ارتفعت رايات «داعش» السوداء لاول مرة امس في شرقي مدينة عين العرب او كوباني السورية على الحدود مع تركيا بعد معركة استمرت ثلاثة أسابيع، وسط توقعات بمجازر وحرب شوارع بين قوات التنظيم والمسلحين الاكراد.والى جانب الاهمية الثقافية لعين العرب التي هي مركز منطقة تاريخية هامة في سوريا، تنتشر فيها الاوابد الأثرية التي تعود لحضارات آرامية و آشورية قديمة، فقد اكتسبت اهمية رمزية واستراتيجية، باعتبارها اول اختبار لمدى قدرة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على منع «داعش» من توسيع «دولته» عبر الحملة الجوية فقط.وعلى الرغم من ان غارات التحالف لم تتوقف عن استهداف قوات التنظيم المنتشرة في شرق المدينة وجنوبها طوال الاسابيع الماضية، الا انها فشلت حتى الان في انقاذ المدينة التي اضطر اغلب سكانها الى الهروب تحت القصف المدفعي من «داعش» الى الحدود التركية القريبة. ولا شك ان نجاح «داعش» في الاستيلاء على عين العرب سيمثل دفعة معنوية لقواته في مختلف الجبهات، كما انه سيثير اسئلة صعبة بشأن ما اذا كان من الضروري اجراء مراجعة لـ «استراتيجية اوباما» التي تعتمد على الهجمات الجوية مع استبعاد ارسال قوات برية غربية الى العراق وسوريا.ومن بين الاسئلة المشروعة التي سيتعين على التحالف ان يجيب عنها قريبا، كيف سينجح في مهاجمة قوات «داعش» المتمركزة داخل مدن او تجمعات سكنية ان كان فشل في تحييد تلك التي كانت تتمركز في الصحراء خارج عين العرب؟وحسب تصريحات للمتحدث باسم البنتاغون جون كيربي قبل عدة ايام، فان «طائرات التحالف استطاعت رصد العديد من القواعد العسكرية ومخازن الاسلحة التابعة لـ «داعش» لكنها لم تستطع ان تستهدفها تجنبا للخسائر البشرية الكبيرة»، وهو ما لا يصدقه قطعا خطيب الفلوجة الشيخ حميد الجميلي الذي اعتبر الجمعة الماضية ان الغارات الجوية التي يشنها التحالف بدعم من حكومة بغداد اصبحت تشكل «نوعا من الابادة الجماعية لأهل السنة» في غرب العراق.وربما يجد الشيخ الجميلي سندا لزعمه في حادثة القاء طيارين من القوات الجوية العراقية مساعدات غذائية بدلا من القنابل على داعش الاسبوع الماضي(..) اذ انهم ربما القوا قنابل بدلا من مساعدات على السكان في مناطق اخرى(..).لقد أحسن «داعش» الاستعداد للغارات، اذ قام باعادة انتشار واسعة لقواته، كما ابقى راياته السوداء على كثير من المباني بعد اخلائها، ضمن خطة واسعة للخداع العسكري، تثبت حرفية قياداته الذين ينتمون الى الجيش العراقي السابق.ولا يقتصر الفشل على الجانب العسكري بل يمتد الى الناحية الاستخباراتية التي هي الاساس الحتمي لاي حرب ناجحة، وهو ما كشف عنه اعتراف مسؤول عراقي امس بنجاح ثلاثة آلاف عنصر من «داعش» في دخول محافظة الانبار، قادمين من مناطق مختلفة في سوريا والعراق، وهو ما اعتبره محقا «انتكاسة امنية كبيرة».أما على الارض، فعلى الرغم من تعهدات رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو بـ «عدم السماح بسقوط عين العرب»، فقد اكتفت تركيا حتى الان بمراقبة ما يحدث، بعد ان وضعت قواتها القريبة من المدينة في حال الاستنفار.وكان النظام السوري أعلن انه سيعتبر اي تدخل تركي بمثابة عدوان، فيما اشارت تقارير الى ان انقرة وضعت شروطا للتدخل بينها ان يقطع الاكراد السوريون اي صلة بالنظام، وان يتراجعوا عن اعلان منطقة حكم ذاتي، بالاضافة الى الشروط التي اعلنتها القيادة التركية من قبل، وبينها ان يستهدف التحالف اسقاط النظام، وان ينشئ منطقة عازلة على الحدود التركية السورية، وهو ما يلقي في المحصلة شكوكا على امكانية حدوث ذلك التدخل.اما عراقيا فقد اعلن رئيس الوزراء العراقي بوضوح ان حكومته ترفض وجود اي قوات برية اجنبية، سواء غربية او عربية، لمحاربة داعش وهو ما يزيد الوضع تعقيدا.ومع توسع غارات التحالف سواء من جهة عدد الطلعات او نطاقها او عدد الدول المشاركين فيها، يبرز السؤال المشروع ان كانت الحملة الجوية ستتحول الى نوع من «الحرث في البحر» مع استمرار «داعش» في تحقيق «الفتوحات»، او حتى احتفاظه بمواقعه؟واذا كان التخطيط لاستعادة الموصل، التي استولى عليها «داعش» في ليلة ليلاء، سيحتاج الى عام على الاقل حسب تصريحات للتحالف، فكم من الاعوام سيتطلب القضاء على «داعش» حسب استراتيجية «اوباما» العقيمة او «العرجاء» على افضل تقدير؟
القدس العربي
التاريخ - 2014-10-07 6:38 PM المشاهدات 1604
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا