سورية الحدث بسبب ظروف الحرب والتهجير لأعداد كبيرة من السوريين إلى الخارج، اضطر الشباب إلى الزواج بالوكالة، اذ قدر القاضي الشرعي الأول محمود المعراوي نسبة عقود الزواج وإثبات الزواج الإداري، التي تتم بالوكالة نحو 54% وكالة يومياً، فضلاً عن دعاوى تثبيت عقود الزواج، منوهاً بأن هذه النسبة وفقاً لإحصاءات شهر واحد كما أنه لا توجد احصاءات رسمية لديهم. ويؤكد القاضي الشرعي الأول أن قانون الأحوال الشخصية أجاز التوكيل في عقد الزواج بالوكالة، وسمح لأي شخص خارج القطر أو حتى داخله أن يوكل شخصاً من طرفه أو يوكل محامياً، من أجل إبرام عقد الزواج مع الزوجة أو وكيلها، مضيفاً: أنه قد يواجه البعض ممن في الخارج مشكلات تتعلق بتثبيت عقود زواجهم، حيث يتم الزواج عرفياً في البلد الذي يكونان فيه، لتبدأ بعدها رحلة تثبيته في المحكمة شرعياً، ويبين أنه في مثل هذه الحالة يكون تثبيت الزواج عبر وكالة تنظم في السفارة السورية في البلد الذي يقيمان فيه، ليتم تصديقها فيما بعد في وزارة الخارجية وصولاً لتثبيت العقد في المحكمة الشرعية.بالمراسلة الخطيةفيما يتعلق بعقود الزواج عبر سكايب وتثبيتها عبر وكيل في المحكمة، يبين القاضي الشرعي الأول أن القانون أجاز الزواج بالمراسلة الخطية ومن باب أولى الزواج عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي الصوتية- المرئية ويوجد شاهدان يعرفان هذا الخطيب بحضورهما وحضور الخطيبة ووليها وفي هذه الحالة يكون العقد صحيحاً، مضيفاً أنه من باب الحيطة والحذر يفضل ألا يتم الزواج عن طريق كتاب (شيخ) عرفياً لمن يقيم في الخارج وممكن أن يوكل أحداً من أهله أو محامياً ليتم إجراء العقد في المحكمة مباشرة.التعميم للسفاراتمن الضروري التعميم لسفاراتنا الموجودة في الخارج بأن القانون أجاز للقاصر الزواج ضمن أربعة ضوابط يتحقق منها القاضي الشرعي يقول المعراوي: هي البلوغ وموافقة الولي واحتمال الجسم والتناسب في السن، وبناء عليه فمن حق القاصر التي تجاوزت سن البلوغ أن توكل أي شخص لإجراء عقد زواجها أو لتثبيته خاصة مع وجود وليها، مشيراً إلى أن بعض السفارات ترفض إجراء وكالة خاصة لزواج القاصر وهذا مخالف للقانون، علماً أنه لا يوجد أي مانع قانوني من تنظيم الوكالة ما دام القاضي الشرعي هو الذي سيتحقق من توفر الشروط القانونية لزواج القاصرات، على أن تكون الوكالة مصدقة من وزارة الخارجية وذلك بعد تصديقها من وزارة الداخلية، لافتاً إلى وجود عدد من الوكالات التي لا تصدقها الأخيرة لأسباب عدة، وفي هذه الحالة لا يمكن اعتمادها ولابد عندئذ من رفع دعوى تثبيت زواج.مشكلات ناجمة عن التأخيرودعا الجهات المختصة إلى تسهيل منح رخص الزواج للعسكريين لكون بعضها قد يأخذ أحياناً سنة كاملة ما يجبر البعض على اللجوء إلى العقد العرفي، وتأجيل التثبيت في المحكمة إلى ما بعد الحمل أو الولادة وهو ما ينتج عنه مشكلات فيما بعد..ورداً على الدراسة التي تجريها وزارة المالية، والتي من الممكن أن تسهّل دفع الرسوم في القنصليات أكد أنه ليست لديه أي معلومة، وفي حال وجود دراسة في هذا الخصوص يجب إشراك الجهة القضائية بها.ضياع النسببينما لتثبيت الزواج بين المحافظات، ولاسيما الساخنة منها، طعم آخر بنكهة الخوف، كحال أسماء التي خرجت برفقة والدها من ريف إدلب إلى محافظة حماه لتثبيت زواجها، وتسجيل ابنها الذي كاد أن يبلغ سنّ المدرسة ولا أوراق ثبوتية تثبت نسبه لوالده، وتذرعت أسماء بالمرض ويجب عليها السفر إلى حماه للعلاج، وبعد دفع ما يقارب 50 ألف ليرة للمجموعات المسلحة التي تسيطر على الحواجز، فضلاً عن أجرة الطريق التي تصل إلى نحو 15 ألف ليرة للشخص الواحد، تقول: إن زوجها من المطلوبين من قبل التنظيمات الإرهابية منذ بدء الهجوم على بلدتهم وبعد زواجهما بسنة رزقت بطفل وليس لديهما ما يثبت أنهما زوجان… وهذا ما دفعها لمغامرة الطريق وللقاء زوجها في حماه لإتمام الأوراق الثبوتية، وهذا حال أغلبية الشباب في المناطق الساخنة وبالتالي ينتج عنه ضياع الأنساب لكثير من الأطفال وتالياً ضياع حقوقهم.وهذا ما حذر القاضي الشرعي الأول منه مؤكداً أنه من باب الحيطة والحذر يفضل ألا يتم الزواج عن طريق كتاب (شيخ) عرفياً، ويمكن أن يوكل الراغب بالزواج أحداً من أهله أو محامياً ليتم تثبيته في المحكمة مباشرة، تفادياً لحدوث مشكلات أهمها ضياع الأنساب وضياع حقوق الزوجة كأن ينكر الزوج عقد زواج عرفياً تهرباً من أداء حقوقها أو يختفي أو يموت، وهنا تعجز الزوجة عن إثبات الزواج إما لأنها لا تعرف أسماء الشهود أو عناوينهم، أو لأن الشهود قد فقدوا أو ماتوا أو هاجروا أو لأنها لا تعرف محل ورقم القيد المدني لزوجها، فيتعذر حينها تثبيت الزواج ولا تتمكن من المطالبة بحقوقها الزوجية ويضيع نسب أطفالها لعدم بناء تلك العلاقات على أسس قانونية سليمة.توكيل شخص عن الطرفين مخالف للقانونحالات كثيرة شهدها القصر العدلي عن تزويج أطراف من دون حضورهما، وعن طريق شخص واحد فقط، وهذا مخالف للقانون ومن خلاله يرتكب جرم التزوير.. وحسب المحامي زهير عجوب في رده على سؤال إذا كان يجوز توكيل شخص واحد عن الطرفين، بين أنه -حسب المادة 5 من قانون الأحوال الشخصية- الزواج بإيجاب من أحد العاقدين وقبول من الآخر، ويمكن لأي طرف أن يوكل شخصاً آخر ينوب عنه في تزويجه من الطرف الآخر كما يمكن أن ينوب وكيلان عن الطرفين بدليل المادة 8 من القانون ذاته التي تقول: يجوز التوكيل في عقد النكاح وتالياً لابد من حضور الطرفين أو من ينوب عنهما من أجل عقد الزواج وتبادل الإيجاب والقبول، أما أن يتولى شخص واحد المعاملة عن الطرفين أو يقوم بتزويجهما بناء على وكالة من الطرفين فهذا لاسند قانونياً أو شرعياً له ومن الممكن للوكيل أن يتزوج من موكلته في حال نصت الوكالة صراحة على ذلك دليل الفقرة 2 من المادة 8 من قانون الأحوال الشخصية.التزوير والاحتيالقد يحدث في بعض الحالات نصب أو احتيال مقابل مبلغ من المال، كإحدى الحالات التي راجع فيها الأب القضاء يقول: تم تزويج ابنتي وهي عندي من البيت إلى المدرسة فكيف تم تزويجها وكيف سرقت هويتها؟.. ليتم التوجيه برفع دعوى لفسخ العقد إلى ما هنالك من حالات كأن تأتي الأخت بهوية أختها لوجود الأخيرة في منطقة محاصرة.وفي مثل هذه الحالات حدد القانون عقوبات وفق ما بين المحامي عجوب أن عقوبة الاحتيال هي الحبس من ثلاث إلى خمس سنوات، والغرامة من عشرة آلاف إلى خمسين ألف ليرة بدليل المادة (17) من المرسوم التشريعي رقم 1 لعام 2011 والمعدل لقانون العقوبات العام.ولكي يقع جرم الاحتيال يجب أن يحمل الفاعل المجني عليه على تسليمه مالاً منقولاً أو غير منقول فيستولي عليه احتيالاً إما بالدسائس أو تلفيق أكذوبة أيدها شخص ثالث، ولو عن حسن نية أو بظرف مهد له المجرم أو استفاد منه، أو بتصرفه بأموال منقولة وغير منقولة، وهو يعلم أنه ليست له صفة في التصرف بها، أو باستعماله اسماً مستعاراً أو صفة كاذبة.والمحتال في موضوع الزواج يمكن أن ينتحل صفة موظف في المحكمة ويوهم الآخرين بأنه قادر على إبرام عقد الزواج في المحكمة فيستلم المال احتيالاً.أما عقوبة التزوير فتختلف بين أن تكون عقوبة جنائية أي تقع من موظف وهي تصل في هذه الحال إلى الأشغال الشاقة خمس سنوات على الأقل المادة (445) من قانون العقوبات العام، أو تزوير في الأوراق الخاصة وهي عقوبة جنحية تصل كحد أعلى إلى الحبس ثلاث سنوات.والتزوير -كما عرفته المادة 443 من قانون العقوبات- هو تحريف مفتعل للحقيقة في الوقائع والبيانات التي يراد إثباتها بصك أو مخطوط يحتج بهما يمكن أن ينجم عنه ضرر مادي أو معنوي أو اجتماعي.ولمعرفة حكم الشرع الإسلامي في هذا الموضوع بيّن لنا الدكتور سمير الشاويش مدير المكتبة المركزية في فرع مجمع كفتارو أن الوكالة في اللغة تطلق على أحد معنيين الحفظ أو الاعتماد والتفويض في الأمر، وفي اصطلاح الفقهاء: تعني إقامة الشخص غيره مقام نفسه في تصرف يملكه شرعاً مما يقبل الإنابة.وعقد الزواج من التصرفات التي تقبل الإنابة فإذا كان الشخص يملك عقده بنفسه في موضع جاز له أن يوكل غيره ليقوم بدله في إنشائه.وبين أن عقد الزواج بالوكالة يشترط وجود ظروف خاصة لا يتأتى معها للموكل أن يقوم بإبرام عقد الزواج بنفسه، تحرير وكالة عقد الزواج في ورقة رسمية أو عرفية مصدق على توقيع الموكل فيها أن يكون الوكيل راشداً متمتعاً بكامل أهليته المدنية، وفي حالة توكيله من الولي يجب أن تتوافر فيه شروط الولاية أن يعين الموكل اسم الزوج الآخر ومواصفاته والمعلومات المتعلقة بهويته وكل المعلومات التي يرى فائدة في ذكرها، وأن تتضمن الوكالة قدر الصداق، المعجل منه والمؤجل وللموكل أن يحدد الشروط التي يريد إدراجها في العقد والشروط التي يقبلها من الطرف الآخر، منوهاً بضرورة توافر أركان النكاح وهي: (الوكيل- الطرف الآخر- الإيجاب والقبول).وبيّن د. الشاويش أنه تصح النيابة في العقود، ومنها عقد النكاح إذ قال ابن قدامة في المغني: يجوز التوكيل في عقد النكاح على جوازها في الإيجاب والقبول، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وكّل عمر بن أمية وأبا رافع في قبول النكاح له، ولأن الحاجة تدعو إليه فإنه ربما احتاج إلى التزويج من مكان بعيد، لا يمكنه السفر إليه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة، وهي يومئذ في أرض الحبشة.يبقى التواصل حالة افتراضيةتؤكد الباحثة الاجتماعية د. هناء البرقاوي أن هذا النوع من الزيجات نهايته الفشل وتذكرنا بأيام زمان إذ كان التعارف يتم من خلال الصورة، أي أن الشاب لا يتعرف على الفتاة إلا فيما بعد وإن كان حالياً يتم التعارف والتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي ويتقرب منها ولكن هذه الحالة تبقى افتراضية.. ونوهت بأنه بعد الزواج تظهر المشكلات التي قد تصل حد الانفصال أو الطلاق.تضيف لأن هذه الحالات غالباً تتم بين الأقارب أو المعارف بعد سفر الشاب إلى بلاد الغربة، ليتم اختيار الزوجة عن طريق الأهل حتى لا يتزوج بأجنبية بعيدة عن عاداته وتقاليده، في المقابل تأتي موافقة الزوجة بسبب إغراءات نمط الحياة بالخارج، ومع مرور الأيام تحدث الصدامات والمشكلات وفي هذه الحالة يصعب على الفتاة أن تكون قريبة من أهلها وإخبارهم للوقوف معها وقد تنتهي بالطلاق.قلة منهن تتحمل!ترى د. البرقاوي أن الزواج السليم هو المبني على التفاهم والمحبة والاحترام، وهذه الشروط الثلاثة قد لا تتوافر في الشخص، لذلك تحدث المشكلات وقد يستسلم هذا الشاب في أغلبية الأحيان لكونه تكلف مادياً وقد تؤدي إلى طريق الانفصال والطلاق لأنه في الخارج من السهل أن تجد الفتاة الاستقرار الاقتصادي ومجرد أن تؤمن الدخل المناسب لها عن طريق فرصة عمل تطلب الطلاق، لكن قلة منهن يتحملن المشكلات..قراءة الواقع تؤكد الزيادةلا توجد أبحاث عميقة تتعلق بمثل هذه المواضيع -حسب د. برقاوي- مضيفة أن ذلك يحتاج إلى تمويل وكادر متمرس لمواكبة ما يحدث من ظواهر اجتماعية نتيجة ظروف الحرب كتعدد الزوجات أو زيادة البغاء أو حالات الطلاق، وهذا ما يتطلب دراسة الأسباب والنتائج والمشكلات من خلال أرقام وقاعدة بيانات.. ولكن النظرة العامة تقول: إن هذه الحالات قد ازدادت..!تشرين
التاريخ - 2017-04-30 8:36 PM المشاهدات 1669
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا