شبكة سورية الحدث


«البالة» واقع مفروض.. فلماذا الازدواجية بين منع استيرادها ودخولها تهريباً

«البالة» واقع مفروض.. فلماذا الازدواجية بين منع استيرادها ودخولها تهريباً
سورية الحدث  مفارقة واضحة تشهدها إجراءات وزارة التجارة الداخلية بخصوص البالة لا نعلم إن كان يمكن وصفها بـ «الشيوزوفرينيا» أو عدها تسليماً ورضا بالأمر الواقع، لكونها أصبحت واقعاً مفروضاً لا مناص منه ولاسيما أن المسؤول عن إدخالها جهات لا تسري عليها أي رقابة،  كما أكد بعض المراقبين.تُعامِل وزارة «التموين» البالة معاملة المواد مجهولة المصدر فتنظم ضبوطاً بحقها في حال عدم حيازة فاتورة، وهذا شيء مسلم به لكونها مواد مهربة، وهو أضعف الإيمان بعد انتشارها في الأسواق، ولكن المثير في الأمر ليس بذلك الإجراء وإنما بإصرار الوزارة على مطالبة أصحاب محلات البالة  بالإعلان عن السعر بغض النظر عن قيمته، إذ كيف للبائع أن يعلن عن أسعار ملابس مهربة وليس في حوزته بيانات تكلفة؟! هذا الإجراء الذي اتهمه البعض بتشريع تهريب البالة بينما وصفه الباحث في حماية المستهلك جمال السطل بازدواجية المعايير قائلاً: لايريدون منعها وفي الوقت نفسه يريدون أن ينظموا ضبطاً فيها».المضحك المبكيعلى الملأ «وبآرمات» مكتوب عليها بخط عريض «ألبسة أوروبية مستعملة»  انتشرت محلات متخصصة من بابها إلى محرابها  ببيع البالة ورغم ذلك، فهي في نظر أحد المسؤولين في وزارة التجارة الداخلية لاتزال مجرد حالات فردية لأشخاص لديهم بعض القطع الأوروبية التي ملّوا منها فقاموا ببيعها في الأسواق على أنها ألبسة مستعملة! هذا التبرير الذي لا يدخل في العقل جعلنا نردف المسؤول بسؤال متظاهرين بالاقتناع، إذاً فما حقيقة الأعداد الضخمة من المحلات التي تحمل «آرمات» واضحة ببيع الألبسة الأوروبية المستعملة، ليجيب «من كل عقله» هي آرمات قديمة والمحلات موجودة قبل الأزمة.أحد المراقبين التموينيين كان أكثر صراحة فاعترف بأن قضية البالة لا يمكن أن تسري عليها قوانين التموين،  فإغلاق محلات البالة أمر مستحيل لا بل من سابع المستحيلات، طارحاً سؤاله علينا  «ليش ما بتعرفوا مين عم يفوت البالة؟!»  مردفاً: المسؤول عن تهريبها جهات لا تسري عليها أي رقابة تماماً كالجهات المسؤولة عن إدخال البضاعة التركية إلى الأسواق.مئات «البقج» تدخل يومياًإذا كان يدخل «بقجة» واحدة من البالة المهربة شهرياً قبل الأزمة، اليوم باتت مئات «البقجات» تدخل يومياً ومن دون أي رقيب، يقول أحد المراقبين التموينيين موضحاً، البالة المهربة ليست وليدة اللحظة، فهي موجودة قبل الأزمة لكن سابقاً كانت محلاتها محدودة ويتم تنظيم ضبوط فيها ومصادرتها من قبل الجمارك، أما اليوم فقد باتت منتشرة كثيراً «أخدت مجدها»  بشكل يوازي محلات الألبسة المحلية، ففي بعض الأسواق  مثلاً تحولت أغلب  محلات الألبسة المحلية لبيع البالة كما في مساكن برزة، والسبب في رأيه ضعف رقابة الجمارك، فقد كنا نسمع قبل الأزمة بمحاولات كثيرة لمصادرتها هذه المصادرات التي باتت نادرة اليوم.ورأى أحد الباعة أن واقع البالة في سورية بات كأي صنعة أخرى تعلم  البعض أساسياته وامتهنوه «كاراً» لكون الموضوع  سهلاً ولا يحتاج إلا لعملية فرز للقطع وأحياناً كيِّها، ففور شراء «بقج» البالة يقوم عدة أشخاص بفرز البالة إلى قطع ذات نوعية ممتازة وقطع جيدة وأخرى سيئة أو معطوبة ومن ثم توزيعها على المحلات حسب تخصصهم، فهنالك محلات خاصة ببيع قطع ممتازة من البالة مرتفعة السعر وبسطات تبيع قطع بالة متدنية الجودة بأسعار منخفضة، يضيف: لم يعد ينقص البالة سوى التوضيب والتغليف ولا أتعجب، إن حدث ذلك مستقبلاً.أسعار خياليةلا أحد لديه القدرة على ضبط موضوع البالة  يقول السطل: البالة واقع مفروض على الأسواق شاء من شاء وأبى من أبى، ولاسيما أنها لباس الدراويش نظراً لانخفاض سعرها، متسائلاً: لماذا إذاً لا تسمح وزارة الاقتصاد باستيرادها بشكل نظامي وتسهم في إدخال أموال إلى خزينة الدولة، معترضاً على تبرير وزارة الاقتصاد عدم سماحها باستيراد البالة لأنها تضر بالإنتاج المحلي قائلاً: لكل بضاعة زبائن محددة، فالبالة لها روادها والألبسة المحلية لها زبائنها ومن ثم دعوا الناس تلبس فلا يعقل ما وصلت إليه أسعار الملابس المحلية التي لاتحتمل.تفشي المحلات المتخصصة ببيع البالة واستعار أعدادها في العديد من المناطق مخالفة رآها الزبائن «ألف صباح صبحت» عمن يغش ويبيع البالة على أنها ألبسة أجنبية مستوردة، فعلى الأقل في الحالة الأولى يكون الزبون على علم بدخوله محل بالة وشرائه قطعاً مستعملة، أما في الحالة الثانية فقد يشتري الزبون القطعة نفسها بسعر خيالي على أنها قطعة أجنبية مستوردة، وما أكثر المحلات التي تقوم حالياً بانتقاء قطع البالة الجيدة ودسها بين بضائعها المحلية وبيعها بأسعار خيالية على أساس أنها مستوردة نظامياً، فهناك قطع في البالة تكون عليها تسعيرتها وماركتها ولا يستطيع المراقب التمويني تمييزها بأنها مهربة إلا في حال طلبه الفاتورة، كما يؤكد السطل.لا حول ولا قوة!إجراءات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بخصوص البالة «كمن لا حول له ولاقوة» يشرح مدير حماية المستهلك حسام نصر الله عمل الوزارة قائلاً: تقوم دوريات حماية المستهلك بالتأكد من نظامية البالة المطروحة للبيع من خلال الفواتير المتداولة للمادة كأي مادة أخرى وفي حال عدم وجود فاتورة أو كانت المادة لاتحمل بطاقة بيان فيتم تنظيم الضبوط اللازمة، حسب كل مخالفة، وفق القانون (14) وفي حال كانت المواد مجهولة المصدر فيتم حجزها أصولاً ويترك أمر البت فيها للقضاء ويتم إغلاق المحل المخالف إدارياً مدة تصل إلى شهر كامل، إضافة إلى تنظيم مخالفة في حال عدم الإعلان عن السعر! وهذا إجراء يثير التعجب» إذاً كيف تطالب الوزارة باعة البالة بالإعلان عن سعرها وهي مهربة ولا يملكون بيانات تكلفة بها.في كلا الحالتين ستنظم مخالفةلا تستطيع وزارة التجارة الداخلية إلا أن تنظم ضبوطاً بمحلات البالة وإحالة الموضوع إلى الجمارك لكونها المسؤولة الأولى عن مكافحة تهريب البالة، ومع ذلك عدد الضبوط المنظمة في البالة معدود و لا يتجاوز 10 ضبوط، كما يؤكد مراقب تمويني،  موضحاً أن محلات البالة مخالفة في كلا الحالتين سواء كان صاحبها معلناً عن الأسعار أم لا والسبب أنها مهربة و لا توجد فواتير نظامية فيها، ومع ذلك لا يجرؤ المراقب على تنظيم أكثر من ضبط، ففي النهاية سيكون مداناً اجتماعياً فأغلب بائعي البالة متعيشون منها، وكثيراً ما كان يقال لنا «تركتوا كل شي ولحقتوا محلات الفقراء»،أكثر شيء تستطيع أن تقوم به  وزارة التجارة الداخلية تجاه محلات البالة -إن رأتها- كتابة الضبوط ، حيث يقول مراقب آخر: قمنا بدورنا ونظمنا مرة ومرتين وثلاثاً ضبوطاً بحق محلات البالة، لكن لا يحق لنا أن نغلق المحل، فالإغلاق يقتضي ارتكاب مخالفة جسيمة والبالة لا تدخل في هذا التصنيف."تشرين"
التاريخ - 2018-05-15 12:57 AM المشاهدات 2974

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا