أسس تنظيم "داعش" الإرهابي بعد اشتداد عوده في سوريا والعراق لتجارة البشر والفدية ووضع العالم في جرائم ذبحه وهمجيته أمام مشهد مرّوع لم تر البشرية مثله منذ القرون الوسطى وقبلها.ولكن، وبعد الهزائم التي راح يتجرع مرارتها في الآونة الأخيرة في سوريا والعراق، يتحول عناصر التنظيم وبالتدريج، من نخاسين إلى عبيد يباعون ويشترون لقاء الحفاظ على حياتهم وفي محاولات منهم للإفلات من قبضة الأجهزة الأمنية في الدول التي تطاردهم وتكافح تنظيمهم."الدواعش" صاروا سلعة مربحة يكسب من ورائها المتجرون بالبشر عائدات طائلة ببيعها للفصائل المسلحة الناشطة في سوريا والعراق، ولاستخبارات بلدان كالولايات المتحدة وتركيا .أبو يزن، المنتمي لـ"الجبهة الشامية" الناشطة شمال سوريا، وهو تنظيم مدعوم من أنقرة وواشنطن، طلب كسائر "الثوار" الذين تمت مقابلتهم عدم الكشف عن هويته، وقال في تعليق على هذه الظاهرة العكسية: "كل فصيل يتاجر بمقاتلي "داعش"، ولا تصدق أي شخص ينكر ذلك".زمان "داعش" الأول تحول، وباتت رؤوس عناصره جوائز مجزية يحصل عليها الناشطون في تجارة البشر في مناطق سيطرته التي تعمها الفوضى في سوريا والعراق، حيث يباع الداعشي ويشترى بغض النظر عمّا إذا كان وقع في مصيدة الفصائل المسلحة أو الجيوش التي تقاتله، أو انشق عن تنظيمه علّه يغسل بذلك عن يديه دم من قتلهم وعذبهم.الداعشي المنشق الآن، يسخى بمبالغ مجزية للمهربين لقاء تيسير فراره من مناطق نفوذ تنظيمه المتبقية والتي تنحسر يوما بعد يوم أمام تقدم الدول والجهات التي تكافحه، فيما أكثر صفقات الاتجار بالدواعش ربحا في الوقت الراهن، أضحت القبض على داعشي أجنبي مطلوب لحكومته التي تترقب عودته على أحر من الجمر، ومستعدة لشراء رأسه بأي ثمن.المهربون والمتجرون بالبشر، يؤكدون من جهتهم في هذه الأثناء أن دول الخليج هي الأكثر حرصا على تلقف الدواعش المطلوبين لأجهزتها الأمنية والأسخى بين الدول المترقبة، ومستعدة لدفع ملايين الدولارات "فدية" لضبط الداعشي وإحضاره موجودا.أبو علي سجو زعيم تنظيم ما يسمى بـ"الجبهة الشامية" في سوريا وصاحب اسم أشهر من نار على علم في عالم تجارة البشر، جنى الملايين من "مهنة" بيع الدواعش التي احترفها بعد سيطرته على معبر باب السلام الحدودي بين سوريا وتركيا حسب مهربين.ويجمع معظم "الثوار" على أن التعرفة التي فرضها المهربون على عبور الداعشي الآمن من منطقة تخضع لتنظيمه إلى أخرى لا تقل عن 10 آلاف دولار، فيما يتعين على الداعشي الفار بهذه الطريقة رصد 10 آلاف دولار أخرى إذا ما أراد النفوذ بجلده إلى تركيا.علي سجو من جهته زعم حسب أحاديث تروج بين المهربين بأن خليجيين اثنين موقوفين لديه ويحملان الجنسية الأمريكية، عرضا عليه مبالغ مالية طائلة ثمنا للحرية، و"أغرياه بـ10 ملايين دولار لإعتاقهما لكنه رفض، مشيرا إلى أن جميع المفاوضات حول مصيرهما تمت عبر سماسرة وفضل النأي بنفسه عن صفقات من هذا النوع وسلمهما لبلديهما بلا مقابل".الاتجار بالدواعش، لا يقوم بالكامل على غايات ربحية، بل له جوانب سياسية أو استراتيجية في الكثير من الحالات، وذلك وفقا لقيم أشد سوداوية من اتجار "داعش" بالأفراد واتجار المهربين بالدواعش المنهارين.أحد المعارضين السوريين المقيمين في تركيا، يقول في تعليق بهذا الصدد: "يمكنك أن تبقي على سجين لاستجوابه وانتزاع المعلومات منه. وبهذه الطريقة سترى وكالة استخبارية أجنبية أنك تملك معلومات قيمة للغاية بالنسبة إليها من هذا السجين".أحد مقاتلي تنظيم "أحرار الشرقية"، وفي سياق ما أشار إليه المعارض السوري المقيم في تركيا يؤكد أنه وعلاوة على ذلك، تشهد مناطق انتشار المسلحين و"داعش" تبادلا تجاريا شبه يومي للرهائن بين الفصائل المسلحة والتي بينها تلك المنخرطة في عملية استرداد مدينة الباب السورية من "داعش".تجارة "داعش" بالبشر ازدهرت وبلغت ذروتها في الفترة بين عامي 2013 و2014، حيث باع هو وبعض الفصائل الملتحقة به الرهائن وفي مقدمتهم الصحفيون وعمال المنظمات الإغاثية لفصائل مسلحة أخرى، وجنى حسب تخمينات المراقبين ملايين الدولارات "فدية" لرهائن أوربيين، وذبح آخرين في مشاهد فيديو كشر فيها عن أنيابه وأماطت عنه لثام الإسلام الذي زعم انتماءه له ونشط تحت رايته.المصدر: " فاينانشال تايمز"
التاريخ - 2017-02-18 2:27 PM المشاهدات 1541
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا