سورية الحدث _ بقلم الدكتور حسام الدين خلاصي
منذ أن أعلن القائد الإمام الخميني بعد انتصار الثورة الإيرانية يوما عالميا لمدينة القدس ، بدا وكأن هناك تبديلا جذرياً في طاقم حراسة القدس في العالم وقد استشعره الإمام وحزم أمره بعد أن توضح للجميع بأن القدس بدأت تهيأ للبيع في مناقصة عالمية يحضرها ويروج لها طاقم حراستها القديم .
منذ ذلك التاريخ قد أثبتت الوقائع وبالتدريج وبسرعات متفاوتة أن رمز فلسطين وهو القدس سيبدأ بالتلاشي جغرافيا وديموغرافيا من التداول ومن أروقة السياسة الدولية ، لأن من ادعى حتى ذلك التاريخ أنه قائم على الدفاع عن الحرمات الدينية والقومية والوطنية في أرض فلسطين بات شريكا مهرولا ، ومروجا بارعا للتطبيع مع الكيان الصهيوني .
بدأ الأمر منذ استيطان هذا الكيان الصهيوني أرض فلسطين بأساليب مختلفة فارتكبت المجازر وتمت الاغتيالات ونشط التهجير ونما الاستيطان رويدا رويدا كالسرطان ، إلى أن ركبت لأنور السادات مفاصل الخيانة بعد انتصار حرب تشرين ليمشي بسرعة نحو منتجع كامب دايفد وليوقع بلا حياء ولا وجل اتفاقية العار ( اتفاقية كامب دايفد ) وبدا واضحا أن بدء هذه الخطوة لايجب أن يأتي من الكيان السعودي بل يجب أن يأتي التطبيع من مصر العروبة ، مصر جمال عبد الناصر لضرب عصفورين كبيرين بحجر صغير .
ولأن القدس بالغة الأهمية في الوجدان الإسلامي والمسيحي والعربي ، فلقد عرف الصهاينة أن مشوارهم شاق وطويل امتد منذ توقيع كامب دايفيد إلى إنجازهم في يومنا هذا ، ولكن رسموا للأقطار العربية والإسلامية مسارات مختلفة للاستفراد بها كل على حدة ، بمساعدة وتواطؤ عناصر عديدة أهمها : ○ هو من يحرس الجانب الإسلامي من القضية الفلسطينية وقضية القدس ألا وهو الكيان السعودي ، فعهد إليه على مدار أكثر من خمسين عاما على أن يشوه الإسلام ومايلوذ به من قضايا مصيرية تهم الأمة الإسلامية وفي مقدمتها قضية القدس ، فصنع إسلاما مشوها غريبا حقودا ، إسلاما يقوم على الإرهاب والتطرف همه إشاعة الذعر والعودة للسلف مع تناسي كامل القضية الفلسطينية لحساب قيام دولة الإسلام الوهابي .
أما القومية العربية فبعد ضربة كامب دايفد لعقر دار جمال عبد الناصر تم تحييد الشعب المصري تحت ظل التطبيع والاتفاقيات الدولية والسلام الصهيوني والديون والانفتاح ، و منذ السبعينيات بدا واضحا مع تسلم الرئيس حافظ الأسد دفة القيادة في سورية أنها داعمة للقضية الفلسطينية والقدس في ظل ضرورة تحرير الأراضي السورية التي احتلت عام 1967 ، والقيادة السورية رفضت بكل وضوح نهج كامب دايفيد بالكامل وهاجمته لأنها رأت فيه تطبيعا وفيروسا سينتشر وذلك لمعرفة القائد حافظ الأسد بالواقع العربي الرسمي وبما يدور في أروقة سياسات هذا الواقع المر .
ومع تطرف قيادة صدام حسين وعنجهيته بات واضحا أن القدس باتت بعهدة حراس الشام .
ومن هنا وبعد تصرفات صدام حسين وحروبه مع الثورة الإيرانية حسب الطلب السعودي - الأمريكي لإبطاء عجلة تطورها ودفاعها عن القدس المعلن منذ بداية الثورة ، تولت القيادة السورية آنذاك توحيد القواسم المشتركة مع الثورة الإسلامية في إيران لتبدأ مسارات جديدة وجدية بين البلدين لإنقاذ القدس كعاصمة كاملة لفلسطين .
من هنا والكل يعرف هذه الحقائق شنت كل أنواع الحروب والضغوطات وأنواع الحصار على البلدين كي لاتنجح مخططاتهما من أجل النيل من الكيان الصهيوني ، وزاد الأمر صعوبة الخيانات المتتالية واتفاقيات السلام العرجاء مع الأردن ومع منظمة التحرير ، ثم التنسيق السري بين الكيان الصهيوني وبين أغلب دول الخليج .
طيلة هذه السنوات والكيان الصهيوني وباستخباراته يخطط لدمارات شاملة للأقطار العربية بالمفرق والجملة .
ومع ذلك استطاعت إيران وسورية العمل بصورة جدية على تنمية قدرات المقاومة بكل أنواعها وخاصة العسكري منها في لبنان وفلسطين وأينما استطاعتا .
ونجحت هذه التنمية في محطات عديدة لرفض الاحتلال والتعامل معه بجدية كبيرة في صد الحروب على غزة وفي طرد الاحتلال من جنوب لبنان وفي حرب تموز كان هناك انتصار نوعي أطلق انذارا واعدا مختلفا عما سبق من الإنذارات ضد الكيان الصهيوني وأعلن عن ولادة فكر مقاوم ذكي علمي مسلح ضد الاحتلال مدعوم من الجادين فعلا في موضوع القدس وتحرير فلسطين والإرادة الشعبية العربية والإسلامية .
لذلك ومع استشعار الكيان الصهيوني لهذا الخطر الجدي المحدق به ، تم تصميم الربيع العربي من أجل تفتيت الأوطان وقتل الأنظمة ونشر الفوضى والإرهاب وتقسيم المقسم ونسيان القدس فالكل سينشغل بما آلت إليه الأمور .
وفعلا تهاوت دول عربية كثيرة وشوهت القومية العربية والتي اعتنت بالقدس طيلة سنين ولو شكليا عبر جامعة عربية صارت من ألد أعداء فلسطين من خلال عدائها لسورية والمقاومة .
وشوه الإسلام والذي صار راية إسلامية سوداء هدفها نحر الرقاب وإقامة دولة ا
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا