شبكة سورية الحدث


مراكب الموت

مراكب الموت
 سورية الحدث - بقلم : غسان حسنمهداة لأرواح من عرفتهم و من لم أعرفهم، و لكل من لم يجد سبيلاً سوى النجاة غرقا….– خَرَجْنا مَعاً ، و في كَفِّنا كَفُّ– أَما الْمَوْجُ كانَ عَنْ طِفْلَةٍ يَعْفو– مَلَأْنا الجِّبالَ ، و السَّهْلَ ، و الْوادي– فَهَلْ لِلْبِحارِ عَنْ قَتْلِنا كَفُّ– تَرَكْنا الْقُرى تَرانيمَ أَشْباحٍ– و طَرْقُ الرِّياحِ أَبْوابَها الْعَزًفُ– تَعُدُّ الْخُطى كَأَنْفاسِنا عَيْنٌ– كَأَنَّ الْعُيونَ في قَوْمِنا عُرْفُ– فَفي وَصْفِ ما رَأَتْ يَوْمَها عَيْني– و مِنْ هَوْلِ ما جَرى ، خانَني الْوَصْفُ– بَدَوْنا كَمَنْ على رَأْسِهِ يَهْوي– شِهابٌ ، و خَرَّ مِنْ فَوْقِهِ سَقْفُ– تَرى الشَّمْسَ سَرْمَداً في دَياجيها– و لِلَّيْلِ وَهَّجَ الْوابِلَ الْقَصْفُ– عَبَرْنا الْحُدودَ آلافَ آلافٍ– فَلَمْ يَبْقَ مِنْ أُلوفٍ خَلَتْ أَلْفُ– بَكَتْ ؛ يا دِمَشْقُ ، مِنْ أَجْلِنا الدُّنْيا– و لكِنَّ وائِدي حُلْمِنا الضِّعْفُ– لَكَمْ أَزْمَعَتْ على قَتْلِنا عُرْبٌ– و فُرْسٌ ، كَذلِكَ الرّومُ ما أَخْفوا– إلى الْأَرْبَعينَ لِصاًّ ، أَضِفْ لِصاًّ– شَياطينَ إِنَّما بَيْنَها حِلْفُ– دُفِعْنا تَخَيُّرَ الميتَةِ المُثْلى– لَإنَّ الَّذي لَنا خَيَّروا حَتْفُ– فَباتَتْ مَراكِبُ الْمَوْتِ تَدْعونا– و باتَ الْمُنى عَلى لُجَّةٍ يَطْفو– و حُبْلى تَجُرُّ حُبْلى ، و لا نَدْري– أَفينا الْمَخاضُ ، أَمْ فيهِما رَعْفُ– مَتى الرّيحُ أَجَّجَتْ مَوْجَةً ، نَعْلو– و يُلْقي بِنا ، مَتى أُخْمِدَتْ جُرْفُ– كَأَنّا حُطامُ وَجْدٍ بِلا وَجْدٍ– خُلاصاتُ أُمَّةٍ ، بُؤْسُها صِرْفُ– تَغُبُّ الْأَسى بِأَقْداحِ أَحْزانٍ– و مِنْ قَصْعَةِ الرِّضى ، ما لَها غَرْفُ– أَرى ما تَناثَرَ النّاسُ مِنْ حَوْلي– حِبالَ الرَّدى ، على الْخَلْقِ تَلْتَفُّ– إِذا بِاللَّتَيْنِ أَهْواهُما ؛ أُمٌّ– قَضَتْ خَلْفَ طِفْلَةٍ ، و انْقَضى لَهْفُ– جَثامينُهُمْ ؛ جُسورٌ بِأَعْماقي– سَلَتْ سُلَّما على الْفُلْكِ يَصْطَفُّ– أَقيما هُنا ، أَيا قُرَّتا عَيْنٍ– رَوَتْها السَّماءُ ،فاغْرَوْرَقَ الطَّرْفُ– نَجا نِصْفُ خافِقٍ ؛ نِصْفُ إِنْسانٍ– بِدُنْيا الشَّقاءِ ، ما يَفْعَلُ النِّصْفُ ؟– كَمَنْ لا يَموتُ فيها ، و لا يَحْيا– جَحيمٌ ، و إِنْ بِها كَوْثَرٌ يَضْفو– هَجَرْتُ الْقَصيدَ مُذْ وَدَّعا الدُّنيا– يَراعي إِلى مِدادَيْهِما يَهْفو– مَلَأْتُ الدَّواةَ مِنْ أَدْمُعي حِبْراً– و بَيْنَ السُّطورِ ،كَمْ يُدْمِعُ الْحَرْفُ– فَقيدَيَّ أَوِّبا ، و اعْصِفا شَوْقاً– أَلا في الضُّلوعِ ، قَدْ أَوَّبَ الْعَصْفُ– دَعا نَقْضِ عَنْ ضَياعٍ لِآمالٍ– بِقاعِ العُبابِ ، حَوْلَ الضَّنا نَغْفو– دَعاني ، لِأَرْشِفَ الْهَمَّ في كَأْسٍ– أَبَتْها الشِّفاهُ إِنْ هَمَّ بي رَشْفُ– تَعودانِ مَنْ بِأَحْلامِهِ يَشْقى– فَلا يوهِنَنَّكُمْ مِنِّيَ الضَّعْفُ– دَعَوْتُ الْكَرى ، كَما كُلَّ أَطْيافي– فَرُدَّ الصَّدى ، و في رَدِّهِ يَجْفو– أَقِمْ لَحْظَةً على ضِفَّةِ الْماضي– و أَوْدِعْ فُؤادَكَ الدَّهْرَ لا تَقْفُ– لَيَحْزُنْكَ لَوْحَةٌ في جِدارٍ لَمْ– يَكَدْ مِنْ إِطارِها ، يوقَفُ النَّزْفُ– سَواءٌ مَضَتْ بِأَرْواحِنا حَرْبٌ– فَلَسْنا جَميعَ قَتْلاكَ يا عُنْفُ– كَوَتْنا الجِّراحُ ، مَهْما طَوَيْناها– فلا تَنْحُ نَحْوَها ؛ أَيُّها الْوِلْفُ– وداعاً ، فَما لَنا عَوْدَةٌ أُخًرى– و لا خَلْفَ بَرْزَخٍ روحُنا تَصْفو
التاريخ - 2016-08-25 9:48 PM المشاهدات 1105

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا