منذ زيارة الرئيس الأميركي الأخيرة إلى الرياض أدركت القيادة السعودية أنها تسير عكس التيار، وأن رهاناتها على تعديل الموقف لمصلحتها في حربها ضد سورية خاسرة. ومع ذلك بقيت تكابر وتدفع نحو اتجاه توسيع وزيادة الدعم العسكري للمجموعات الإرهابية، فضلاً عن الاستعانة ببعض عوامل الضغط الدولية والغربية، لكنها اصطدمت بحائط مسدود، ففشل سعيها، مثل المرات السابقة، إلى استصدار قرار دولي ضد سورية أو كسب غطاء أميركي وأوروبي لزيادة الدعم العسكري لما يسمى بـ»المعارضة السورية».
لم تكتف العائلة المالكة السعودية بتلك المحاولات، بل عمدت إلى تزويد المجموعات الإرهابية التي تقاتل النظام السوري أسلحة صاروخية متطورة وأعتدة حديثة، ظناً منها أن هذا الدعم سيغير المعادلات على الأرض. لكن جميع الأساليب لم توقف عجلة انتصارات الجيش العربي السوري الذي تمكن من فرض سيطرته الكاملة والناجزة على منطقة القلمون في ريف دمشق، ووسع نطاق سيطرته في الغوطة الشرقية ضمن الخطة المعدة لحماية وتحصين أمن العاصمة.
بحسب قراءة عامة يقوم بها مصدر دبلوماسي مطلع فإن محاولة إثارة ملف مماثل للملف الكيماوي في وجه سورية باءت بالفشل ولم تأخذ طريقها لا إلى مجلس الأمن ولا حتى إلى الأروقة الدولية. وشكلت لاحقاً استعادة حمص كاملة إلى حضن النظام بواسطة الجيش العربي السوري صفعة جديدة للسعودية والقوى الأخرى المراهنة على المعارضة والمجموعات الإرهابية، ترافقت مع تطورات ومتغيرات في المنطقة تصب في فشل مشروع الحرب على سورية.
يضيف المصدر أن نجاح الحكومة العراقية في إجراء الانتخابات النيابية، وتحقيق رئيسها نوري المالكي مكاسب إضافية، كانا بمثابة رسالة إلى المراهنين على محاصرة سورية وإضعافها، وفي مقدمهم السعودية التي باتت تلمس أنها عاجزة عن تحقيق أي هدف من أهدافها، بل إن رهاناتها تسقط واحداً تلو الآخر. ويرى المصدر أن القيادة السورية نجحت في معركتها الدبلوماسية والسياسية التي خاضتها منذ بداية الحرب عليها حتى الآن، وأن مؤتمر جنيف ـ 2، شكّل منعطفاً مهماً في انتقالها من الدفاع إلى الهجوم، خاصة ما يتعلق بحربها على الإرهاب. ويشير في هذا المجال إلى أن المسمّاة «معارضة سورية» فقدت بعد ذلك معظم أوراقها في الخارج، إذ اتضح للرأي العام الدولي وللعديد من الأوساط الغربية أنها ليست سوى واجهة سياسية للمجموعات الإرهابية التي تخوض القتال في سورية.
يلفت المصدر أيضاً إلى أن نجاح الجيش اللبناني في ملاحقة المجموعات الإرهابية في الداخل وعلى الحدود الشرقية والشمالية مثّل أيضاً ضربة قوية ضد المراهنين على توسيع رقعة الإرهاب والفوضى، وأسقط خطة زيادة عوامل الضغط على سورية.
هذه الوقائع والعوامل، إضافة إلى عوامل دولية أخرى تتصل بتراجع المشروع الأميركي في المنطقة وفشله، جعلت السعودية تراجع حساباتها وتميل نحو الرضوخ للأمر الواقع والقبول اليوم بما رفضته الأمس.
من هنا، وبحسب المصدر عينه، كانت خطوة الرياض الأخيرة بفتح باب التواصل والتفاوض مع إيران لاستدراك هزيمة ساحقة لسياستها ومشروعها تلحق بها أكبر ضرر.
ماذا يعني الموقف السعودي المعلن؟
يجيب المصدر: بغض النظر عن نتائج المفاوضات المحتملة بين الرياض وطهران، فإن مجرد إعلان السعودية استعدادها لاستقبال وزير الخارجية وللحوار مع إيران بعدما كانت رفضت مثل هذا الأمر سابقاً يعني أنها في موقف لا تحسد عليه، وأنها لم تعد تستطيع تجاهل حقيقة ما حققه النظام والجيش السوريان من نجاحات سياسية وعسكرية.
اللافت أيضاً أن هذا التراجع السعودي يترافق مع نجاح القيادة السورية في تحقيق المصالحات الداخلية، وفي السير بالاستحقاقات الدستورية، وفي مقدمها انتخابات الرئاسة التي ستكرّس انتصار الرئيس الأسد في الحرب على الإرهاب، ومواجهة أوسع حملة على سورية.
البناء
التاريخ - 2014-05-15 9:22 PM المشاهدات 1479
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا