ينطلق المهندس السوري ضياء العبدالله (31 عاما) من مقولة إن الحاجة أم الاختراع ، ليبتكر بعد بحث وتجريب لعدة سنوات عنفة ريحية يولد منها الطاقة الكهربائية ليتغلب بها على صعوبات نقص الطاقة الكهربائية التي تعاني منها سوريا منذ عدة سنوات.
وتمتاز قرية سليم التي تبعد عن مدينة السويداء 12 كلم شمالا بوجود رياح على مدار السنة وتختلف سرعتها بين فصل وآخر، وهذا الأمر دفع المهندس العبدالله إلى التفكير باستثمار طاقة الرياح لتوليد الطاقة الكهربائية ويغذي بها منزله طيلة فترة انقطاع التيار الكهربائي والتي تمتد لاكثر من 6 ساعات في اليوم الواحد، وفي الشتاء قد تصل إلى 10 ساعات تقريبا.
وعلى سطح بيته المبني من الحجر البازلتي التي تشتهر به محافظة السويداء (جنوب سوريا) أيضا، ترتفع العنفة الريحية التي ابتكرها المهندس العبدالله، والتي تدور بسرعة كبيرة ، وباتت نقطة علامة دالة على بيتها لكل من يريد الوصول اليه.
وقال المهندس العبدالله الموظف في شركة كهرباء السويداء، لوكالة أنباء (شينخوا)، إن " سوريا تعاني من أزمات متتالية منذ اندلاع الحرب فيها ، وخاصة أزمة نقص الطاقة ، وانقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر وخاصة في فصل الشتاء"، مضيفا "أحببت أن أوظف اختصاصي الجامعي والأكاديمي في ابتكار علمي مفيد للناس ، فكانت فكرة تصميم توربين عامودي يدور على محور افقي يقوم بتحويل الرياح إلى طاقة كهربائية" .
وأشار إلى أن كل العالم يتوجه الان نحو الطاقات المتجددة، مؤكدا أن هذه الطاقة البديلة ستكون الحل الأمثل في المستقبل لانها غير مكلفة واستثمارها سهل.
وتابع المهندس العبدالله وهو يقف على سطح منزله بقرب العنفة الريحية ويحمل قطته الصغيرة بين يديه قائلا " بدأت الفكرة بتصميم توربين رياح ، بحيث يكون مختلفا عما هو موجود ومعمول به بالبلد " ، مبينا أن مدينة السويداء تمتاز بوجود رياح متقلبة ، وغير ثابتة الاتجاه واحيانا تتغير في اليوم الواحد إلى عدة اتجاهات ، مشيرا إلى أن كل التوربينات التي تتعامل مع كل اتجاهات الرياح، هي التوربينات العامودية التي تدور بالمحور الافقي كالذي صممته.
وأضاف "بعد البحث والدراسة والتجربة لعدة نماذج على الحاسوب ، قمت بتطبيق نموذج كان بدائيا من حيث الشكل ، وقمت بتجربته عدة شهور ، وقدم نتائج جيدة "، مبينا أنه بعد فترة أجرى بعض التحسينات على النموذج القديم بحيث يقوم بتحمل رياح أسرع وأقوى ويعطي كمية طاقة أكبر وسرعة دورانه أكبر وأكثر موثوقية، إلى أن وصل إلى هذا الابتكار الأخير الذي اعتمده حاليا.
وقال العبدالله إن "هذا التوربين يقوم بتوليد الكهرباء بفعالية عالية، تبدأ من سرعة الرياح المنخفضة التي لا تتجاوز 4 أمتار بالثانية ، ويبدأ بإعطاء كهرباء كأحد الحلول المقترحة للتغلب على مشاكل نقص الطاقة الموجودة في سوريا".
وروى العبدالله بكثير من الفرح الوقت الذي استغرقه في البحث والتجريب قبل ان يعلن عن أن مشروعه الذي بات جاهزا للتطبيق والاستخدام من قبل الاخرين ، لافتا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا في الترويج لمشروعه الحالي، مؤكدا أن الكثير من المواطنين الذين رغبوا بتطبيق هذا المشروع في منازلهم ، إلا أن العبدالله رغب ان يتريث قليلا قبل أن يطبقه حتى يتأكد من النتائج مائة بالمائة.
وقال العبدالله إن "العنفة تعمل دون ضجيج بطريقة سحب الهواء ويصل إنتاجها إلى 800 واط ساعة، بما يتناسب مع طبيعة المنطقة وقوة الرياح فيها ".
وأشار إلى أنه استخدم لتصميم العنفة مادة الألومنيوم للأجنحة والحديد الصلب للجسور والأعمدة مع طلائها بالدهان لحمايتها من العوامل الجوية إضافة إلى تركيب حمايات لها من الصواعق كونها على ارتفاع عال وذلك بناء على دراسات بهذا الشأن.
وقال إن هناك العديد من الطلبات التي هي القيد الدراسة، وهناك عدة مشاريع سيتم توقيعها في القريب العاجل لتطبيق هذا الإنجاز العلمي.
وأشار العبدالله إلى أن هذا المشروع خلق من حاجة البلد، مبينا أن السنوات القادمة سيكون هذا المشروع هو وجهة العام كله، واستدرك قائلا "بما أن سوريا تعاني من أزمات مختلفة بسبب الحرب والحصار الاقتصادي الخانق ونقص بحوامل الطاقة، فالناس ستبدأ بالبحث عن حلول وبدائل"، مؤكدا أن استثمار الريح هو واحد من الحلول والمقترحات للتغلب على نقص الطاقة".
وتحدث المهندس العبدالله عن المعوقات قائلا إن "أهم المعوقات التي تعترض مشروعه الحالي هي عقبات اقتصادية، لان هذا المشروع لكي يقلع يحتاج لبناء منشأة لتصنيع التوربينات وبكميات جيدة"، داعيا الحكومة إلى تقديم دعم مادي لكي يتمكن من انتاج كميات من التوربينات وبأسعار رخيصة يستطيع كل الناس شرائها وتتمكن من تركيبها على أسطح المنازل وفي المناطق المكتظة بالسكان.
وعبر عن رغبته في الاستمرار في انجاز مشروعه ليصبح أكثر تطورا، مؤكدا أن مشروع استثمار طاقة الرياح مجال معقد وواسع جدا ويحتاج إلى بحث متواصل ومواكبة التطورات الجارية في العالم.
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا