وحقوق الانسان ومؤتمرات الحوارعبد الرحمن تيشوري / كاتب وباحث سوريصوت هاتف يرن: ألو ... مقهى النخبة، هنا نيويورك مبنى الامم المتحدة المقر الدائم. أريد أيوب العربي او ستيفان دي مستورا.أيوب العربي: هو الذي يتكلم.الصوت: أنا الدكتور بان كي مون الامين العام المنافق القلق على العالم وعلى الامم المتحدة. الم تعرفني؟أيوب: مع الأسف.الصوت: ولو، أنا الأمين العام الجديد للأمم المتحدة. ما هذا؟ تكاد تنتهي مدة ولايتي الثانية ولم تعرفني أو تحفظ اسمي انا بان القلق دائما يا خيي ايوب؟أيوب: بسيطة يا سيدي، فنصف الوزراء الذين يتحدثون باسمي وبيدهم لقمتي ومصيري لا أعرف أسماءهم، وبعضهم لا أسمع به إلا عند تشكيل الوزارة وكذلك اعضاء البرلمان الذين سنيطقون باسمي ويشرعون لي القوانين. على كل حال، أهلاً وسهلا بك يا سيدي القلق، أية خدمة؟الصوت: تعرف أن الاستعدادت بذكرى الإعلان عن حقوق الإنسان قد بدأت.أيوب: أي انسان! الإنسان الآلي او الاسود الداعشي ابو لحية؟الصوت: لا. لا. الإنسان العادي المواطن الذي من لحم ودم ومشاعر. الإنسان الذي يزرع لنأكل، ويغزل لنلبس ويموت لنحيا.أيوب: وما علاقتي أنا بهذا الموضوع؟الصوت: إن الأمم المتحدة معنية هذا العام بإقامة احتفالها السنوي بهذه المناسبة في إحدى دول العالم الثالث الفقيرة حيث الانسان له كل الحقوق ولا يأكل ولا يشبع وثمن المنزل عشرة ملايين ليرة سورية .أيوب: ألم تجدوا سوى دول العالم الثالث مكانا للاحتفال بحقوق الإنسان؟الصوت: لا. لأن هذه الحقوق في تلك البلاد وخلافاً للتقارير ما زالت موضع شك. ولهذا وجّهت الدعوة إلى كبار الكتاب والفنانين والتكنوقراطيين والصحفيين والدكتور الجديد سلمان بن عبد العزيز الذي لا يعرف فك الحرف والقراءة للمساهمة في هذا الاحتفال ليأتي فيلماً وثائقياً وشهادة حية أقف من خلالها على واقع هذا الإنسان وطموحاته، وعلى العوامل التي تجعل وتيرة نموه أقل بكثير من طاقاته وإمكاناته. وأريدك أن تشرف عليه شخصياً من حيث استقبال المدعوين وملاطفتهم، وترتيب أماكن جلوسهم، ومراجعة كلماتهم. انني أعتمد كثيراً على خبرتك وحكمتك في نجاح هذا الاحتفال العالمي الكبير / ومين قدها غيرك خي ايوب /لان اصلك سوري وتفهم كثيرا بحقوق الانسان وبلدك حضاري عمره 8000 عامأيوب: ولكنني تركت الأدب والسياسة وكل هذه الامور الرومانسية الانسانية النبيلة منذ زمن بعيد الصوت: هذا ليس موضوعاً سياسياً أو أدبياً، إنه موضوع إنساني . هل تخليت عن إنسانيتك أيضاً؟أيوب: لا. ولكنك فاجأتني بمهمة خطيرة ليس عندي أي استعداد نفسي أو معنوي للاضطلاع بها. ليس عندي حتى الثياب اللائقة لأظهر بها في هذه المناسبة.الصوت: سترتدي ثياب الأمم المتحدة ولا يهمك الثياب علينا والهندام علينا والشعارات عندنا.أيوب: حسناً . وزمان ومكان الاحتفال؟الصوت: كل هذه المعلومات ستصلك برقياً في حينه.أيوب: والتعويضات!الصوت: ستكون مغرية وبعملة البلد العالمثالثي المضيف.أيوب: لا أنا يساري تقدمي ولا أقبض إلا بالدولار.الصوت: وكيف صرت يسارياً بين ليلة وضحاها؟أيوب: كما صار الأستاذ المرحوم محمد حسنين هيكل وبرهان غليون المنافق الملعون. هل هو أحسن من غيره؟الصوت: جهّز نفسك للسفر فوراً.أيوب: وما أن وصلت إلى مكان الاحتفال حتى هرع كبير الموظفين المكلّف بمرافقتي للاطلاع على كافة الاجراءات المتخذة، يشرح لي الآمال المعلّقة على هذا الاحتفال وسط بحر من الوفود والصحفيين والمصورين والمراسلين والجميلات الذين تقاطروا من جميع أرجاء آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينية: هذا يعبيء غليونه، وذلك يشعل سيجاره، والذي يراجع كلمته، والذي يختصر منها، أو يضيف عليها، وضحكات من هنا وتعليقات من هناك. وما أن بلغت القاعة المخصصة للاحتفال حتى صرخت بمرافقي: ما هذه الفوضى؟ من سمح لهم بالجلوس بهذا الترتيب العشوائي؟المرافق: لقد اختار كل وفد مكاناً وجلس فيه وليس عندي أية سلطة تحول دون ذلك.أيوب: أما أنا فعندي مثل هذه السلطة. ثم من هؤلاء الذين يجلسون في الصف الأول ويلفون ساقاً على ساق بكل هذه العظمة؟المرافق: وفود من الدول العربية الخليجية.أيوب: وماذا جاؤوا يفعلون بهذه المناسبة؟ من وجّه اليهم الدعوة؟ ما من مؤتمر أو مهرجان في مناسبة حقوق الانسان، أو حقوق الملاحة، أو حتى حقوق الفقمة.. او محاربة الارهاب إلا وتراهم جاهزين بكلماتهم وتوصياتهم وبرقيات تأييدهم واستنكاراتهم. يا إلهي. هل ينامون بثيابهم في المطارات؟ أخرجهم حالا من القاعة كلها، بل حتى لو وجدت في هذا المبنى ولو "تواليت عربي" سأقدم استقالتي وأنسحب.المرافق: ألا يمكن أن نسمح لهم بالبقاء ولو كمراقبين؟أيوب: مراقبين على ماذا؟ على حقوق الإنسان؟ هل أنت أجدب؟ هل يؤتمن الثعلب على الدجاج؟ هيّا ... ليغادروا المكان، ولتقف جميع الوفود في الزاوية ريثما أعيد ترتيب الجلوس حسب هذه اللائحة التي أعددتها بنفسي. فهناك أصول ومقامات يجب أن تراعى في مثل هذه الأحوال.المرافق: وهذه لائحة يا سيدي بأهم البحوث والكلمات والخطابات والموضوعات التي ستلقى في الاحتفال. هل أتلوها عليك؟أيوب: طبعاً، وبسرعة.المرافق: كلمة الافتتاحة سيلقيها الدكتور خوريا موريا من الأرجنتين عن الجذور التاريخية لحقوق الإنسان عند جان جاك روسو. ثم يعقب عليه الدكتور غوهو موهو من أفريقيا الوسطى بمقولة ديمومة الإنسان لهيغل.أيوب: عظيم ولكن أسرع.المرافق: ثم هناك التكنولوجيا ومستقبل الإنسان.الاسطورة وخيال الانسان.الميثولوجيا وطقوس الانسان.فولتير وروح الانسان.الملك سلمان بن عبد العزيز وقطع رأس الانسانثم بيتهوفن وعظمة الانسان. والحركة الرابعة من السمفونية الثالثة وقدر الإنسان.ثم آسيا تنهض.أمريكا اللاتينية تتمخض.افريقيا تتحفز.أيوب: عظيم . عظيم . والآن، يجب أن يكون ترتيب الجلوس على الشكل التالي:في الصف الأول: يجلس الارهابيون واصحاب اللحى ورجال الدين المنافقون والحدادون والنجارون والسباكون واالمقاولون والمهربون وأصحاب الملاهي والكباريهات والنساء النصف عاريات.المرافق: سيدي. ما هذا غير معقول ما تفعل؟أيوب: لا أريد مناقشة أو اعتراضا من أحد فهذا الترتيب نهائي. وجاء نتيجة دراسة ميدانية في معظم أرجاء العالم الثالث ودول الارهاب العربي الخليجي. ثم، لو لم أكن موضع ثقة سيادة الأمين العام للأمم المتحدة السيد بان كي مون القلق لما كلفني بهذه المهمة، وأرجو عدم مقاطعتي بعد الآن.يليهم في الصف الثاني: أصحاب البنوك وتجار العقارات والموبيليا والمفروشات والوزراء والنواب.يليهم: السفراء والقناصل ورؤساء البعثات الأجنبية.يليهم: القضاة والأطباء والمحامون والمهندسون.يليهم: الطلاب والمدرسون والمقررون والمفتشون.يليهم: العمال والفلاحون والحراس والليليون.يليهم: الحمالون وماسحو الأحذية والباعة المتجولون.يليهم: النشالون والجانحون وأرباب السوابق.وأخيراً، يليهم: الكتاب والصحفيون وأرباب القلم والمفكرون والفلاسفة.ثم: ليوضع في مقدمة الجميع بوط عسكري سوري من المقاس الكبير نمرة / 45 / بوط النمر او العميد زهر الدين / ليشرف مكانهم وليعلمهم حقوق الانسان والقانون الدولي العام والقانون الدولي الانساني ومهام الصليب الاحمر ومهام الهلال الاحمر.واحتفلوا وناقشوا بعد ذلك حتى يورق الصوان ايها الاوباش الكلاب يا زعران بني سعود وبني صهيون.
التاريخ - 2017-01-16 8:57 PM المشاهدات 1315
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا