سورية الحدث
إنها الساعةُ الثانيةُ صباحًا بعد منتصف الوحدة، لا أملكُ سوى هياكلَ الأجسادِ وأتكلمُ معها، أصبحَ وجودكم وعدمهُ واحدًا يا رفاقَ دربي، لقد تغلغلتِ الوحدةُ في عروقي، لم يعد بجواري سوى بضعةُ شياطينَ تسيرُ بجانبي كطيفي الوحيد، لم تكنْ إلّا لحظةً مجففةً توقفَ بعدها الزمنُ من المضيّ!
وما هي إلّا ألمٌ مبرحٌ ينخرُ في عظامي، يأكلني كالصدأ وينهشُ بشراييني، مزّقَ أوردتي وحطّمَ فؤادي، إنّهُ انفصالٌ عن الواقعِ الأسن، لقد تهتُ بعزلةٍ روحيّةٍ لعلّها كانت سَتُخرِجُني من بؤسي، لكنّها زادتْ الأمرَ وطأةً، وجعلتْ أنفاسي كزفرةَ معذَّبٍ باحثٍ عن الخلاصِ والسعادةِ المفقودة والقليلَ القليل من أُناسٍ يُخرِجونني من وحدَتي!
ولم يكن لديّ سوى أطباقٌ من الخوفِ والوحدانيةِ أتناولها يوميًا، حتى أنّني جمعتُ كلّ الخردةِ الموجودةِ في الجوارِ وصنعتُ منها هياكلَ أصدقائي بعدما هجرني الجميع، الأصدقاءُ والأحباءُ والموسيقى والقمرُ والنجومُ والأهل!
أصلحتُ العربةَ القديمة وسافرتُ بها إلى مكانٍ أحلمُ بالسفرِ إليهِ في مخيلتي!
وقطنتُ في كوخٍ بعيدٍ ومهجورٍ لمدّةِ أسبوع أحاولَ تجاهلَ أطيافهم من أمامي.
رقصتُ تحتَ المطرِ على أنغامِ الموسيقى الخلابة، ولم يجدي الأمرُ نفعًا، فعلتُ أقصى جهودي لأَخرُجَ من وحدَتي العارمة، وبكلِّ بؤسٍ وآسى لم أستطع المضيّ قُدُمًا بل كنتُ بمزيدٍ من التراجعِ والجنون.
هكذا كان ردها عندما سُئِلت: هل مازلتِ تشعرين بالوحدة؟
لارا أنور القطامي.
.........
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا