لأول مرة منذ بدء الحرب تضبط الساعات السويسرية على توقيت دمشق على وقع الانتصارات الاستراتيجية التي يحققها الجيش السوري، خاصة على جبهتي حلب وبالأمس في تدمر، والتي ترددت أصداؤها في جنيف لتصرف مباشرة على طاولة الحوار ولتكون ورقة المبادئ التي قدّمها الوفد السوري أسّ العملية السياسية القائمة على أولوية مكافحة الإرهاب.وحدها “هيئة الرياض” لا تزال ترفض إدراج بند محاربة الإرهاب على جدول الأعمال، على الأقل ريثما يعود وفدها من جنيف، حيث أن السواد الأعظم منه ينتمي لتنظيمات تكفيرية هذا من جهة ومن جهة ثانية، هي تحاول أن تقول بلعبة سياسية غبية أنها عندما تقبل بهذه السلة، عاجلاً أم آجلاً، فهي تتنازل في سبيل الوصول إلى مخرجات لتسوية الأزمة، رغم أن القاصي والداني بات يدرك أنها لم تهرول إلى جنيف إلا بعدما لم يبق لمشغليها في مضارب بني سعود أي ورقة إرهابية يلعبون بها في الميدان السوري، ولعل تجاهل المجتمع الدولي لهم في أستانا وجنيف أوضح دليل على أن ورقتهم سقطت، وبالكاد يحصلون في السياسة ما يحفظ شيئاً من ماء الوجه.انتظر السعوديون ووفدهم إلى جنيف كثيراً كلمة من ترامب تسعفهم في الإبقاء على تعنتهم.. استجدوه مرات ومرات وارتموا في أحضانه وأبدوا استعدادهم تنفيذ ما يطلب منهم، لكن الأخير “أذن من طين وأخرى من عجين”، فهل وصلتهم الرسالة بأن ورقتهم أصبحت منتهية الصلاحية بعدما سقطوا في رهان تنفيذ المهمة الموكلة إليهم في إحداث تبدل في ميادين القتال لمصلحة أمريكا والكيان الصهيوني، بل إن الرئيس الأمريكي الجديد تصرّف عكس ما يشتهون تماماً عندما أعلن خلال أيام جنيف بأن خطته لمحاربة الإرهاب لن تقتصر على سورية والعراق وأنها ستشمل العالم برمته، ما يعني بشكل أو بآخر وصول البلّ إلى ذقون الممولين والمفرخين في الخليج.مع انتهاء أعمال “جنيف 4” يمكن القول: إن الحرب انتهت وبدأت سورية حصاد موسم صمودها، رغم الأذى الذي لحق بها من الأعراب والأغراب، لأكثر من ست سنوات، وستفرض على الدول التي ساهمت في الحرب التعاون لمكافحة الإرهاب قبل أن يقضّ مضاجع من موّل ودعم، وسيترك للسوريين رسم مستقبلهم وفق ما يشتهون مع الحفاظ على سورية دولة علمانية ديمقراطية موحّدة مستقلة القرار، ليس فيها مكان للخونة والمأجورين وبائعي المواقف في بورصة دولار النفط العفن.. أجمع الرعاة الدوليون أن كلمة الفصل هي للشعب السوري الذي صمد وتحمّل عذابات القتل والتشريد والتدمير والعقوبات الغربية الظالمة، وليس لمن باعوا ضمائرهم وحلموا بأن يتسلموا مفاتيح دمشق في الخارج لاستكمال مخطط المشغلين في الداخل.باختصار، سورية تسطر اليوم انتصارات في مواجهة الإرهاب التكفيري وفي مجابهة من حاولوا كثيراً تبديل “سلوك” سورية على الساحة الدولية، وكذلك اللاهثين وراء مناصب سياسية ومصالح شخصية ضيّقة. وما حدث خلال اليومين الماضيين والمتمثل بتطهير مدينة زنوبيا من رجس الإرهاب، وفرض وفدنا على المجتمعين في جنيف الحل وفق أجندة وطنية، وهو ذاته الذي نادت به الحكومة السورية وعلى رأسها السيد الرئيس بشار الأسد منذ بدء الحرب، هو أبلغ دليل على أن من يدافع عن قضية محقة حتماً هو المنتصر، وأن أبناء حضارة عمرها أكثر من سبعة آلاف عام ليسوا بحاجة لمن يقرّر بالنيابة عنهم ويرسم لهم منهج مستقبلهم، وهم قادرون مهما اشتدت العواصف على النهوض من جديد.. والتاريخ يشهد.عماد سالم
التاريخ - 2017-03-05 8:25 PM المشاهدات 509
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا