شبكة سورية الحدث


ديرعطية تفتح ذراعيها لاحتضان الدورة المحلية الثانية للأولمبياد الخاص

   خاص - فضل ابنها البار ((أبو سليم دعبول)).. حدثت المعجزة وأصبحت نموذجاً يحتذى بين المدن السورية ديرعطية تفتح ذراعيها لاحتضان الدورة المحلية الثانية للأولمبياد الخاص   تستعد مدينة ديرعطية التي تبعد حوالي 80 كم عن دمشق لاستضافة الدورة المحلية الثانية للأولمبياد الخاص التي تنظمها مؤسسة الأولمبياد الخاص بالتعاون والتشاركية مع وزارة الشؤون الاجتماعية والاتحاد الرياضي العام وجامعة القلمون وقرية ذوي الاحتياجات الخاصة بديرعطية.   قصة مدينة كانت ديرعطية حتى بداية النصف الثاني من القرن العشرين قرية تجاورها غوطة غناء تحيط بها البساتين من الشمال و الشرق و الجنوب و تتوزع فيها شرايين قناة مائها المعروفة باسم النهر الذي يزيد طوله على خمسة كيلومترات و تساير صفوف أشجار الحور تلك الشرايين كانت أشجار الحور عنوان جمال و فرح و عمران تهب عليها ريح الشمال فتتمايل بسوقها الغضة الفارعة يمنة و يسرة و تهز أوراقها اللامعة بين زقزقات العصافير التي كانت تجد مكانها المفضل بين الخضرة و الماء وكان أهل البلدة في أفراحهم يتخذون من أغصان الحور زينة جذوعها حاملاً لأسقف منازلهم إلى جانب ما يتوفر من أشجار غابة الجبل أما غوطة القرية فكانت حافلة بأشجار المشمش و الكرمة و التين و الرمان . وكان للقرية ثلاث بوابات شرقية و غربية و جنوبية يلج منها الداخل و الخارج من خلال جدران الدور المتراصة و المعاصر الرئيسية . كانت المساجد و الكنائس و المرفق العامة كالمحلات التجارية و الخان و الحمام و الطاحونة و زقاق الحدادين و ورشات النجارين تتركز في نواة القرية و ما حولها المعروفة بالصخرة . استخدم سكان ديرعطية أشجار الحور في بناء سقوف المنازل و أغصان الشجر و الحطب وقوداً للتدفئة و تشغيل الأفران و سميت الوديان و الجبال بأسماء الأشجار و نذكر منها على سبيل المثال شعاب اللوز شعاب البطم شعبة الأجاص وادي السنديان الكبير وادي السنديان الصغير .   ديرعطية والتاريخ يرجع تاريخ هذه القرية إلى النصف الثاني من القرن الثالث عشر عندما جاءتها السيدة خاتون قرينة أحد قادة صلاح الدين الأيوبي التي أحضرت الفلاحين المهرة و البنائين الأكفاء عهدت إليهم بإصلاح قناة الري و إحياء الزراعة و توفير أدوات العمل و المعيشة من حدادة و نجارة و نسج و استحدثت على فروع القناة المطاهر المائية و الحمامات ذات الطراز الفارسي حرصاً على الطهارة و النظافة قرب مسجد القرية و أدى الخان وظيفته لإيواء المسافرين و الضيوف و العناية براحلتهم و سمي أحد منافذ القناة المغطاة نهر البقر لأنه استخدم لسقاية الماشية و القطعان . و قد انتشرت الطرق الصوفية في القرية فكانت الزاوية مكاناً للعزلة و التأمل . بعد توسع القرية و ازدياد التلوث شقت البلدية قناة خاصة لمياه الشرب النقية . من وصية الوقف الذي أنشأته السيدة صالحة خاتون و الذي يعود إلى أوائل القرن الرابع عشر الميلادي بند خاص بأرض ديرعطية كان كالتالي إن ما تدره هذه الأرض من خيرات إن لم يبق بها أحد من الموقوف لهم ينفق على فكاك أسرى المسلمين من الفرنجة و كانت الحروب الصليبية لم تنته بعد . ثم تبدلت الحال و عانى أهل ديرعطية من الظلم و الإرهاب في العهد العثماني الذي طال جوره الإنسان و الشجر و جاء بعده مستعمرون قساة جعلوا الحياة في القرية غاية في الصعوبة فانتشر الفقر و الجوع أكملت قسوة الطبيعة ما سببته يد الإنسان من ظروف في منتهى القسوة و زاد في الطين بلة السيل العارم الذي حدث في عام 1910 ميلادية و تكرر في عام 1937 و جرف السيل المنازل وكل ما صادفه من مساكن و زرع و ضرع. و تكررت أعوام الجفاف في ستينيات القرن العشرين مع ورشة حفر الآبار في حوض المجر الأعلى فبدأ شريان القرية الوحيد و هو نهرها الآنف الذكر يضمر بل أخذ يتلاشى و لم يبق منه سوى قناته المغطاة الخاوية ومنافذها . ومع هلاك الشجر الذي لم يبق منه سوى البطم الذي يقاوم الجفاف أصبحت الجبال جرداء لا تصلح سوى للرعي و الزراعة البعلية التي لا تخلو من المغامرة . أما و قد حل بالقرية ما حل من عوامل قسوة الحياة لم يجد أبناؤها سبيلاً للخلاص سوى الهجرة والتي صارت هاجساً لهم وملاذاً لتحسين الأوضاع وتوفير أسباب العيش فتوجه العمال والبناؤون والسائقون وغيرهم من الشباب صوب بلدان الاغتراب فكانت وجهتهم إلى أمريكا حتى الحرب العالمية الثانية ثم إلى بلدان الخليج وإلى دمشق بعد تلك الحرب .   بداية النهضة والبناء لقد هبت رياح التغيير نحو الأفضل على ديرعطية كما في غيرها من أنحاء سورية مع قيام الحركة التصحيحية المجيدة بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد وكانت لتعاليم سيادته التي تضمنتها خطبه وتوجيهاته في مختلف المناسبات الفضل الأول والأكبر في التحول الإبداعي الذي شهدته البلدة . وكانت واسطة نقل أفكار المعلم الأول والقائد الفذ إلى جموع ديرعطية ابناً باراً من أبناء هذه البلدة السيد محمد ديب دعبول أبوسليم الذي نهل من ينبوع السيد الرئيس واكتسب من معين أفكاره حاملاً بذور الخير والعطاء إلى مسقط رأسه لتنبت في تربة شاء الله تعالى أن تكون خصبة فيكون الحصاد غنياً . اجتمع أبو سليم بأبناء بلدته ديرعطية في اليوم الأول من شهر كانون الثاني 1982لينقل إليهم ما تعلمه من الرئيس الراحل حافظ الأسد داعياً إياهم إلى تطبيق توجيهاته ومبادئ نهجه بالعمل المشترك والتضامن من أجل خير الجماعة وفائدة الجميع كان الهدف هو الانتقال بدير عطية من حال إلى حال من بلدة جف ماؤها إلى مدينة حسناء غناء بعمارتها وطرقها ومرافقها وبعودة النضارة إلى ربوع أرضها وخلال ستة عشر عاماً من العمل الجماعي عادت الحياة إلى ديرعطية وتحولت إلى مدينة حسنة التنسيق واتسعت أعمال التشجير وعاد المهاجرون من أبنائها ليسهموا في بنائها.   ديرعطية وبناء الإنسان كانت البداية صعبة لإعادة بناء الإنسان في هذه المدينة ونشر الوعي الحضاري لجعله يحترم الطبيعة والأشجار ويهتم بحمايتها كما يهتم بالنظافة والترميم ومن خلال اللقاءات وإبداء الملاحظات واحتكاك الأهالي وتبادل الأفكار تخلى الجميع عن كل ما كان شاذاً في العلاقات العائلية والتقوا جميعاً ناشرين الحب والمساواة معلنين عن ولادة مجتمع حديث يتحلى بأسمى آيات الأخلاق مساهمين في الزراعة والبناء يداَ واحدة . اهتم العمل الشعبي ببناء الإنسان من حيث الأخلاق والمعاملة وتبادل المحبة فكان الوعي الأكبر في تحسين البيئة وتزيينها بالفن . المشهد الجميل يهذب النفس ويدعو للطمأنينة ويغرس فيها حب العمل وتحريك دوافع الإنسان الخيرة لفعل ما هو جميل مبدع . إن تحول الإنسان في هذه القرية من الفعل السلبي إلى الفعل الإيجابي وإحلال الملكية الجماعية حقق أرقى درجات الأخلاق الحسنة في بناء المدينة الفاضلة . أراد العمل الشعبي أن تكون إعادة بناء الإنسان سريعة وأكيدة لذا حول القرية إلى مدرسة زرع فيها لوحات كبيرة كتبت عليها أقوال مأثورة للمعلم الأول الرئيس الراحل حافظ الأسد كانت مشاعل نور سار عليها أبناء ديرعطية .   مدينة حضارية من يذكر ديرعطية في السبعينات وبداية الثمانينات يجد نفسه الآن أمام مكان آخر تماماً مشفى ضخم مجهز بأحدث ماتوصل إليه الطب والعلم وتعرض لعملية تخريب في الأحداث الأخيرة .. متحف فريد من نوعه يرصد التطور الحضاري للمدينة .. مدينة رياضية تمتد على مساحة 360 دونماً تضم منشأت رياضية كبيرة ( ملاعب ومسابح وصالات).. فرن آلي ضخم .. معهد علمي ودار للمسنين وأخرى لذوي الاحتياجات الخاصة ودار ثقافة قلّ نظيرها في سورية وجامعة القلمون خاصة هي الأكبر بين نظرائها باختصاصاتها وعدد طلابها إضافة إلى الحدائق التي تزين المدينة والتشجير المستمر.. وبسبب الجفاف وقلة الأمطار اتجه الشباب نحو الهجرة على البلاد العربية سعياً وراء الكسب السريع ورغبة في تحسين المستوى المادي وبالتالي أهالي ديرعطية يعتمدون أساساً على أبنائهم المهاجرين وهؤلاء يدعمون مشاريع المدينة المتزايدة يوماً بعد آخر بالأموال اللازمة لتحسين مدينتهم وتطويرها.   ثقاقات متعددة تتميز ديرعطية عن باقي مدن سورية بانعدام الأمية فيها تقريباً وينحصر عدد الأميين في مجموعات قليلة جداً من كبار السن ومنذ بداية القرن العشرين كانت ديرعطية قد انفتحت على العالم من خلال اتصالها بالثقافات الغربية والأفكار الجديدة عن طريق أبنائها المهاجرين إلى الأمريكيتين خاصة والذين أخذوا يشجعون من بقي في البلدة من أبنائها على التحصيل العلمي.   نشاطات اجتماعية الحياة الاجتماعية في هذه المدينة غنية بنشاط إنسانها الحضاري وقد تحول العمل الجماعي الدوري في هذه المدينة إلى طقس من طقوس حياتها على شكل حملات للتنظيف وافتتاح المعارض الفنية في صالة المتحف وإقامة الندوات الثقافية وحفلات الزواج الجماعي وتكريم المتفوقين دراسياً وغيرها من النشاطات الاجتماعية التي تغني الحياة حيوية وعطاء وسعادة. أهالي دير عطية مضيافون ويحبون الغرباء ولهذا فإن ديرعطية شهدت موجة من الهجرات إليها ووجد الوافدون إليها كل متطلبات الحياة من أمن وأمان وقد انصهر هؤلاء الناس ضمن أهالي المدينة وأصبحوا من أهلها غير أن التسمية التي أطلقت عليهم فإنها وما تزال حتى الآن دلالة حقيقية على المناطق التي وفدوا منها مثل بيت الزحيلي نسبة إلى زحلة وبيت الحمصي نسبة إلى حمص وبيت الفليطاني نسبة الى فليطة وبيت القرواني نسبة إلى القريتين وبيت المصري وبيت البريجاوي إن ما تقدم يعطي انطباعاً على ما تتصف به المدينة من إمكانيات الاستقرار وعوامل الحياة المناسبة. لقد استمرأ أهالي البلدة هذه الصفة الحميدة وساروا عليها ولهذا فإنك لا تجد في دير عطية وحتى وقت قريب أي فندق أو مطعم لأن أي عابر سبيل يفد إلى دير عطية لابد وأن يجد من يوفر له حسن الضيافة وطيب الإقامة ومعروف أن بيوت أهالي دير عطية مفتوحة الأبواب مُرحبة بالضيوف سواء من أهالي المدينة أو من خارجها ولعل ما اشتهر به أهالي دير عطية أنهم في الماضي كانوا يُكثرون من تجهيز العروس بالفرش والمخدات تحسباً لقدوم هؤلاء الضيوف مما يجعل منازل القرية في استعداد دائم. إن الإرادة الحكيمة والنيات الطيبة والهمة الجبارة حولت الصحراء إلى غابة والقفار إلى عمار والجفاف إلى ماء والعطالة إلى عمل والمجتمع إلى خلية عمل دائمة العطاء.. إنها ديرعطية الحديثة معجزة الإنسان المبدع.  
التاريخ - 2015-08-19 4:49 AM المشاهدات 4455

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا