شبكة سورية الحدث


التستر على فساد من العيار الثقيل..هكذا ضاعت 10 مليارات ليرة !!

التستر على فساد من العيار الثقيل..هكذا ضاعت 10 مليارات ليرة !!
من لا يذكر أزمة المحروقات الخانقة، التي شلت حركة النقل والصناعة وقتها، ما دفع الحكومة السابقة إلى التفكير بحلول بديلة عبر السماح للصناعيين باستيراد المازوت، الذي عدّ بمنزلة مغارة علي بابا لأهل الكار وسط غمز ولمز حول احتكار قلة من رجال الأعمال لإجازات الاستيراد، مستغلين ظرف البلاد الصعب حينذاك لبناء ثروات، واليوم بدأت تتكشف حقيقة متاجرة بعض الصناعيين بهذه المادة عبر مخالفات شروط الاستيراد وبيعها لمحال تجارية بدل المنشآت الصناعية، بشكل أضر بالخزينة والمواطن والصناعي الحقيقي، وهذه مصيبة حتماً، لكن المصيبة الأكبر التستر على هذه المخالفات الجسيمة بعد كشفها بالدليل القاطع، ما ضيع مليارات الليرات كان الأجدى ضخها في أقنية تخدم إقلاع الصناعة المحلية وتحسين معيشة المواطن.هكذا ضاعت 10 مليارات ليرة!قضية المتاجرة بالمازوت المستورد بدأت تكشف حينما ضبطت الضابطة الجمركية-سيار دمشق منذ قرابة العامين صهريجي مازوت على طريق الكسوة، تابعين لشركة «ز» لصناعة السيراميك لصاحبها «ع.س»، حجزا وقتها في الحرم الجمركي، بعد إثبات بيعها المازوت لشركة أخرى على غير ما صرحت عنه وقتها بأن المازوت مخصص لتشغيل آليات هذه الشركة، لكن ما أظهرته نتائج متابعة الضابطة لتهريب هذين الصهريجين كان أعظم عبر توضيح حقيقة ضياع مليارات الليرات، وخاصة بعد تبيان اللجان المشكلة لهذا الغرض تلاعب بحجم إنتاجها الفعلي بغية زيادة كميات المازوت، لتصرف في النهاية لغايات تجارية، مخالفة شروط الاستيراد، الذي حددها القانون رقم 50، الذي أتاح للصناعيين استيراد المازوت، شرط أن تباع نصف الكميات المستوردة إلى الدولة والبقية يتولى الصناعي تصريفها لغاية تشغيل المنشآت الصناعية فقط وليس للتجارة بهدف تحقيق أرباح مضاعفة، وهو ما حصل، ليكون المتضرر الأول والأخير الاقتصاد المحلي عبر اقتناص قلة من الصناعيين هذه الفرصة للحصول على إجازات وهمية ممولة من المصرف المركزي في وقت كانت البلاد في أمس الحاجة إلى القطع الأجنبي، في حين لم يظفر الصناعيون الحقيقيون بحصة تضمن أقله تشغيل معاملهم، لكن المفاجأة أنه بدل تنظيم ضبط جمركي ومحاسبة هذا الصناعي المخالف، وتحصيل حق الخزينة بإلزامه بدفع الغرامات المستحقة عليه والمقدرة بنحو 10 مليارات ليرة، قامت إدارة الجمارك بطي هذه القضية في الأدراج مدة عام ونصف العام تقريباً حتى الآن، إلى أن قامت هيئة الرقابة والتفتيش بتحريكها من جديد وإثبات المخالفة أيضاً، وهنا نتساءل: ما الغاية من تحفظ الجمارك على هذه القضية المثبتة، ما ضيع رفد الخزينة بهذا المبلغ الكبير، ومنع كشف غيره من رجال الأعمال المعدودين على الأصابع، الذين تاجروا بهذه المادة من دون أن يرف لهم جفن ما دامت جيوبهم قد اتخمت مالاً، غير آبهين بظرف البلاد الصعب في ذاك الوقت.كيف بدأت المخالفة؟!منذ إصدار قرار السماح باستيراد المازوت للصناعيين استطاع بعض الصناعيين استثمار هذا القرار كون المتاجرة بالمازوت تعد من الغنائم الدسمة، وهنا فعلاً بادرت شركتا الـ«ج» المحدودة المسؤولية و«ز» بالتقدم للحصول على إجازات استيراد بكميات بلغت 16,602,973 ليتراً، ، لكن ما ظهر لاحقاً كشف مخالفات كثيرة أولها عدم استهلاك الأولى لليتر واحد من المازوت، مع اعتماد الثانية على خطي إنتاج بدل 5 خطوط، كما ذكر تقرير لجنة الكشف الفنية المؤلفة من الجمارك وشركة «سادكوب» وغرفة صناعة دمشق وريفها ورئيس مجلس إدارة شركة «ز» عند دراسة الواقع الفعلي لاستهلاك هاتين الشركتين بفرعيها في منطقة الكسوة وعدرا من المازوت المستورد، حيث تبين بعد متابعة مستمرة وجولات ميدانية لأكثر من عشرة أشهر خلال عام 2015، قيام الشركة باستجرار كميات كبيرة من المازوت على فترات زمنية متباعدة حتى بعد انتهاء فترة إجازة الاستيراد لبيعها لمحال تجارية وليس لمنشآت صناعية بهدف تحصيل ربح زائد من خلال رفع أسعار المازوت على نحو كبير نشّط السوق السوداء وانعكس سلباً على المواطن والاقتصاد، عبر رصد 2,733,710 كغ من الفيول زائدة عن حاجة الشركة غير معروفة المصدر، وسحب 2381889  ليتراً من قبل الشركة زائدة عن حاجتها الفعلية وغير معروفة المصدر أيضاً، وبناء عليه سجلت اللجنة تقريرها ورفع إلى إدارة الجمارك، وسط تقدير الغرامات الجمركية بنحو 10 مليارات ليرة، لم تحصل حتى الآن.في عهدة التفتيشوقد حاولت «تشرين» استقصاء سبب تأخر الجمارك في البت بهذه القضية حتى الآن، ليأتي الرد بتأكيد واقعة ضبط «ضابطة سيار» دمشق صهرجي مازوت بتاريخ 28/10/2015 من مستودعات تشرين في مصفاة حمص متوجهين إلى شركة «ج» في الكسوة، وبناء عليه شكلت لجان فنية من عدد من الوزارات والجهات المعنية «الصناعة– النفط- اتحاد الغرف الصناعية -غرفة الصناعة – الجمارك» لدراسة الاستهلاك الفعلي لشركتي «ز» و«ج» من مادة المازوت، لكن الهيئة العامة للرقابة والتفتيش بكتابها تاريخ 5-3-2017 وضعت يدها على الملف وشكلت لجنة لدراسة الواقع الفعلي لاستهلاك هاتين الشركتين من مادة المازوت المستوردة بحراً وما زال الموضوع منظوراً أمامها، وهنا نتساءل: هل كانت الهيئة ستضع يدها على هذه القضية في حال عدم التأخير في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والبت بالمخالفات التي أكدتها اللجان الفنية، رغم اعتراضات مجلس إدارة الشركة على نتائجها حسبما أكدت مصادر مطلعة على القضية؟.  ماذا كشفت اللجنة؟!رصدت اللجنة العديد من المخالفات لناحية ذكر الإنتاج الفعلي واستهلاك المازوت وسيارات الشحن، وتشغيل خطوط الإنتاج عند انقطاع الكهرباء، وقد أبدت شركة «ز» اعتراضها على هذه النقاط، لكن اللجنة ردت بدقة مع ملاحظة وجود تناقضات كبيرة في كتبها بتحديد نسبة الإنتاج والاستهلاك مع محاولة الشركة التأثير على اللجنة بكميات بعيدة عن الواقع، حيث بينت اللجنة مثلاً أن الشركة حاولت استغلال فترة التقنين لاستجرار كميات زائدة من مادة المازوت عبر طلبها صرف مليون ليتر في فرع الكسوة مثلاً لتشغيل مولدات الكهرباء، لكن اللجنة وضحت بناء على كتاب معد من لجنة خاصة من شركة سادكوب فرع ريف دمشق استطاعة مراكز التحويل،  التي تغذي المعمل كهربائياً، إضافة إلى الاعتماد على كتاب الشركة العامة لكهرباء دمشق، الذي حدد  فترات انقطاع التيار الكهربائي عن منشأتي «ج» و«ز» بيومي الثلاثاء والسبت بمعدل 10 ساعات باليوم وبقية أيام الأسبوع ينقطع بمعدل أربع ساعات باليوم،  وهنا بينت اللجنة أنه من المخالف لكل القوانين الطبيعية والجدوى الاقتصادية أن يكون الاستهلاك عند عمل سبعة خطوط مساوياً للاستهلاك عند عمل خطي إنتاج،  وخاصةعند العلم أن منطقة عدرا الصناعية معفاة من التقنين.وكشف اللجنة التلاعب أيضاً في ذكر الكميات المستوردة وحاجة سيارات الشحن إلى المازوت من خلال زيادة عدد السفرات،  علماً أن الشركة أوقفت المواد الأولية إلى الشركة بسبب الظروف الأمنية مع أن استمرار العمل من دون توريد مواد أولية يؤدي إلى انخفاض كمية الإنتاج، ما بين وجود تناقض واضح في ذكر أرقام استهلاك المازوت وحاجتها الفعلية، وغيرها من مخالفات موثقة على نحو واضح في كتب اللجنة الفنية.والتفتيش تثبت المخالفة أيضاً!تجميد نتائج اللجنة الفنية السابقة، التي كشفت المخالفات بالدليل القاطع، لأسباب غير معروفة، دفع البعض إلى تحريك القضية من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش للحفاظ على المال العام وكشف المخالفين، لذا شكلت لجنة فنية أخرى بناء على بعثة القرار رقم 5 ر.ه لعام 2017، وقد خلصت إلى النتائج السابقة ذاتها، عبر تأكيد وجود تلاعب واضح في استجرار كميات زائدة من المازوت عن حاجة الشركة، كما أكدت اللجنة أن إجمالي إنتاج الشركة يقدر 244,456,28 طناً، موجودة بأصناف مختلفة ولم يتم تصريف هذه البضاعة وقتها، لذا أبدت اللجنة تحفظها على استهلاك مادة المازوت.وبناء على ذلك خلصت اللجنة التفتيشية إلى أن مجموع الإجازتين حسب كتاب «سادكوب» 16,602,973 ليتراً، بينما الرصيد المتبقي من الشحنتين موقوفاً بتاريخ 16-11-2015 هو 4724171 ليتراً، وأن الكميات المبيعة للصناعيين خلال فترة السماح هي 3,444,194 ليتراً، والكمية المحجوزة لدى مديرية الجمارك العامة بموجب الصهريجين هي من ضمن الكميات المبيعة للصناعيين، في حين إن الكميات المتبقية لدى شركة «ز» هي 8,434,608 ليترات، علماً أن الاستهلاك الفعلي للشركة بفرعيها الكسوة وعدرا من مادة المازوت خلال الفترة المدروسة هو 5753062 ليتراً.وبمقارنة بين الكميات المسحوبة من الشركة مع كمية الاستهلاك الحقيقي تبين أن كمية 2,861,546 ليتر مازوت سحبت من الشركة ككمية زائدة عن حاجتها الفعلية خلال فترة الدراسة غير معروف مصيرها، كما أن كمية الفيول المستجرة من الشركة «ز» فرع الكسوة هي 2,556200 والكمية المستهدفة فعلياً 2,295360 كغ وتالياً الكمية 260840 كغ فيول هي كمية مستجرة زائدة عن حاجة المعمل غير معروفة المصدر، أما كمية الفيول المستجرة من شركة «ز» عدرا فهي 5165670 كغ خلال فترة الدراسة والكمية المستهدفة فعلاً 2472870 كغ فيول هي كمية مستجرة زائدة عن حاجة المعمل غير معروف مصيرها، وتالياً المجموع الكلي لكمية الفيول المستجرة والزائدة عن حاجة كلا المعملين هي 2733710 كغ فيول غير معروف مصدرها، لكن اللافت ذكر اللجنة أن شركة «ج» لم تستهلك أي ليتر خلال فترة الدراسة المنظورة مع إن الكمية الإجمالية التي استجرتها بموجب كتاب مذكرات الشحن الصادرة أصولاً من فرع محروقات حمص  وصلت إلى حوالي 3900021 ليتراً  من أصل 75000 طن بموجب إجازة الاستيراد الممنوحة، فأين صرفت هذه الكميات وغيرها، التي تدل على مخالفات كثيرة حققت مليارات لشخص واحد فقط خلال فترة قصيرة مقابل تضرر اقتصاد بلد ومواطن عانى الأمرّين وقتها للحصول على ليتر مازوت وصناعي حقيقي تعرض لخسائر كبيرة لقاء توقف منشأته بسبب عجزه عن تأمين المازوت لعدم تمكنه من الحصول على إجازة استيراد، فمن المستفيد، ولمصلحة من لا يُحاسَب الفاسدون المخالفون، الذين يتسبب التستر عليهم أيضاً في منع كشف مخالفات نظرائهم في التهمة ذاتها؟
التاريخ - 2018-04-22 11:19 PM المشاهدات 2098

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا