سورية الحدث - المهندس : ميشيل كلاغاصي هي الحرب الإرهابية - الكونية المباشرة على الدولة السورية بكافة أركانها و مكوناتها , حربٌ بشّر الأمريكيون بطولها وبإستمرارها لثلاثون عاما ً, يتّكشف فيها يوما ً بعد يوم عدم تخلي أصحاب المشروع عن متابعتها و إتجاههم نحو التصعيد بكافة أشكاله, مما يؤكد عدم اكتفائهم بنتائجها الميدانية الحالية والتي تؤكد إتجاه الدولة السورية نحو الإنتصار, فالمحاولات مستمرة والإرهاب مستمر ولا يزال تدفق الإرهابيين وكافة أشكال دعمهم مستمرة , ويدفعون بخطط ٍ عسكرية وسياسية ٍ دائمة ولا يتوانون عن اللجوء لخطط ٍ بديلة وبديلة دون توقف. الأمر الذي يدفعنا للسؤال متى ستتوقف الحرب ؟ وهل نحن ماضون في الصمود إلى اللا نهاية ؟ وإلى تحقيق الإنتصار الكبير من خلال المواجهة المباشرة فقط , و بالإعتماد على مقدراتنا و مصادر قوتنا الذاتية , وقوة جيشنا الوطني ؟ مهما كان حجم الدعم الذي يقدمه شركاؤنا و حلفاؤنا وأصدقاؤنا الأوفياء.نعتقد أن كسب المعركة يحتاج إلى فائض قوة ٍ تظهره الدولة السورية يفرض على أعدائها قبول الهزيمة وإنهاء الحرب.. ولا نجد صعوبة ً في تحديد الهدف, فالجميع يعرف أن الحرب على سورية هي حرب ُ المشروع الصهيو- أمريكي للهيمنة الكبرى على المنطقة والعالم , والذي تجد الولايات المتحدة الأمريكية فيه نفسها أداة ً و قاعدة ً أساسية ً لخدمة المشروع الصهيوني الكبير.. بعد اصطدامه بمشروع المقاومة الذي تشكل فيه سورية رأس الحربة وقلعته الأولى - هذا من جهة. ومن جهة ٍ أخرى فإن طبيعة الصراع الوجودي القائم و أخطاره وتداعياته تفرض العمل على منحيين وهدفين أساسيين يتمثلان في تعطيل الدعم الذي توفره الدول الداعمة للإرهاب حول العالم , و بتفعيل العلاقة بين وطنيوا الداخل والخارج في سورية والمحيط العربي والإقليمي وعلى كافة المستويات والصعد.. يبدو أن استغلال العالم و استباحته الأرض السورية لتكون المسرح و الميدان لتصادم المصالح الدولية في مشهد ٍ حقيقي لحرب ٍ عالمية ثالثة تعقدت ملفاته و تشابكت أدوات صراعه و لم يعد من السهولة بمكان التكهن بنتائجه , وسط صورة ٍ ضبابية و مخاض ٍ عسير تبدو معه ملامح النظام العالمي الجديد التليد لا تزال معلقة ً في ريشة مهندسي و رسامي اللوحة العالمية الجديدة , و أصوات المدافع و فوهات البنادق.في وقت ٍ تلعب فيه أوزان و أحجام الدول دورا ً أساسيا ً في الخارطة الجديدة , وتشبث البعض بفرصته لتغيير حجمه إعتمادا ً على الإرهاب التكفيري كإستراتيجية وحيدة , فالصراع و الصدام الحالي لا بد أن ينتهي بعد ولادة نظام ٍ عالمي ٍ جديد يبدو متعدد الأقطاب , تكون فيه الدولة السورية الصامدة و الباقية والمستمرة شريك ٌ أساسي في صنعه كنتيجة طبيعية , في رسم ملامح هذا النظام العالمي الجديد, على إعتبارها الرحم و المصنع لتلك الولادة , بعد أن أرادوها مسرحا ً متشظيا ً مفتتا ً , فكانت صخرة ً تكسرت عليها مطامعهم و مشاريعهم , و أصبحت شريكا ً حقيقيا ً في صنع التاريخ , من خلال حقيقة واحدة يقدّم فيها السوريون بقائدهم جيشهم الباسل و صمودهم التاريخي وحلفائهم أنصع لوحات البطولة.فوسط غياب ٍ تام للحل السياسي في سورية , ووسط صمت دولي مخيف لغالبية دول العالم, ووسط حضور ٍ كلي الإنحياز للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي على الدولة السورية , تتابع الولايات المتحدة الأمريكية وأدواتها الغربية و الإقليمية والعربية والمحلية عدوانها الإرهابي المتوحش على سورية.إن صمود سورية أفشل و دحرج الأهداف الأمريكية وجعلها أكثر تواضعا ً, فمن تدمير الدولة السورية و رحيل الرئيس الأسد , إلى بقائه والبحث عن إحتوائها عبر استمرار استنزافها للحصول على أكبر قدر ممكن من التغييرات في بنية الدولة و نظامها السياسي , في إطار التوافق مع الدولة الروسية التي تقف سدا ً منيعا ً – أقله - لمنع استباحة الشرعية الدولية في بلد ٍعضو في الأمم المتحدة , و كحليف ٍ استراتيجي رئيسي.إن تمسك واشنطن بالتنظيمات الإرهابية و تمنّعها عن إنهاء مهزلة الفصل بين المعارضة المسلحة المعتدلة و المتطرفة الإرهابية , بالإضافة إلى تمسكها بمعركة حلب عبر أذرعها الإرهابية في جبهة النصرة و بكل تسمياتها المزيفة , جعلها تستشرس في الدفاع عنهم و حمايتهم ومنعهم الخروج من إحيائها الشرقية , على الرغم من كل الهدن الأحادية الجانب التي أعلنت عنها مؤخرا ً كلا ً من الدولتين الروسية و السورية ووفرتا كافة وسائل الخروج الاّمن للمدنيين الراغبين وللمسلحين والسماح لهم بالتحرك نحو تركيا أو إدلب ولعودة السوريين منهم إلى حضن الوطن و الإستفادة من العفو الرئاسي, فكان وقف الضربات الجوية لعشرين يوما ً ومن باب الحرص منهما على أرواح المدنيين اللذين اتخذتهم تلك التنظيمات دروعا ً بشرية , كافيا ً لسقوط الأقنعة التي أرادت واشنطن من خلالها اللعب على تشويه الدور الروسي و السوري بعزفها على الوتر الإنساني و إقحام ملفات التهم الجاهزة كالكيماوي والحصار و التجويع والتهجير والتغيير الديموغرافي وغيرها , للدفع بملفات المناطق العازلة والعمل على إحياء مؤامرة تقسيم سورية .لقد انتهت الهدنة تلو الهدنة, و يعتقد الكثيرون أن هدنة الأمس الجمعة 416 هي هدنة الفرصة الأخيرة, فقد نفذ الصبر السوري والروسي.. لكن الحكمة والقوة السياسية البعيدة النظر, دفعتهما لنزع القناع الأمريكي, في وقت ٍ كان دخول الجيش السوري إلى تلك المناطق متاحا ً.إن تعقيد المشهد السوري يبقى بحد ذاته غاية ً أمريكية تحتاجه لتمرير فترة رحيل الإدارة الحالية ووصول الإدارة الجديدة , وسط فشل المجتمع الأمريكي و مؤسساته و أياديه الخفية في تقديم صورة مقنعة لدولة عظمى تحاول فرض هيمنتها وسيطرتها على العالم وفق خرافات عراقتها و ديمقراطيتها و قيمها , التي لطالما تبجح قادتها و رؤسائها المتعاقبين على التغني بها , و إختزلت نفسها بمرشحين قدما للعالم صورة ً مخجلة عن بلاد العم سام و حقيقة قادتها القادمين إلى سدة الحكم , وتحولت معاركهما و مناظراتهما الإنتخابية إلى مسارح للفضائح الشخصية اللا أخلاقية لكلا المرشحين , ومنابر للشتم والسباب وكشف المستور ؟ في وقت ٍ يهزء العالم و يستمتع بمتابعة المسرحية الهزلية لأمريكيين يُطيحون بهيبة أمريكا وما تبقى من سمعتها على الشاشات ووسائل الإعلام .أما الواهمون والأغبياء فيعولون على نجاح دونالد ترامب أو هيلاري كلينتون , و ينجرفون وراء "الإيجابيات" أو "المحاسن" ويفكرون بتفادي مساوئ و مخاطر وصول هذا أو ذاك منهم .في وقت ٍ يتعامون عن حقائق باتت معروفة للقاصي والداني بماهية و آلية وصول الرئيس الأمريكي الجديد. فبعد أحداث أيلول الشهيرة , أصدرت الولايات المتحدة ما دعته ب "الوثيقة الأمريكية" تحت عنوان إستراتيجية الأمن القومي", التي يعتمد عليها "معهد واشنطن للسياسة في الشرق الأوسط" في صياغة السياسة الأمريكية هناك لتقديم أوراق عمل ٍ كل أربع سنوات تُقدم للرئيس الأمريكي الجديد مع بدء ولايته, بهدف تقوية العلاقة الإستراتيجية والعسكرية الأمريكية – الإسرائيلية وتظهيرها كقوة خير ٍ في مواجهة محور الشرّ.ومن اللافت ذكره أن ستة ً من الموقعين على الدراسة الأولى استلموا مناصب عليا في إدارة بوش , و أحد عشر مسؤول رفيع في إدارة بيل كلينتون من بينهم مادلين أولبرايت , فيما ضمت الثالثة جوزف ليبرمان المرشح الرئاسي لعام 2000 , و شهدت الإدارات اللاحقة وجود بول ولفويتز كنائب لوزير الدفاع و جيمس روش وزير الطيران الحربي في حكومة بوش الإبن , وعديد المستشارين ممن يدعون بصقور اليمين المتطرف ك ريتشارد بيرل و زعيف شيف وهي شخصيات لطالما كانت فاعلة في رسم السياسة الأمريكية.. الأمر الذي يؤكد إحكام قبضتها على كافة مفاصل القرار في الولايات المتحدة الأمريكية , خاصة في ملف صناعة الرئيس الأمريكي الجديد. بات من السذاجة بمكان المراهنة على فوز المرشح الديمقراطي أو الجمهوري في بلد ٍ سقطت عن وجهه كافة الأقنعة و ظهرت أنيابه و أظافره علانية ً وهي تمتد نحو الشعوب والدول , وسط طقوس ٍ شيطانية و محافل دموية لن تتوقف عند حدود تدمير العالم , و لا نجد في الإستحقاق الإنتخابي الأمريكي القادم خلال ال 72 ساعة القادمة سوى ولادة ً جديدة للشيطان الجديد .
التاريخ - 2016-11-08 5:11 PM المشاهدات 761
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا