بعد انتشر خبر إزالة الحواجز الأمنية والعسكرية بين المحافظات والمناطق السورية، بشكل غير رسمي، أكدت مصادر مقربة من الحكومة الخبر، مشيرة في الوقت نفسه إلى الإبقاء على الحواجز القائمة بين مناطق سيطرتها وتلك الخارجة عنها. وولّدت هذه الخطوة انطباعاً إيجابياً بين السوريين، كوْنها تمحو مظهراً من المظاهر التي انتشرت مع بداية الحرب، وسبّبت في فترات معينة ضغطاً كبيراً على تنقّل المواطنين، وحالة من الخوف والإزعاج. كما أن القرار المذكور رفع منسوب التفاؤل بإمكانية ضبط أسعار السلع وخفضها. إذ عبّر البعض، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن اعتقادهم بأنه «سيزيل حجّة التجار والصناعيين بارتفاع تكاليف نقل البضائع، وبالتالي ستنخفض الأسعار».
لكن آخرين يعربون عن خشيتهم من أن يؤدي القرار إلى «إقامة حواجز (طيّارة) تحت ذريعة الأمن والأمان، فتكون الضريبة على المواطنين مضاعفة»، كما يقول حسام، وهو أحد المواطنين، في حديث إلى «الأخبار»، فيما تعتقد نجلاء أن الخطوة قد تؤتي ثمارها «فقط عندما تتبعها قرارات إيجابية أخرى تتعلق بضبط دوريات الجمارك». كذلك، تخشى حنان، التي لا تؤيد إزالة الحواجز في هذا التوقيت بالذات الذي يشهد احتجاجات متباينة، «من فلتان أمني يرجعنا 10 سنوات إلى الوراء».
القرار سيادي
قد يرى البعض في قرار إزالة الحواجز مؤشراً إلى الاستقرار السياسي الذي بدأت تَظهر معالمه مع الانفتاح العربي والإقليمي على سوريا. وما عزّز تلك الدلالة، بحسب هؤلاء، صدور القرار عشية زيارة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إلى دمشق. إلا أنّ الباحث والمحلل السياسي، علي جديد، يقول إنه «لا علاقة لهذا القرار بالمشهد الدولي، باعتباره طاول شأناً سيادياً سورياً لا يرتبط بأي أمور خارجية، فهو قرار من الدولة السورية وأجهزتها الأمنية التي رأت عدم وجود حاجة إلى الحواجز بعد الآن»، واصفاً الخطوة بأنها «إيجابية وتبعث الراحة بين المواطنين، وخاصة لما يتبعها من انتهاء بعض الإشكاليات التي كانت تحدث بسبب الحواجز». ويعتقد جديد أن «القرار يعزّز مشهد الطمأنينة والأمان الداخلي في سوريا بشكل عام، ويظهر أن بلدنا يتجه نحو المزيد من الاستقرار، على عكس ما يروّج له البعض من تهويل لحراك واحتجاجات في بعض المناطق، وما سيتبعها من تطور انفجار لحرب جديدة».
أما من الناحية العسكرية، فيوضح الضابط المتقاعد، غسان الشاويش، أن القرار «مرتبط بانتفاء الضرورة إلى وجود الحواجز، وهذا لن يؤثر في الحالة الأمنية بالتأكيد، والجيش العربي السوري والجهات الأمنية قادرة في أي وقت – إن احتاجت – على إعادتها وزيادتها أيضاً».
من المتوقع أن ينعكس قرار إزالة الحواجز على الوضع الاقتصادي والمعيشي في سوريا
ميزان الأرقام
من المتوقع أن ينعكس قرار إزالة الحواجز على الوضع الاقتصادي والمعيشي في سوريا، وفق الأستاذ في كلية الاقتصاد في جامعة حلب، الدكتور حسن حزوري، الذي يقول، إن الأسعار «قد تنخفض إلى نسبة 20% في حال انتهت مظاهر الإتاوات التي كانت تفرضها بعض الحواجز على سائقي وسائط نقل البضائع وحتى الركاب». ويبيّن حزوري أنه لا يقصد «الحواجز الأمنية التي كانت تبسط الأمن والحماية، وإنما الحواجز التي كثرت (في حلب مثلاً) وكانت تتبع لجهات مختلفة، ويقتصر عملها على السلب غير المشروع، وهي التي صدّرت صورة سلبية عن الحواجز، وخاصة أنّ التجار والصناعيين كثيراً ما يحمّلون جزءاً من ارتفاع الأسعار للمبالغ التي تُدفع على الحواجز». ويحتمل أن ترتفع نسبة انخفاض الأسعار إلى 50%، في حال تم إلغاء ترسيم منتجات البضائع السورية المنشأ، والعمل على تحسين السياسة النقدية وإلغاء منصة تنظيم عمليات تمويل المستوردات لتسهيل وصول المنتجات ومنع التصدير التطوعي.
أما عضو غرفة تجارة دمشق، التاجر محمد حلاق، فيرفض فكرة اتهام الحواجز بالفساد والرشوة، من دون أن ينكر وجود ما يسمّيها «أخطاء فردية»، قائلاً: «يمكن تسمية الحالة عبء نقاط تفتيش لا أكثر، واحتمالية انخفاض الأسعار بعد إزالة الحواجز قائمة كونها تيسيراً لبيئة العمل وتحقيقاً لمزيد من المرونة والتسهيل في نقل البضائع، وكلما يسّرنا بيئة العمل أصبح العمل أكثر وضوحاً وأكثر ضبطاً للنفقات والتكاليف».
أما نسبة الانخفاض في أسعار المواد، فهي تتعلق بـ«نوع السلعة وسعرها وكميتها، حيث إن دفع مبلغ 500 ألف ليرة للحواجز من شاحنة خضر سعرها 10 ملايين يساوي 5%، بينما شاحنة أخرى تحمل بضائع بمبلغ 500 مليون لن يشكل 1 بالألف وهذا مقبول جداً»، بحسب حلاق، الذي يشير إلى أن ذلك أيضاً «يتعلّق بمدى مصداقية النفقات التي توضع تحت بند عبء نقاط التفتيش».