنية" "قوة الميثاق" "قوة العهد"التعويل على الجانب العسكر يجب أن يأخذ دوره وحدوده في إطار الدفاع؛ لأن القيمة هي التي تبقى وتخلّد._   إسرار المستغل الغربي بتصنيف "أنصار الله" بالميليشيا والجماعات المسلحة المتطرفة على غرار داعش، والنصرة، وبوكو حرام، والقاعدة، لكي يسهل اصطيادها واستغلالها.لكنه أخطاء في التصنيف وفوجئ بعكس ما يتصور؛ _ القوة الأمريكية العظمى لن تضمحل إلا على أيدي هؤلاء الجماعات الشيعية كما حصل للاتحاد السوفيتي أنذاك._ القيمة هي القوة الحقيقية التي سرعان ما تصرع من استهدفها؛ لأنها الباقية الثابتة، وأنت ووسيلتك من ستزول وتنتهي._ على الأمة أن تُعيد الدور الأممي بعُصمه ومواثيقه ومعاهداته؛ كي تحفظ الأمم والجماعات، وتؤصل لحماية وتقديس الإنسان والإنسانية بدلاً من الاستغلال؛ بهتك تلك العصم وانتهاك الحرم التي جاءت كل التشريعات لحمايتها.