شبكة سورية الحدث


أسباب فساد قطاع التعاون السكني

 أسباب فساد قطاع التعاون السكني
سورية الحدث  لعل أبرز إشراقات قطاع التعاوني السكني الذي طالما شابه ما شابه من تجاوزات هي إنجازه لما يقارب الـ50 مليون متر طابقي على مستوى القطر خلال مسيرته الممتدة لنحو 50 عاماً وفقاً لإحدى التقارير الصادرة عن وزارة الأشغال العامة والإسكان. إذ لم تخف مصادر الوزارة وقوع كثيرين من أعضاء الجمعيات في المحظور ودخولهم في متاهات الفساد، وارتكابهم الكثير من مخالفات وتجاوزات لا تعد ولا تحصى، مبينة أن مرد ذلك يعود إلى أن هذا القطاع يدار ذاتيا من قبل أعضائه ودون تدخل مباشر من الجهات الوصائية عليه، مما أضعف الدور الرقابي على هذا القطاع، موضحين أن دور الوزارة والاتحاد التعاوني السكني شكلي ولا يتعدى  سوى  حضور ممثلين عنهم  لاجتماعات الهيئات العامة لتلك الجمعيات، وكذلك اجتماعات هيئات المستفيدين، مؤكدين أنه وفقا لأحكام المرسوم التشريعي رقم 99 لعام 2011 يجب على ممثلي  الوزارة والاتحاد التأكد من قانونية الاجتماعات، وتقييم القرارات المتخذة فيها، ومدى انسجامها مع الأنظمة والقوانين النافذة والتعاميم ذات الصلة، إلى جانب معالجة محاضر جلسات مجلس الإدارة وإيقاف أي قرار مخالف، إضافة إلى اقتراح إسقاط عضوية أعضاء مجلس الإدارة أو إحالتهم إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش أو إلى لجان الرقابة التعاونية المركزية في الاتحاد العام أو الفرعية في الاتحاد المعني بالمحافظة،  مع اقتراح حل وتصفية الجمعيات المتعثرة وغير الفاعلة التي لا تمارس أي نشاط، وأكدت المصادر أنه كان من الأجدى على الوزارة والاتحاد القيام خلال السنوات الماضية بتخفيف الفوضى الحاصلة بقطاع التعاون السكني ما أمكن.تقصير وجهلوأمام هذا الواقع المتردي للجمعيات التعاونية السكنية تشير وزارة الأشغال العامة والإسكان ضمن مذكرة صادرة عنها إلى أهمية الدور الكبير والمفصلي الملقى على عاتق العضو التعاوني، وضرورة حضوره اجتماعات الهيئات العامة واجتماعات هيئات المستفيدين، إلى جانب متابعة نشاطات الجمعية والتواصل معهم، وتقديم الشكاوي بحق مجالس الإدارات في حال مخالفتهم للأنظمة والقوانين، لكن وبحسب المذكرة فإن ما تلمسه الوزارة على الواقع من خلال التدقيق في العديد من الشكاوي التي ترد إلى الجهات  الوصائية والرقابية خلاف ذلك، فالعضو التعاوني إما يجهل  حقوقه وواجباته، أو مقصر لجهة عدم التواصل مع إدارة  الجمعية التي انتسب إليها بإرادته، ونتيجة ذلك أتاح هذا الأمر لبعض مجالس الإدارة استغلال تلك الثغرات بإيقاع الغبن الذي يصل إلى حد الضرر بمصالح العضو، وبالتالي صعوبة تلافي هذا الضرر الذي وقع عليه، خاصة وأنه قد وقع على حق عيني “المسكن”، وما يستتبع ذلك من إجراءات طويلة نظرا لكون معالجة أغلبها لا يتم إلا من خلال القضاء.ترى الوزارة بموجب المذكرة أن أحد أهم طرق الحد من الفساد الذي يحصل في بعض الجمعيات التعاونية السكنية يبدأ من العضو التعاوني وذلك بإدراكه لحقوقه وواجباته تجاه الجمعية المنتسب إليها، وانتخاب من تتحقق فيه النزاهة والخبرة لعضوية مجلس إدارة الجمعية، وحضوره الفعال لاجتماعات الهيئات العامة وهيئات المستفيدين لتقديم قيمة مضافة من شأنها تصويب أي خلل في عمل الجمعية وأداء مجلس الإدارة ولجنة المراقبة.جمعيات متعثرةوبينت المذكرة أن الجمعيات السكنية المتعثرة بعملها نتيجة الممارسات السلبية وغير القانونية لمجالس إدارتها السابقة والتي وردت كأمثلة في تقرير الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، تبقى من الحالات القليلة بالنظر لخصوصية مشاكلها التي بدأت وتراكمت خلال العديد من السنوات السابقة، أو خصوصية معالجتها لدى الهيئة، أو لدى القضاء المختص كجمعيتي المنهل والوحدة العربية والتي تتابع الوزارة معالجة أوضاع المكتتبين فيهما في ضوء المقترحات المعتمدة في تقارير الهيئة أو ما يرد إليها من شكاوي وذلك ضمانا لحقوق ومصالح الادعاء.أوضحت المذكرة أنه بما يخص جمعيات المغتربين فإن ما أورده تقرير الهيئة من ملاحظات تتعلق بها، كان من أهم أسبابه آلية إشهار تلك الجمعيات في حينه دون وضع أسس وضوابط واقعية تتوافق مع الغاية من إشهار هكذا جمعيات، مما أدى إلى فقدان التواصل مع الجهات المعنية بعملها في ظل عدم وجود مجالس إداراتها في القطر وتواجدهم في بلاد الاغتراب، ونوهت المذكرة إلى أن هذا الملف ما زال قيد المعالجة حتى تاريخه ما بين الهيئة والاتحاد العام للتعاوني السكني وستقوم الوزارة باتخاذ التدابير اللازمة في ضوء ما سينتج من معالجة.أشكال متعددة للفسادولم  تنكر المذكرة  ظهور حالات عديدة من أشكال الفساد، على اعتبار أن هذا القطاع يتحمور عمله حول عصب مهم وهو  تأمين الأراضي بغية الوصول إلى المسكن الذي هو المخرج الأساسي لعمل هذا القطاع، وتنوه المذكرة بهذا الخصوص إلى أنه نتيجة توقف توزيع الأراضي من الدولة كما كان معمولا به في المراحل  السابقة، أوقع الكثير من الجمعيات في حالة العوز لجهة تأمين الأراضي، وأن توقف توزيع الأراضي أفسح المجال أمام  بعض  مجالس الإدارات ارتكاب العديد من المخالفات والتجاوزات والتي تمت بأشكال وطرق عديدة، منها عند اللجوء إلى شراء الأراضي من القطاع الخاص الذي يشوبه الكثير من الأهواء والمنافع الشخصية، مع الإشارة إلى أن القروض الممنوحة من المصرف العقاري للعضو التعاوني لا تتناسب مع التكلفة الحقيقية الحالية لإشادة المسكن، لاسيما في ظل التداعيات الاقتصادية خلال الفترة الراهنة.إجراءات احترازيةمعاون وزير الأشغال  العامة والإسكان المهندس عبد القادر فهيم بين أن الوزارة قامت بالعديد من الإجراءات للحد والتخفيف من الفوضى السائدة بعمل هذا القطاع، وذلك من خلال إصدار العديد من التعاميم والكتب التي تهدف إلى تصويب العمل في جهات القطاع التعاوني السكني، وتنظيم العمل فيه ومتابعة حسن تطبيقها، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصرين، إلى جانب متابعة عمل مجالس الإدارات وتشكيل مجالس إدارات مؤقتة للجمعيات التي شغرت عضوية مجالس إدارتها أو انتهت مدة ولايته، كما عملت الوزارة إلى إسقاط عضوية أعضاء مجالس الإدارات المخالفين للأنظمة والقوانين، وحل وتصفية الجمعيات غير الفاعلة، لاسيما أن عدد القرارات التي بموجبها  تشكيل مجالس إدارات مؤقتة وصل إلى 228 قرار، فيما عدد القرارات التي تم بموجبها إسقاط عضوية أعضاء مجالس إدارة الجمعيات وصل إلى 67 قرارا، في حين أن عدد القرارات التي تم  بموجبها حل وتصفية جمعيات بلغ 94 قرارا .وأشار فهيم إلى أنه تم وضع صيغ قانونية لقطاع التعاون السكني منها المرسوم التشريعي رقم 36 لعام 2014 الذي نظم حالات التنازل عن المسكن، وأجاز حالات التنازل عن العضوية التي كانت تجري خارج المنظومة القانونية للقطاع، وما ينجم عنها من تجاوزات قانونية وضياع لحقوق أصحاب العلاقة بالمسكن، مبيناً أن هذا المرسوم يحقق ريعا لخزينة الدولة جراء الرسوم المتوجبة على هذه التنازلات.محمد زكريا
التاريخ - 2017-11-23 3:26 PM المشاهدات 2374

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا