اضطراب تعدد الشخصيات: عندما يصاب المجتمع به!
خاص - الدكتور : دريد درغام
هذا المرض العقلي يشخّص ما قد يتعرض له الإنسان عندما تتواجد عدة شخصيات متمايزة لديه كل منها يتفاعل مع البيئة المحيطة وتتجسد كل منها له بشكل مستقل. يربطه المختصون بالتفاعل مع الإجهاد وصدمات الماضي ونقص الرعاية والقدرة الولادية على فصل الذكريات والتجارب عن الوعي فيصبح داخل الشخص شخصيات مختلفة كيان كل منها مستقل وقادرة على التفاعل مع البيئة المحيطة باستقلالية عن أخواتها.. ويقال عن معظم الاصابات فيه مسجلة في شمال أمريكا. ويعالج المرض على مراحل تبدأ بضمان سلامة الشخص المعني ثم يبدأ التعامل الجدي مع الذكريات المؤلمة من أجل منع اتسلاخها عن بعضها وإعادة تناغمها لتعود شخصية واحدة لا تهمل أي منها ذكريات أو تجارب أخواتها.
وإذا كان هذا المرض يرتبط بما تحتفظ به ذاكرة المريض خلال حياته الإنسانية، فلا بد من تديده ليشمل مجتمعات تعاني منه كلما أمد الله في عمر وجودها على سطح الكوكب. ويلاحظ تواجد هذا المرض لدى الكثير من الأجيال في الكثير من العصور التي راكمت ما يكفي من الذكريات والتجارب المؤلمة بحيث: • بعض الذكريات المؤلمة تعود إلى أكثر من ألف عام وتتنوع أبابها من ناقة "بسوسية" إلى داحس سبق غبراء... سأترك لكم مراجعة الذكريات المؤلمة التي ما يزال بعضها حتى الآن يبكي الملايين لا بل يدميهم "بأيديهم" أحيانا.
• إشكالية الذكر والأنثى اللذين لم يتمكنا حتى الآن من إيجاد التناغم فيما يعزفونه على مسامع نسلهما إن كان العلاج متاحا للفرد بتعريضه لذكريات طفولته المؤلمة سواء قبل العلاج طواعية أو بإكراهه من قبل أولياء أمره، فكيف يمكن لنا تعريض مجتمع بكامله لذكريات يرفض النقاش فيها ويعتبرها من المحرمات سواء كانت قبل 1500 سنة أو عام 1860 أو 1915 أو حتى أقرب الذكريات المؤلمة التي لم يبخل الله علينا بها عبر التاريخ. وبفرض تواجد تلك الذكريات وإمكانية قراءتها كيف يمكن تداولها والحوار حولها إن كان حراس هياكل التاريخ المظلم يقدسون سواده ويمنعون أي تشكيك فيه أو أي محاولة لإعادة قراءته. والسبب يعود إلى المجتمع بأكمله مصاب بمتلازمة ستكهولم. ما هذه المتلازمة؟ إنها متلازمة تم تشخيصها بعد حادثة خطف في أحد بنوك السويد حيث تعاطف المخطوفون مع الخاطفين رغم الخوف منهم (أحدهم شعر بالامتنان الشديد لان الخاطف وعده بانه لن يقتله إلا بعد أن يسكر تماما!). يمكن بسهولة إيجاد ما يكفي من الدلائل والسلوكيات التي تؤكد أن مجتمع الشرق وليس أفراده يعاني من متلازمة استوكهولهم تجاه منظومات غير مرئية (حيث الولاء لكل ما يزعجنا: علاقة الموظف بالسويات الأعلى والمواطن بالجهات الوصائية أو الخدمية).
خلاصة القول لن نشفى فرادى قبل شفاء مجتمعنا من مرضه الأسوأ (اضطراب تعدد الشخصيات المجتمعي: نكره الغرب علانية ونعشقه خلسة ونحب الحياة ونمنع التمتع بها).
هذا المرض الذي أصاب الشرق منذ البعيد يدفعه إلى إدمان التناقضات ومنع أي تناغم يقود إلى مجتمع "جامع" حقاً.
التاريخ - 2015-09-06 1:04 AM المشاهدات 608
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا