شبكة سورية الحدث


الحكومة تضع استراتيجية لمكافحة ظاهرة الفساد… الفساد ينتصر!

 الحكومة تضع استراتيجية لمكافحة ظاهرة الفساد… الفساد ينتصر!
يشكل الفساد خطراً على اقتصاد الدولة ومؤسساتها، إذ يعد مستنقعاً يعمل على طرد الاستثمارات الدولية، ويساهم في انخفاض دخول الأفراد وانعدام الطبقة المتوسطة، ورغم كل إجراءات مكافحة الفساد التي تدّعيها الحكومة السورية، إلا أن تلك الإجراءات لم تفلح في تغير ملموس على مستوى الفساد الكبير، حيث وقعت سورية ضمن قائمة الدول الـ 10 الأكثر فساداً على مستوى العالم، وفق تقرير مؤشر مدركات الفساد لعام 2016 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، وجاءت سورية في المرتبة الرابعة (173) ضمن مؤشر ضم 176 دولة، يسبقها فقط كل من كوريا الشمالية وجنوب السودان والصومال الذي حل في المرتبة الأخيرة. مكافحة الفساد… بالشعارات! وضعت الأجهزة الحكومية الأسبوع الفائت استراتيجية لمكافحة ظاهرة الفساد وتعزيز الشفافية بالتوازي مع محاولات لتعزير دور وزارة التنمية الإدارية. ويرى القاضي رامي سعيد بأن قانون مكافحة الفساد لم ير النور بسبب عدم وجود فواصل دقيقة، ما بين اختصاصات الجهاز المركزي للرقابة المالية والهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، رغم أنه أقر في مجلس الوزراء. ويوضح سعيد أنه لو أجرينا تحليلاً عملياً لواقع الهيئات الرقابية في سورية فسنلاحظ غياب الشفافية فيها، نتيجة لعدم تطبيق معايير المنظمة الدولية للرقابة المالية المتعلقة بالشفافية والمحاسبة والعدالة الاجتماعية، ومن جهة أخرى، فإن ارتباط الأجهزة الرقابية بالسلطة التنفيذية يمنع الشفافية في عملها، وتتنوع حالات الفساد فبحسب المادة 26 من قانون الجهاز المركزي للرقابة المالية، التي تتيح لرئيس مجلس الوزراء أن يأمر الجهاز المركزي بتأشير الصكوك المتعلقة بالأمور المالية، وبتحفظ وعلى مسؤوليته السياسية وعلى خلاف ما انتهى إليه تقرير الجهاز المركزي والمجلس الأعلى للرقابة المالية. يقول سعيد: «سمعنا شعارات رنانة عن مكافحة الفساد وحتى الآن لا يوجد تطبيق عملي. كل المؤشرات على جرائم الفساد في سورية هي تقارير كمية تتمثل بالتقارير التفتيشية وعدد الجرائم المحالة والمرتكبة، لكن لا يوجد مؤشرات نوعية». ويضيف سعيد: «إنّ تحوّل الشركات من مؤسسات عامة للدولة إلى شركات خاصة وخروجها من الإطار العام الناظم لمؤسسات الدولة، وانضوائها تحت مفهوم القانون الخاص واتباع ذات العقلية التقليدية في الإدارة يشكل مناخاً للفساد. وهناك حالة فساد أخرى تتعلق بالقروض المتعثرة، استشرت في الوظيفة العامة تبدأ من إدارات المصارف مروراً بالهيئات الرقابية ونقابة المحامين انتهاء بالقضاء. محاربة الفقر تعني مكافحة الفساد في حين يرى رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان أكرم القش، أن مكافحة الفساد مسؤولية كل فرد وليست مسؤولية حكومية فقط، وأن أهم نقطة لمعالجة الفساد الصغير هو مستوى المعيشة للبشر، إذ ليس هناك إمكانية للقضاء على الفساد لا اليوم ولا غداً، إذا لم يكن الإنسان قادراً على تأمين قوت يومه، فمستوى الدخل الطبيعي الحقيقي للأسرة يعادل أقل من 10% من الاحتياجات الأساسية. من جهته، يبين محمد خير العكام عضو مجلس الشعب أن هناك كثرة في الفساد الضريبي، والذي تساعد عليه المنظومة القانونية القديمة والحديثة التي نطبق فيها قوانيننا الضريبية، فقانون ضريبة الدخل يؤمن كل البيئة اللازمة لممارسة الفساد الضريبي، وكذلك الأمر بالنسبة لقانون الإنفاق الاستهلاكي في المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2015 يعطي مجالاً واسعاً للفساد من موظفي الإدارة الضريبية. ويذكر العكام أن التهريب الضريبي كبير في سورية، وهناك دراسة لعام 2001 تقول إن حجم التهرب الضريبي في سورية يساوي ضعفي حجم الإيرادات الضريبية، وفي ذلك الحين كان حجم الإيرادات الضريبية 100 مليار ل.س، أي أن حجم التهرب الضريبي يعادل 200 مليار، واليوم أصبح حجم الإيرادات الضريبية نحو 400 مليار ل.س، وبالتالي يمكن تحصيل 800 مليار ل.س لو كافحنا التهرب الضريبي. ومن ثم سيؤثر إيجاباً على دخول الأفراد. أمراء حرب! يقول بسام أبو عبد الله أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق: «إن الحديث عن مكافحة الفساد بدأ منذ سبعينيات القرن الماضي عندما أطلق شعار من أين لك هذا؟ وما زلنا مستمرين في المسار من دون الوصول إلى نتائج ملموسة. ففي خضم الأزمة كان هناك أمراء حرب جمعوا المليارات على دماء الناس، والأسماء معروفة والمليارات موجودة، ولا يمكن لسورية في طور إعادة الإعمار أن تجذب استثمارات دولية من دون أن نكون شفافين وواضحين، وهنا يكون دور القضاء أساسيا، لأن ما نلاحظه عندما تثار قضايا فساد نجد أن أجهزة أمنية تتدخل وتحقق ثم لا يوجد شفافية في نتائج من هو المتهم ومن هو البريء؟؟» ويؤكد الأستاذ الجامعي «لم أسمع إطلاقاً على أن لجنة برلمانية في مجلس الشعب حققت في موضوع يتعلق بفساد ورأي عام، رغم أن البرلمان لديه الصلاحية لذلك كما في كل برلمانات العالم». لا بديل عن… سيادة القانون وفي تعقيبه على استراتيجية مكافحة الفساد التي أقرتها السلطات القضائية، يعرّف المحامي غياث عمارة الفساد بأنه إساءة استعمال السلطة من أجل تحقيق مكاسب شخصية. ويشير إلى أن للفساد عدة أسباب منها الأسباب السياسية، كضعف تطبيق القوانين والترهل الإداري، وكذلك أسباب اجتماعية كالجهل والفقر نتيجة لتدني الأجور، التي تضطر المواطن للبحث عن طرق أخرى لتحسين وضعه المادي. وأيضاً أسباب اقتصادية متعلقة بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الحياة المعيشية، ونتيجة لذلك فقد ظهر الفساد بأشكال متعددة منها: الرشوة والمحسوبية والواسطة ونهب المال العام، بالإضافة إلى الابتزاز. ويعتقد عمارة بأن أهم الحلول لمعالجة ظاهرة الفساد هي فرض عقوبات رادعة بحق المسؤولين وضعاف النفوس، ووضع مكافآت للموظفين، وزيادة الأجور، وتعزيز دور وسائل الإعلام ومبدأ استقلال القضاء. ويعتقد عمارة أنه خلال سنوات الأزمة لم يكن القانون سارياً بشكل صحيح، لأن للأمن سلطة أعلى من سلطة القانون، وطالما بقي الأمر كذلك لن يكون هناك مكافحة للفساد وستكون الاستراتيجية حبراً على ورق. ويطالب عمارة بأن يتم تطبيق سيادة القانون على كبار المسؤولين بغض النظر عن مناصبهم، و»هذا ما نجحت فيه ماليزيا وفشلنا نحن فيه» كما قال.
التاريخ - 2018-07-20 8:47 PM المشاهدات 3921

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا