كتب مدير التحرير
مديرو المدارس الحكومية يحولون مدارسهم إلى شركات تجارية..
سورية الحدث - محمد الحلبي
لم يكد يمضي الشهر الأول على بدء المدارس إلا وضربت التعليمات الوزارية عرض الحائط، وخاصة عند طلاب الحلقة الثانية، حيث تم تجاهل قرار تحديد عدد الدفاتر حسب كل صف، وطلب كل مدرّس مادة دفتر خاص بمادته.. وجولة تفتيشية صغيرة على حقائب الطلاب تثبت صدق ادعاءنا..
أما المصيبة الأكبر فهي كثرة الطلبات التي لا طائل منها سوى جباية الأموال، فبعد أيام على بدء العام الدراسي طلب مدير أحد مدارس الحلقة الاولى المبالغ التالية: ٨١ ليرة تعاون ونشاط - لا خلاف عليه- ٣٠٠ ليرة هوية طليعي، و١٠٠٠ ليرة دفتر طليعي آمنا وصدقنا، علماً أنه وحسب قول أحد المعنيين في التربية أن الجباية لصالح منظمة طلائع البعث، وعشر خطوط تحت كلمة جباية، لدفتر ثمنه ألف ليرة لا يكتب فيه سوى عشر صفحات على الأكثر، ويلزم الطالب على شرائه كل عام، علماً أن دفتر واحد يكفيه لمرحلة التعليم الاساسي كلها، ناهيكم عن المعلومات المكررة كل عام..
أما قطاع الاستثمار لمدراء المدارس فهو الطلب من الطلاب مبالغ قد تتفاوت من مدرسة لأخرى بحجة التقاط صور تذكارية، وهذا ما نوهنا عنه للتربية أيضاً، فتمت الإجابة على الشطر الأول من السؤال -بخصوص الهوية الطليعية ودفتر الطليعي- وتم تجاهل الشطر الثاني بخصوص جباية الأموال بحجة التصوير، وحتى إن لم يكن التصوير إلزامي، فهل يعقل أن تكسر قلب طالب لم يتمكن ذويه من إعطائه ثمن التقاط صورة بدعوة أن الموضوع غير إلزامي؟ أين هي التربية ومناداتها بإلزالة الفوارق المجتمعية؟..
وهل تعلم التربية بهذه الطلبات؟..
وطبعاً الاستثمار لا يتوقف هنا، فبدأت الآن الفرق المسرحية الجوالة أيضاً بالدخول إلى المدارس، ولا نعلم حقيقة رسم الحضور هذا العام، لنعود لنفس المشكلة، طالب يتمكن من الحضور وآخر يبقى في صفّه لأنه لم يسدد رسم الحضور، لينتصف العام وتعود منظمة الطلائع بمجلاتها، حيث كان ثمن المجلة العام الماضي ١٠٠٠ ليرة، وهذا ما شاهدته بأم عيني عندما طلب أحد الأطفال من صديقه بحسرة أن يطلعه على المجلة فقط، لتدمع عيني الطفل عندما رفض صديقه إطلاعه عليها..
أما الطامة الكبرى والتي نحن متأكدون منها أن التربية لا علم لها بها هي الحفلات والطلب من الطلاب المساهمة والمشاركة بإحضار بعض الحلوى وما شابه للاحتفال بأعياد ومناسبات ترهق كاهل الأهالي..
وإن كان ذلك تحت مسمى -نشاط- فلنستذكر النشاط قبل سنوات الحرب وعندها كنا في بحبوحة، كان النشاط أن يقوم بعض طلاب المدرسة في الأعياد الوطنية بإنشاد بعض الأغاني الوطنية، وتقديم الرقصات، وحتى المسرحيات...
فما الذي تغير يا أسيادنا الأفاضل؟ وكيف بكم إن كان ربّ الأسرة لديه ثلاثة أطفال في المدرسة، هل سيضحي الأب بربع راتبه لحفلات المدرسة ونشاطاتها التي لا طائل منها؟.. وهل تعلم وزارة التربية بدخول المصورين وغيرهم إلى المدارس..
رجل قال لي عندما كنت أشتري بعض السكاكر لأحفظ وجه ماء ابني أمام رفاقه للاحتفال بمناسبة لا أعرف سببها، وكان ابنه يريد شراء -صحون كرتون- وقد استغربت من طلب الطفل.. قال أن ابنه وأصدقائه سيحتفلون اليوم بعيد ميلاد معلمة الصف!...
السيد وزير التربية المحترم، نرجو عنايتكم وإصدار تعميم بمنع هذه النشاطات حرصاً على مشاعر بعض الأطفال ورحمةً لذويهم التي أنهكتهم ظروف الحياة المادية الصعبة التي نعيشها..
وشكراً لتفهمكم..
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا