خاص - الحدث - بقلم إسماعيل علي يتجلى للمتابع والراصد المسؤول لواقعنا اليوم إذا كان ينظر بعيني البصيرة والتمعن بحيث يسلط عين على الجانب (المادي) المحسوس المشاهد الملموس عبر السيرورة التاريخية للأحداث والتغيرات والتقلبات والأحوال فقد يصل إلى نتيجة حتمية بأن التاريخ كما يقال يعيد نفسه. وبأخرى على الجانب (المعنوي) الغيبي الذي يتدفق من قوة المعنى؛ فإنه _ أيضاً _ يصل إلى النتيجة الحتمية بأن النواميس والسنن الكونية جارية حسب سيرورتها وتكونها الذي أراد المكون لها أن تكون عليه، وفق منظومة من القوانين المحكمة والمشيئة الإلهية المدبرة، لا حسب ما نريد نحن لها أن تكون باعتبارات بشرية سطحية، وقوانين وضعية، وصنعة يدوية، وإذا أردنا هذا بهذه المقدمات؛ فحساباتنا خاطئة ورصدنا غير دقيق، و النتيجة _أيضاً_ خاطئة؛ فيحكم على هذه الإرادة بالفشل الذريع.. فبعد مرور أكثر من 660 يوماً من العدوان الظالم على اليمن بكل الوسائل المتاحة والممكنة الهائلة والضخمة ؛ بعقيدة "مادية" تكنلوجية، وبأيدلوجية "تقنية" وبقدر إيمانهم الراسخة بجدوى وسيلتهم المطلقة في تغيير المعادلة على الأرض، وإخضاع الأمة اليمنية للاستسلام والرضوخ أمام مطالبهم في أقل من 18 عشر يوماً.. كان لسبب واحد هو: عدم امتلاك اليمنين لهذه التقنية وهذا العتاد وهذا المال وهذا الرصيد من الإيمان بالمادة أو بالأحرى (الأيدلوجية التقنية).حقيقة هو السبب نفسه الذي أذهل وحير اليمنين قبل غيرهم في هذا العالم، صمود عظيم بهذا القدر من التحمل والصبر .. صمود أسطوري تاريخي بوسائل بدائية قد دُفنت في سلال التاريخ ودفائن العلم و الحداثة..ومع كل هذا الحصار والعدوان والتضيق، واستخدام الورقة الاقتصادية كونها القشة التي تقسم ظهر البعير؛ بالمقابل أزداد العطاء والبذل والتكافل والتكاتف، ورفد الجبهات بالرجال، والبنوك بالمال.وما كل هذا إلا نتيجة حتمية لما لدى اليمنيين من قوة إيمانية وروحية ومعنوية، كلها تُستمد من الغيب الذي هو العون والناصر؛ فنعم المولى ونعم النصير..اليمنيون يمتلكون مخزون معنوي وطاقة إيمانية كامنة موجهة في سبيل الله، وهي وحدها التي تستطيع أن تدفع المعتدي والمستكبر من واقع الدفاع عن الأرض والعرض. حتماً فشل الوسائل المادية والعقيدة التقنية التكنلوجية برهان دامغ على الجانب المعنوي الروحي الغيبي، و مدى فعاليته في حسم المعارك المادية بقدر التمسك بها، ومن يرى أن التسيُد معياره التقدم التقني ومن يمتلكه فعليه أن يعيد حساباته بعدم النفي للجانب الغيبي الديني فهو القوة الحقيقية الثابتة، وذاك هو المتغير المتحول عبر الزمن، وهذا معنى السنن الكونية والسيرورة التاريخية للمتغيرات عبر التاريخ..وما علينا _ هنا_ إلا أن نعيد التذكير بهذا الجانب وبهذه المعجزة التي لا تتطلب بعثة جديدة، وهذه هي الآيات والنذر متجسدة في صمود شعبنا اليمني في وجه ألة الموت والحداثة، كما أنها رسالة ربانية لنا؛ فهي _أيضاً_ رسالة إلهية لكل شعوب العالم أفراداً، وجماعات، وأحزاب، وتكتلات، ومكونات؛ بتوثيق العلاقة من جديد مع هذه القوة الحقيقية (الأيدلوجية الدينية) التي أثبتت فعاليتها في وجه (الأيدلوجية التقنية) وأن يعيدوا النظر في مسلماتهم المصنوعة المفتعلة الموجهة "وحدانية العوالم" وهي العالم الشاهد (المادي) لا " تعدد العوالم" الغيبي؛ فالشاهد هو الدليل على الغائب.يبدوا أن أكثر من 660 يوماً كافية بأن تصل الرسالة؛ بأن الشعب قد كسبها بدمه ودموعه؛ لأنه يخوض الحرب بأخلاق وقيم.. على شعوب العالم الحر، والأنظمة الحرة أن يأخذوا الدرس والعبرة من الشعب اليمني بكونه يمتلك القدرة والقوة على الصمود والتحدي، وبأنه يأبى أن يضام من واقع الدفاع ودفع العدوان لا الاعتداء؛ لأن هذه حضارته وهذه قيمه وهذا نبله وأصالته عبر التاريخ..نحن شعب حضارة.. نحن شعب قيم.. نحن شعب إيمان وحكمة..نحن شعب رحمة وجماعية نحترم الأخر أكثر بقدر ما يحترمنا.. من واقع الندية لا التبعية والعبودية..660 يوماً كفيلة بأن توصِل الرسالة لقوى الخارج المتحالفة مع العدوان ومن وراءه بأن مايقارب عامين من العدوان والظلم والدمار والخراب؛ لمدراسنا وبنانا التحتية من مطارات ومشافي ومواني وطرقات، لا تحقق لك هدف سوى العار في الدنيا والاثم في الأخرة؛ فما أنت إلا موجود بسيط. لست أنت المخول في إدارة شؤون الحياة فالله هو ذاك المخول لا أنت.. رسالة القوى الداخلية يجب أن تعي أن لا أحد يستطيع أن يلغي الأخر، فالحوار النموذجي الذي كان دائر قبل العدوان هو المخرج الوحيد الذي يفوّت كل الفرص على العدو، والمستغل، والمستفيد من الحروب الداخلية..
التاريخ - 2017-03-10 9:10 PM المشاهدات 873
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا