سورية الحدث
"الحزنُ سرُّ السعادة"..
غريبةٌ هذهِ النَّظَريةُ صحيح؟
ستتساءلونَ: كيفَ للكآبةِ أن تُشعِرُكُم بالسعادة؟
في بادئ الأمر ستتعجبونَ وستطرحونَ الكثيرَ والكثيرَ من الأسئلة ، وستكونُ هالةُ الاستفهامِ حولَ هذه العبارة كبيرةٌ جداً ، لدرجةِ أنكم سترفعون حاجباً فوقَ الآخرِ لمجرد قراءتها صمتاً.
_أتذكرونَ عندما كنتم صغيري السنِّ تلعبون وتلهونَ بألعابكم ، كم مرةً حزنتُم لفقدِ أحدِ ألعابكُم عندما كُسِرَت؟
_أتذكرونَ السعادةَ التي دخلت قلوبكم اللطيفة حينما أحضروا لكم أهليكُم بدلاً منها؟
أعلمُ مدى الحزن الذي عشتموهُ حينها ، فقد كُسِرتْ نصف ألعابي التي كنتُ أفضلها ، كما أعلمُ مدى السعادةِ التي شعرتموها حين أُوتِيتُم ببديلٍ منها ، فقد شعرتُ بذلكَ أيضاً.
لكن لنقف بين المَديَينِ قليلاً..
ماذا لو أنْ كان حينها هنالك الكثيرُ الكثيرُ من الألعابِ لديكم فمهما تَكَسَّرَ منها لن تشعُروا بالنَّقصِ لديكم ليتولَّدَ عندكم الشعورُ بالحزنِ ، ولن تشعروا بالسعادةِ ذاتها تجاهَ ألعابكم على مرِّ الأيامِ لأنكم فقدتُم جوهرَ الاكتشاف فيها _إن كانت تعليمية_ والفرحَ الذي هو شقيقُ السعادةِ في روتينِ لَعِبِها ، كما كان حالكم حين حصلتُم عليها في المرّةِ الأولى.
كان عليكم الحزنُ لتشعروا بالسعادة من جديد ، فالروتينُ يقتل السعادةَ كَلو أنَّها بشرٌ أشربتَها زرنيخاً.
هذا مَثَلُ حياتنا اليومية الآن..
نستمرُ بفعلِ أشياءٍ تجعلنا نصلُ لحدِّ الكآبةِ ونحنُ لا ندري السبب ، أو ما هو الحلُّ للخروجِ من هذا الحزنِ الذي نحنُ فيه.
سأطرحُ مثالاً آخر..
_ماذا لو كنتَ تمتلكُ جميعَ حواسك وأطرافك ، فهل ستشعر بقيمتها كما لو فقدتَ واحداً منها؟
بالطبعِ لا.. لأننا جميعنا نُنهِكُ بصرنا بالنّظَرِ لشاشاتِ الهاتف المحمول وشاشاتِ التلفاز بشكلِ جائرٍ يضُرُّ بصحةِ أعيُننا.
_فماذا لو فقد المرءُ شيئاً من نظرهِ بسببِ هذا الإجهادِ ؟ هل سيكونُ سعيداً ؟ وهل سيستمرُ بممارساتهِ البصريةِ كما كان يفعلُ سابقاً؟
من المُحَتَّمِ أنه سيحزنُ على حالهِ ، وسيُعيدُ تنظيمَ وقته في استهلاكِ بصرهِ ليعودَ إلى حالتهِ الصحيَّةِ التي كانَ عليها.
_كيف سيكونُ شعورهُ عندما يُشفى بصرهُ ويعودُ طبيعياً؟
أكيدٌ أنهُ سيشعرُ بالسعادةِ كأنَّ مولوداً لهُ قد جاء.
_هذا هو سرُّ السعادة.. أن تحزن لتشعُرَ بقيمةِ السعادةِ الحقيقية.
أن تفشلَ لتشعُرَ بمعنى النَّجاح.
أن تُكسرَ لتشعُرَ بمعنى الجبرِ.
أن يُغدَرَ بكَ لتشعُرَ بمعنى الوفاءِ لكَ.
إعلَم حقَّ العلمِ أنَّ الحزنَ الشديد سيكونُ تاليهِ سعادةٌ تُنسيكَ آلامهُ.
فابتسم في ضيقِكَ لأنكَ ستُكافَئ على صبرِكَ بالفرج
بقلم أنس مروان المسلماني
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا