عن غير عباية» كشفت أسعار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك الجديدة لعلبة المتة عن وجود كما يقال «إنّ» في سياسة وزارة «التموين» في التسعير، مفارقة كبيرة في الأرقام التي حددتها الوزارة عام 2016 وهذا العام تتجاوز 40%, وسط تأكيدات الوزارة أن التخفيض جاء بعد دراسة التكاليف الحقيقية الواردة في البيان الجمركي لاستيراد المتة الذي لم تتغير قيمته عن العام السابقوالسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كانت قيمة تكاليف المتة الحقيقية مع نسبة ربح لا يتعدى 300 ليرة بحسب ما توصلت إليه لجنة التسعير فلماذا بقي سعرها يفوق 500 ليرة لسنوات؟ ومن الجهة المسؤولة عن ذلك؟ هذه المفارقة بررها مدير الأسعار في الوزارة نضال مقصود بأن الوزارة سابقاً غضت النظر عن تسعير المتة لتشجيع التجار الذين يستوردوها.ليست المرة الوحيدة!كغيرها من المواد والسلع التي تم تخفيضها، أثار قرار تخفيض سعر المتة الرأي العام لكنها نالت الضجة الأكبر ولاسيما بعد تردد أنباء عن احتكارها وفقدانها من السوق المحلية وسط اعتراض المستورد لها، لتستفيق الوزارة أخيراً وتطلب من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية الموافقة على منح المؤسسة السورية للتجارة إجازة استيراد كمية 15 ألف طن من المتة، في تطبيق عملي لكلام وزيرها: «لا يفكر أحد بليّ ذراع الدولة».وفي التفاصيل: ليست المرة الوحيدة التي سعّرت فيها وزارة التجارة الداخلية المتة، ففي عام 2016 قامت بتسعيرها بـ 500 ليرة، حينها كان سعر الصرف لايتجاوز 470 ليرة، وذلك حسب مقصود، واليوم, وفي خضم الحملة التي تشنها الوزارة على الأسعار وفق رؤية جديدة لدراسة التكلفة الحقيقية لأغلب المواد, سُعرت المتة حصرياً (بيبوري) بـ300 ليرة، مع العلم أن سعر الصرف يتجاوز500 ليرة!، فهل من المعقول أن يتغير سعر المتة فجأة مع العلم أن البيان الجمركي ذاته، فما هي الحقيقة إذاً؟.حسب التكلفةعماد كبور- التاجر الوحيد الذي يستورد المتة منذ سنوات أكد أن أسعار وزارة «التموين» الجديدة مجحفة وظالمة ولا توفيه سعر التكلفة وتمنى على اللجنة التي قامت بالتسعير لو أنها قامت بالاطلاع على الأسعار العالمية للمتة قبل إصدار قرارها لأن سورية تستورد المتة من الأرجنتين، في حين أكد مقصود أنه تمت دراسة تكاليف استيراد وتعبئة المتة في مديرية الأسعار وفق الوثائق والمستندات المؤيدة للتكلفة والمذكورة في البيان الجمركي وبعد زيارة ميدانية قام بها شخصياً للمعمل بحضور ممثل عن المعمل ومدير التجارة الداخلية في ريف دمشق، مشيراً إلى أنه تم احتساب تكاليف تعبئة المتة كما تم سابقاً أثناء دراسة تكاليف السمنة والسكر مع الأخذ بالحسبان سعر الصرف والاستيراد والتكلفة, وفي حال تصديق رؤية كلا الطرفين كحسن نية, فماذا عساها تكون الحقيقة؟!تغيير البيان الجمركيكل التبريرات تكشف تغيير بقيمة البيان الجمركي ولاسيما بعد تصريحات سابقة لشركة كبور عن اعتمادها تسجيل سعر 1000 دولار للطن في البيانات التي كانت تقدمها لسنوات للجهات الحكومية، في حين إن الفواتير النظامية للاستيراد من الأرجنتين هي 2800 دولار للطن، مبرراً ذلك في ضوء السياسات المتعلقة بتمويل المستوردات من «مصرف سورية المركزي» حيث تم الاتفاق على تقديم سعر منخفض ليكون قابلاً للتمويل من المصرف، إضافة لاعتماده في الأسعار الاسترشادية لدعم الصناعة الوطنية وتخفيض الأسعار على المواطن.. كل تلك الوقائع تضع كلاً من وزارة التموين والتاجر والجمارك في قفص الاتهام، أين هي من التهرب الضريبي للتاجر ومن الجهة المستفيدة بالدرجة الأولى؟.غض بصربعد التسعيرة الجديدة للمتة، خرجت الشركة عن صمتها واضطرت للبوح فكشف خطتها لتغيير سعر الاستيراد وتخفيضه في البيان الجمركي لسنوات عديدة، حيث رأى كبور أن التسعيرة الجديدة التي وضعتها الوزارة للمتة بعيدة جداً عن أسعارها في الواقع حيث احتسبت على أساس ما ورد في البيان الجمركي بأن سعر طن المتة 1000 دولار، بينما سعره الحقيقي أكثر من 3000 دولار، ويمكن التأكد من ذلك عبر مواقع الإنترنت أو بمخاطبة «السفارة السورية» في الأرجنتين، لكنه في الوقت نفسه أبدى إعلان الطاعة بتنفيذ قرار التسعير الجديد رغم شعوره بالظلم إلى حين البت بأمر الاعتراض بإعادة النظر بالسعر الذي قدمته للوزارة، في حين أكد مقصود أن لجنة التسعير أعادت دراسة كامل الوثائق المقدمة من الشركة بحضور المشتكي وارتأت أن تسعيرتها صحيحة وقرار التخفيض من منجزات الوزارة ولا رجعة فيه، مشيراً إلى أن الوزارة غضّت البصر عن الأرباح الخيالية لذلك التاجر طوال السنوات الماضية بهدف تشجيعه على البيع لكون المعمل يعمل يوم ويتوقف أياماً، فكان إنتاجه ضعيفاً ونفقاته كبيرة.في الوقت ذاته رأى مصدر مطلع في الوزارة أن التسعيرة الجديدة مجحفة وأن الوزارة ستقوم بعد مدة باسترضاء الشركة عبر رفع السعر بنسبة بسيطة تضمن له الربح، في حين أكد مراقبون أن شركة كبور حالياً لم تمتنع عن البيع بشكل كامل حتى لا ينظر على أنها مخالفة لقرار التموين لكنها خففت نسبة العرض كثيراً فباتت تكتفي بطرح 30 كرتونة بينما كانت تتجاوز مبيعاتها 1000 كرتونة يومياً.أغلب التجار يغيرون البيان!مصدر في مديرية الجمارك أكد أن شركة كبور ليست الوحيدة التي تقوم بتغيير الفاتورة وعدم التصريح عن المبالغ الحقيقية التي تدفعها، فأغلبية التجار يقومون بذلك من أجل التهرب من الضرائب والرسوم الجمركية التي لا تتجاوز 7% بالنسبة لتاجر المتة الذي يستوردها ضمن حاويات يصل وزن الواحدة منها إلى 25 ألف طن.وعن الطريقة التي يتّبعها التجار في تغيير البيان الجمركي أوضح المصدر أن أي تاجر لديه إجازة استيراد وحساب في البنك يحتاج فاتورة مصدقة من بلد المنشأ لتزويده بالقطع الأجنبي عند استيراد أي سلعة، وهنا أغلبية التجار يقومون بتغيير قيمة الفاتورة إما في البلد المنشأ ذاته كأن يطلب من الشركة التي يود الاستيراد منها إعداد فاتورة بكمية أقل, أو أنه يقوم بتغيير الختم عبر مكاتب إجازات الاستيراد بطريقة م خيفة، فهنالك شركات عالمية تحترم نفسها ولا تقبل تغيير الفواتير.وأضاف: ليس من مصلحة التاجر أن يصرح عن قيمة البضاعة والسعر الذي يشتري به لأنه يدفع الرسوم بناء على القيمة التي وضعها في الفاتورة, لذا فكلما قلّت قيمة الفاتورة قلّت الرسوم الجمركية، وغالباً تتغاضى الأمانات الجمركية عن ذلك بالاكتفاء بأخذ «كم ليرة» إلى جيوبها.وأخلى المصدر مسؤولية الجمارك من تجاوزات شركة كبور، لأن المتة ليس لديها تسعيرة في الجمارك لكونها لا تخضع للبورصة، والتاجر يملك إجازة استيراد نظامية مرخصة من وزارة الاقتصاد، وأي مادة ليست لديها تسعيرة في الجمارك يتم الاعتماد فيها على الفاتورة كما حصل مع كبور, مضيفاً: ولو كان للمتة تسعيرة خاصة في الجمارك لكنا قمنا بمحاسبته.” تشرين “
التاريخ - 2017-10-22 12:56 PM المشاهدات 3261
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا