لا تبرروا الأخطاء - بقلم: وليم ياسين عبد الله

قد تجبرك الحروب القاسية على أن تكون انفعالياً، أن تكون منعزلاً، أن تكون متسرّعاً، أن تكون عدوانياً، أن تكون معارضاً لكنها لا تجبرك على أن تصبح داعراً أو خائناً...لا تمارس العاهرة الدعارة بسبب الظروف، بل تمارسها لأنها عاهرة فقط، ولا يعتقد أحدكم أنّ مصطلح العاهرة هو حكرٌ على النساء فقط، ففي مجتمعنا قد تكون العاهرة امرأةً وقد تكون ذكراً، فالدعارة قد تتعدى الأجساد لتصبح في العقول أحياناً..توقفوا عن خلق المبررات لتصرفاتكم الخاطئة، واحترموا أنّ هناك فقراء لم يخطئوا رغم أنهم خسروا كل ما لديهم لكنهم لم يخسروا شرفهم، وهناك فقراء خسروا كل أبنائهم لكنهم لم يخسروا إيمانهم بالله...و تذكروا أنّ الخائن لا يخون بسبب الظلم، بل يخون لأنه خائن فقط..والوفي لا يخلص لأنّ هناك مَنْ يستحق، بل يخلص لأنه وفيّ بالفطرة..بين الحق والباطل شعرة صغيرة لا تقطعوها وتخلطوا القيم بعضها ببعض.عندما وصلت جيوش الاسكندر المقدوني إلى حدود مملكة فارس، كان وزير كسرى "داريوس" قد خان كسرى وسرّب الخطط كلها للاسكندر قبل المعركة، وبعد انتصار الاسكندر على الفرس طلب داريوس من الاسكندر أن يعيّنه كواحد من قادة جيوشه فقال له الاسكندر:إن كنتَ قد خنت ملك بلادك، فهل ستخلص لي؟؟أمر الاسكندر بقتله لأنه خان ملك بلاده ولم يفعلها الاسكندر إلاّ لتكون درساً للأجيال القادمة وكي يعرف الناس أنّ الخائن هو خائن بفطرته وليس بسبب ظرف ٍ ما.و في مكان آخر، أتت امرأة إلى الإمام علي بن أبي طالب وقالت له:أنا أبيع الهوى وأطعم الفقراء من المال الذي أحصل عليه من جسدي فهل هذا حلال؟فقال لها:الحرام حرامٌ من حيث ما أتى.اليوم نخطئ جميعاً لكن الجريمة ليست في أخطائنا بل محاولة تبرير هذه الأخطاء، وهناك أخطاء لا يمكن نكرانها أو تبريرها فالحل الوحيد هو الاعتراف بها وعدم العودة إليها، وهذا ما أسماه الله بالتوبة، فهو لم يترك ضائقة إلاّ وجعل لها منفذاً للأمل.هذا العالم منهك و لم يعد يتسّع لأخطاء جديدة، دعونا نعالج الأخطاء ولا نبررها، فتبرير الخطأ أشدّ خطراً من ارتكابه...هذا العالم بحاجة إلى الأعمال الصالحة ليستمر، فلنبحث عنها ونعززها ولنتذكر أن سبب استمرارنا في الحياة هو الخير الموجود في مكان ما، ولو انتهى الخير لما كان هناك من مبرر لاستمرارنا..