سورية الحدث : خاص.
د . الجبالي رئيس المجموعة الاقتصادية للتنميه :
المواطن في سورية اعتاد يوميا على فتح جواله منتظراً الرسائل التي قد تفرّج بعضاً من همه المعيشي.. حيث غابت الرسائل عن الموبايلات إلا من عروض شركات الاتصال..
لم يعد هناك رسائل لاستلام الأرز والسكر المدعومين.. ورسائل الغاز المنزلي لا تأتي إلا كل 90 يوماً ورسائل البنزين تجاوزت 17 يوماً ورسائل مازوت التدفئة في العام مرة واحدة ليبقى المواطن في دوامة السوق السوداء متعرضاً لابتزاز المستغلين وغشهم وتلاعبهم بمقدرات ليست من حقهم...
الاغرب من ذلك أن رفع أسعار المحروقات وحوامل الطاقة لا يزال مستمراً مع غيابها .. ونحن نعلم حجم التحديات الكبيرة التي تواجه تأمين حوامل الطاقة، ولكن رفع أسعارها كان له أثر سلبي بالغ على الواقع المعيشي وانعكس بشكل مباشر على أسعار السلع وحتى حركة الأسواق
فإحدى هذه التأثيرات مثلا ما نشرته بعض وسائل الإعلام بأن حركة السير في شوارع دمشق انخفضت حنى 40 بالمئة بسبب غلاء البنزين، والذي باتت رسالته تعادل راتب موظف، وللاسف أصبحت السيارة هماً على أصحابها، ولم تعد رفاهية، أو لقضاء الحوائج الاساسية أو لتفادي أزمة النقل والمواصلات وتكاليفها المرتفعة.
من جهة اخرى نجد أن اسعار السلع لا تهدأ أبدا رغم استقرار سعر صرف الليرة، بل هي على صعود مستمر، متأثرة بالقرارات الحكومية الخاصة برفع أسعار المشتقات النفطية، والتي جعلت من تكاليف النقل مرهقة على أصحاب المعامل وعلى ذوي الدخل المحدود، لدرجة أن تكليف النقل أصبحت بنداً أساسياً في الكثير من المهن والصناعات حتى طال ذلك اتعاب معقبي المعاملات لضخامة أرقامها، في حين كانت سابقا لا تشكل نسبة تذكر.
الرفع المستمر لأسعار المشتقات النفطية ورغم عدم تحديد سقف معين لها، ورغم أنها باتت أعلى من دول الجوار، رفع من أرقام التضخم، وجعلت من السلع العادية تحتاج لكتلة نقدية كبيرة، ما يعني ان رفع أسعار المشتقات النفطية دفع بالتضخم للأعلى وأضعف القوة الشرائية للمواطنين، فقرارات رفع أسعار المشتقات النفطية جاءت للتخلص من ثقل أرقام الدعم التي تتكبده الخزينة العامة على هذه السلع والخدمات، ولكن ما حدث أن النتائج كانت سلبية على شتى القطاعات الاقتصادية.
ما نرصده من تصريحات الصناعيين، أن أسعار المازوت والكهرباء والفيول والبنزين العالية جدا جعلت من المنتج السوري خارج القدرة الشرائية للمواطن كما جعلته خارج نطاق المنافسة في الأسواق الخارجية، لارتفاع التكاليف.
أي ان قرارات رفع أسعار المشتقات النفطية لم يكن تأثيرها محلياً فقط، بل أثرت على منافسة المنتجات السورية في الأسواق الخارجية، ونحن في هذا الوقت الاقتصادي العصيب نحتاج للتوسع بالأسواق الخارجية لمنتجاتنا المحلية وعدم تقليص فرص التواجد.
الكل يعلم أن أساس نجاح أي مشروع اقتصادي هو استقرار تكاليف الإنتاج وتحفيزه وإيجاد أسواق واعدة له، ولكن كيف لهذا ان يحدث في ظل تقلبات شبه أسبوعية لأسعار المشتقات النفطية، كيف للصناعي أو للفلاح أو للتاجر أن يحدد تكاليف إنتاجه أو نسب أرباحه وأسعار المشتقات النفطية ومدخلات الإنتاج ترتفع بشكل متواتر وسريع.
ما نريد أن نخلص له هو أن المواطن والصناعي والتاجر والفلاح باتوا يبحثون عن الاستقرار يحتاجون لاستقرار التشريعات، واستقراراً في الإجراءات. واستقرارا في أسعار المشتقات النفطية.،
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا