شبكة سورية الحدث


ماذا تخبئ روسيا في سوريا؟

سورية الحدث - عمر معربوني قبل الدخول في توصيف الإجراءات الروسية في الميدان السوري، لا بد من التوقف امام سلسلة الهجمات التي شنتها الجماعات المسلحة على الجبهة الغربية لمدينة حلب. وفي مقاربة سريعة للميدان، فإن الموجة الخامسة من الهجمات على الجبهة الغربية قد انكسرت وتم احتواؤها، في حين ان وحدات الجيش السوري وحلفائه تنفذ مناورات عديدة سواء اجراءات اعادة التموضع او الكمائن او الإلتفاف، وهي اجراءات ادّت الغرض منها لجهة كسر الهجمات فيما تتم التحضيرات لإطلاق رأسي سهم للبدء بعملية احتواء كبيرة سوف تجبر الجماعات المسلحة على الإنكفاء من امتداد كبير يمتد من الزهراء شمالاً الى ضاحية الأسد ومنيان حيث تتقدم قوات من النخبة، ونحن هنا نتكلم عن الجبهة الغربية التي تتقدم فيها وحدات اخرى من الجيش السوري باتجاه تل الرقم تنطلق من تل بازو جنوب منيان والمشروع 1070، والهدف هو تشكيل فكي كماشة للضغط على جيوب الجماعات المسلحة الموجودة في اجزاء من ضاحية الأسد والمشروع 1070 وقرية منيان.وحتى كتابة هذه المقالة، فإن الوضع في حلب هو لمصلحة الجيش السوري وحلفائه لجهة صد كل الهجمات وإلحاق خسائر كبيرة بالجماعات المسلحة على صعيد الأفراد والمعدات، وهي خسائر كبيرة ستظهر الى العلن في الساعات القادمة .اما بخصوص الهدنة يوم غد الجمعة، فهي بمثابة الفرصة الأخيرة الممنوحة للمسلحين في الأحياء الشرقية من وزارتي الدفاع السورية والروسية للخروج، حيث ستبدأ بعدها في حال عدم خروج المسلحين اكبر عملية عسكرية في ظل حالة من الإقتتال بين حركة نور الدين زنكي وجماعة استقم كما امرت في حي الزيدية، وهي اشتباكات امتدت بين الجماعتين الى ريف ادلب.وحتى لا نبقى في دوامة الجدل والسجال حول روسيا ودورها في سوريا والمنطقة، لا بدّ من ايضاح الفارق بين المعني الأول بالحرب والحليف، فروسيا في النهاية ليست الجيش السوري والعكس صحيح، لكن هذا لا يعني الخلاف بل الإختلاف في المهام والأدوار. وحتى نفهم السلوك الروسي المرتبط في الحرب على سوريا، لا بد لنا ان نفهم طبيعة التعقيدات والصعوبات التي تعترض روسيا على مستوى الرأي العام العالمي الذي تعمل آلاف وسائل الإعلام على توجيهه وتشكيله بما يتناسب مع الأهداف الغربية للحرب، وعلى رأسها اميركا التي تتولى قيادة الهجمة.في البنتاغون الأميركي تم تصنيف روسيا من جديد بعد دخولها على خط الحرب في سوريا العدو رقم واحد لأميركا، وهو تصنيف استطاع ان يعرقل رغبة البعض في الإدارة الأميركية وخصوصاً وزارة الخارجية بالتخفيف من حدة الصراع اقله في المرحلة الحالية، بحيث اتاح هذا التباين الأميركي الداخلي مساحة اكبر للعسكريين في فرض ضغوطاتهم، وهذا ما تمت ترجمته ميدانيا بالدرع الصاروخي في اوروبا ودعم اوكرانيا عسكرياً ومجموعة الإجراءات التي تنفذها اميركا في سوريا والعراق للإبقاء على التوازن في حده المقبول، بعد ان تأكد المسؤولون الأميركيون من عدم قدرتهم على حسم الصراع وفرض مخططهم القاضي بتقسيم المنطقة وفق اسس مختلفة عن سايكس - بيكو.اذًا، تخوض روسيا الحرب ضد الإرهاب ضمن ظروف معقدة وصعبة وضاغطة، ومع ذلك امتلكت روسيا الصاعدة وريثة الإتحاد السوفياتي المفكك الجرأة على خوض الصراع دفاعاً عن سوريا وعن مصالحها ومجالها الحيوي الذي تحاول اميركا ابقاءه ضمن قواعد الإنتشار والسيطرة القديمة التي اتاحت لأميركا فرض قواعد سيطرة تعتمد على هيمنة القطب الواحد، وهو ما يتغير بشكل متسارع لمصلحة روسيا ضمن شعاع مجالها الحيوي الذي تُعبر منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط جزءاً منه على امتداد يبدأ من سوريا الى الجزائر، وهو ما تتم ترجمته هذه الأيام عبر المناورات البحرية بين روسيا والجزائر ووصول قوى بحرية ضاربة لروسيا الى البحر الأبيض المتوسط.في البعد الميداني، لا يختلف اثنان ان المرحلة القريبة القادمة تحمل تصعيداً كبيراً تستعد له روسيا بشكل غير مسبوق، وان كان التصعيد سيرتبط بالجبهات السورية الّا ان حجم الإستعدادات الروسية يحصل وكأن المواجهة ستكون على مستوى اقليمي وعلى مسرح عمليات واسع وشامل وذلك من خلال استقدام قطع النخبة في الأسطول البحري الروسي، فالمعركة بالنسبة لروسيا هي معركة الدفاع عن موسكو وليس عن سوريا فقط.وعلى عكس ما يشاع عن ترهل روسي في خوض الصراع على الجبهة السورية، فإن مشاركة روسية واضحة في جبهات حلب تتجاوز المشاركة عبر سلاح الطيران لتصل الى المشاركة بدبابات t – 90 الحديثة واستقدام اطقم مدفعية من عديد مشاة البحرية الروسية المتواجدة في قاعدة طرطوس، اضافة الى نشر طوافات mi – 24 وmi 28 الهجومية في قاعدة كويرس الجوية، مع طواقم حرب الكترونية واستطلاع جوي وميداني.اما بخصوص توقف الطيران الروسي عن ضرب اهداف للجماعات المسلحة فهو يشمل احياء حلب الشرقية فقط ولا يرتبط بضرب اهداف هذه الجماعات في نقاط التجمع وخطوط الإمداد القريبة والبعيدة، وهو الأمر الذي سيتغير بشكل كبير بعد يوم غد وهو ما يتوقعه المراقبون، حيث لن يتم التجاوب من المسلحين داخل الأحياء الشرقية مع الهدنة المرتقبة وسيكون ذلك بمثابة الفرصة الأخيرة المتاحة لهم ولأميركا التي اعلن الرئيس الروسي بوتين ان وقف ضربات الطيران الروسي يهدف الى منح اميركا فرصة فصل الجماعات.في الجو العام، لا احد يتوقع ان تذهب الأمور الى التهدئة خصوصاً بعد نعي العملية السياسية على لسان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وهو ما يجب ان تقوم به وزارة الخارجية عادة ما يعني ان الإعلان عن توقف العملية السياسية على لسان وزير الدفاع يعني الكثير لجهة الدلالات.*ضابط سابق - خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية.
التاريخ - 2016-11-05 2:59 PM المشاهدات 728

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم