التصميم العام لتطبيق استراتيجية التنمية الادارية في سورية بعد احداث الوزارة
المتخصصة لهذه الغاية
عبد الرحمن تيشوري
تتصور الخطة – خطة التنمية الادارية ورؤية قدمها السيد الوزير للحكومة
السورية - نمطين عامين للتقدم. ونحن نعتمد على هذين النمطين لأن هذا يساعد
تماماً على تبرير توصياتنا بشأن الخطوات التمهيدية في إصلاح الإدارة العامة في
سورية وهي عمل الجميع 34 وزير و14 محافظ و500 هيئة وشركة ومؤسسة عامة.
ومن الواضح أنه، خلال السنوات القادمة، أن المقتضيات المفروضة على نشاطات
الإدارة العامة سوف تستمر في التغير، فضلاً عن تغير الشروط الخارجية والداخلية
لعملها. لكن من الممكن حالياً أن نشير إلى نتائج المقارنات الدولية والتشخيص
الجاري، وأن نحدد مواطن القصور الأساسية في الإدارة العامة السورية، وكذلك
طبيعة التغييرات المطلوبة ونحن قمنا بذلك في بحث تطبيقي في المعهد الوطني
للادارة.
وكما يأتي في الخطة- خطة التنمية الادارية ورؤية قدمها الوزير للحكومة - ، سوف
يسير إصلاح الإدارة العامة على مسارٍ ذي شعبتين:
· من جهةٍ أولى، سوف تتابع كل وزارةٍ إعادة التنظيم الهيكلية فيها، وإعادة
النظر في القوانين والأنظمة. وتطرح الخطة قائمةً شاملة لكل وزارةٍ قطاعية ضمن
مجالها بهدف دعم الإصلاحات الاقتصادية والادارية النوعية. ويمكن أن ندعو هذا
العمل باسم "المكون *الرأسي* لإصلاح الإدارة العامة" السورية)
· أما من جهةٍ أخرى، فإن ثمة تصوراً للمكون *الأفقي* أيضاً. أي الإصلاحات التي
تعالج مواطن القصور الشائعة في كثيرٍ من الإدارات العامة ومن ميادين الخدمات،
والتي يمكن بالتالي معالجتها على نحوٍ أكثر فعالية عبر مساعٍ تتخلل الوزارات
كلها..
*التطبيق المتزامن أفقياً ورأسياً*
من جهةٍ أولى، تكلف كل وزارةٍ بإعادة هيكلة عملياتها (كما ورد في الفقرة 1.1
أعلاه). وكذلك توضيح المهام وتبسيط روتين الأعمال الداعمة. أما من جهةٍ أخرى،
فإن كثيراً من التزامات الخطة – خطة التنمية الادارية - تتعلق بجهود تضم
عدداً من الوزارات، وبالتالي فإن ثمة حاجة للتعاون. وتشمل هذه الجهود توضيح
الإطار القانوني إضافةً إلى مشاريع تنمية الموارد البشرية.
*منهجان في تنفيذ الإصلاح في سورية: "من القاعدة إلى القمة" و"من القمة إلى
القاعدة"*
من ناحيةٍ أولى، يتولى المستوى المركزي في الحكومة تنفيذ مبادرات إصلاحية من
قبيل إعادة تحديد مهام الوزارات والمهام داخل كل وزارة وهذا تقوم به وحدات
التنمية الادارية المركزية، وكذلك إصلاح الموازنة والمالية العامة. أما من
ناحيةٍ أخرى فإن تطوير خدمات عالية الاستجابة للمواطنين، وكذلك السماح لهم
بالمشاركة في وضع المعايير وفي تحديد كيفية تقديم الخدمات لابد وأن يجري عبر
مبادراتٍ تنبثق من جماعات المستخدمين النهائيين لضمان حسن الاستجابة الذي تدعو
إليه خطة الإصلاح والتنمية الادارية السورية.
من القمة إلى القاعدة
(إعادة) توزيع مسؤوليات الحكومة المركزية
إدارة الإصلاح المالي وتقاعد مبكروتعديل قانون العاملين
من القاعدة إلى القمة
مشاركة المواطنين في تقديم الخدمات محلياً
أما في جوانب أخرى من الخطة – خطة التنمية الادارية - ، فالأرجح أن تمثل
المبادرات المطروحة نوعاً من السعي إلى التوازن. وهذا يتعلق بتوزيع مهام
الحكومة المركزية على نحوٍ لا مركزي.
*الخطوات الأولية في إصلاح الإدارة العامة: إقامة جهة للتنسيق** والجهاز
التنفيذي وهو حصل باحداث الوزارة واسنادها الى وزير متمرس وخبير هو الدكتور
حسان النوري *
إن الطبيعة الشاملة للطموحات الإصلاحية الواردة في الخطة – خطة التنمية
الادارية - ، وكذلك نمط التنفيذ متعدد الأبعاد الذي يجمع بين المنهجين الأفقي
والرأسي من خلال التنفيذ من القاعدة إلى القمة ومن القمة إلى القاعدة يطرح
تحدياً ضخماً.
فحتى الحكومات التي تتمتع بآليةٍ متطورة جداً لصنع القرار وتحظى بخبراتٍ
خارجية فيما يتعلق بالتحليل والبرمجة، وتملك سجلاً في مجال التنسيق داخل
الحكومة وفي مجال التنفيذ السليم، يمكن أن تجد صعوبةً في متابعة جدول أعمال
بهذا الشمول ضمن الزمن الذي تحدده الخطة.
إن الحكومة التي تجد نفسها بين حدين يتمثل أولهما في الإنجاز المتميز، ويتمثل
الآخر في الفشل المخزي، بحاجةٍ إلى وضع منهجية إصلاحية ثابتة سليمة التسلسل
ونحن في سورية فشلنا سابقا بين 2000 و2010، وذلك بالاستناد إلى أساليب ومناهج
مستقرة، وعبر الاعتراف بالنجاحات (وخاصةً المبكرة منها)، وكذلك عبر تبادل
الأفكار العملية وتشجيع المواهب مع الاستخدام الأمثل للخبرات المتوفرة، وهي
محدودةٌ أصلاً.
ومنذ البداية، نوصي بأن تدعم الحكومة جهةً تنسيق والتنفيذ(وزارة التنمية
الادارية) وسوف يكون لهذه الجهة مهام كثيرة متداخلة وهي واضحة في مرسوم مهام
الوزارة الذي نشر في وسائل الاعلام.
*إبلاغ المواطنين بكل امر وتفصيل*
يمكن أن تكون المنهجيات المستخدمة في إحدى الوزارات ملهمةً للعمل الجاري في
وزاراتٍ أخرى. وفي حين يمكن لتبادل الأفكار أن يجري على نحوٍ غير رسمي (نعلم
أن هذا ما يجري حالياً من خلال الاعلام واطلالات الوزير على شاشات التلفزة
ونحن لنا خطة ايضا نعمل بها في المواقع الالكترونية وقريبا سننفذها في
المحافظات)، فإن هذه العملية تقتصر على العلاقات الشخصية وتتعلق بالمصادفة.
وتبين الخبرة أن الشبكات غير الرسمية مهمةٌ من أجل تسهيل عملية التغيير في أي
كيانٍ ضخم. لكن، وإذا كانت الثقافة الإدارية المتمثلة في "الحجرات الرأسية"
للتفكير قائمةً فعلاً كما يزعم البعض (وكما تقول الخطة أيضاً)، فإن ثمة خطر في
أن تقع هذه المنهجية غير الرسمية رهينة قوى العشوائية والمصادفة. ولهذا السبب،
يمكن أن تستفيد الحكومة كثيراً إن هي جعلت من بين مهام هذه الجهة التنسيقية –
وهذا اصبح من عمل الوزارة - مسألة توثيق "الأفكار الملهمة" وتعميمها، سواءٌ
على شكل مبادرات محددة، أو باستخدام منهجيات توضع لهذه الغاية ويجب تحفيز
العاملين بنظام مالي جيد للوزارة المحدثة.
*التقاريروالتتبع والتوثيق وعدم العودة الى الصفر*
ثمة آراء متضاربة بشأن امتلاك كل وزارة من الوزارات قدرات داخلية كافية للشروع
في مختلف النشاطات المطروحة والنجاح فيها. لكن تقييم هذه الآراء خارجٌ عن نطاق
بحثنا، كما أنه خارجٌ عن موضوعنا أيضاً. والحقيقة أن المهام المطروحة تظل
جسيمةً بالنظر إلى أفق التنفيذ المقرر أن يمتد حتى عام 2020، وذلك أيضاً لأن
الوزارات يجب أن تحرص على متابعة العمل اليومي في أية مؤسسةٍ حكومية. وعلى هذا
الأساس، تقوم الخبرة إن بوسع الحكومة أن تستفيد جيداً من امتلاك هذه الجهة
التنسيقية – وزارة التنمية وفرق عملها ومجلسها الاستشاري - مصادر استشارية
قادرة على العمل ضمن كل وزارة تحت إشراف الوزير بحيث تساعد (حسب الطلب) في
إعداد مختلف الخطوات الإصلاحية وتنفيذها.
وبما أن مشاريع الإصلاح تشمل كثيراً من الميادين وتشمل عملياتٍ كثيرة، فمن
المستحسن أن تضم الحكومة إلى هذه الجهة تلك المعارف والخبرات التي تتصل
مباشرةً بجوهر هذه الجهود – اقصد هنا المعهد الوطني للادارة وخريجيه القدامى
بعد تقييم كل منهم والاستفادة من دراسة البحث التطبيقي للدارسين لخدمة عمل
الوزارة - ، من قبيل التحليل التنظيمي مثلاً، أو التقييم القانوني، أو تنمية
الموارد البشرية، أو تبسيط سير العمل، أو تقديم الخدمات. ومن شأن تزويد هذه
الجهة بهؤلاء العاملين أن يدعم إدارتها وأن يمثل "شريكاً مؤهلاً للحوار" في
مجالاتٍ بعينها؛ لكن لا يجوز لذلك أن يكرر الجهود التي تقوم بها الوزارات، ولا
أن يلغي مسؤولية "الإدارات المعنية". ولهذا السبب خاصةً، لا يجوز لهذه الجهة
أن تنشغل "بصغائر الأمور".
أما من حيث مشروع هذه الجهة أو طبيعة مهمتها، فقد يكون تعيين بعض العاملين
فيها أمراً مؤقتاً. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يعين فيها موظفٌ (من وزارة
المالية او اي وزارة اخرى اذا كان لديه حيثية ما مثلاً) لسنةٍ أو سنتين قبل
أن يعود إلى وزارته. ومن المرجح أن يكون لهذا التعيين المؤقت أثرٌ يدعم
الإصلاح في الوزارات المعنية، كما أنه يمنع أيضاً تفشي موقف "نحن، وهم".
ومع الترسخ التدريجي للجهود الإصلاحية، يمكن أن ينفصل قسمٌ من هذه الجهة –
الوزارة - ليشكل جهةً أو هيئةً مستقلة من أجل الوظائف العامة. لكن نحن نفضل
صيغة الجهاز التنفيذ الذي احدث ويشرف على كل شيء له علاقة بالتنمية الادارية
وضم كل الاجهزة لهذه الوزارة وخاصة السجل العام للعاملين بالدولة - وفوقه مجلس
اعلى للتنمية الادارية سوبر وزاري يرأسه رئيس الجمهورية نظرا لاهمية ومحورية
الامر لسورية الجديدة
التاريخ - 2014-11-01 8:17 AM المشاهدات 1020
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا