السياسة ونشأتها... من رحم الحاجة إلى خلود السادة

  السياسة ونشأتها... من رحم الحاجة إلى خلود السادة خاص سورية الحدث - بقلم عبد العزيز عكل   إذا كانت السياسة هي فن إدارة الفعاليات الحضارية والمتفاعلة باستمرارفإنها بلا شك تمثل قمة الهرم في النشاط الحضاري برمته، إذ تتجلى في ممارستها عناصرالقوة والضعف الكامن في كنه تلك الفعاليات، فهي أشبه بحاضنة تختزن في داخلها حقيقةوضع البنائين التحتي والفوقي في الدولة لتستخدمها في الزمان والمكان المناسبين فيلعبة الصراع، صراع الارادات مع الآخر... و مما تقدم يمكن وضع تعريف مبسط وشامل للسياسة بأنها فن فرض الارادة علىالآخر بالوسائل المتاحة قاطبةً، أي إجبار الآخر على الرضوخ للمطالب والقبولبنتائجها وتحمل تبعات العواقب المحتملة... هذا تعريف مهني للسياسة، ويقدم لفَهمِها عاريةً عن عوالقها التاريخيةوالتراثية.. مجردةً إلا من الميزات العملية البحتة من عملها بما هي عليه، والتيتهدف إلى تحقيق النجاح في العمل بموضوع محدد في الزمان والمكان المعنيين بذلك.. نشأة السياسة السياسة نشأت في أحشاء التجمعات الجماهيرية، وفي أحشاء السيادة نمت فكرتها،وببطء شديد بدأت بالنضج لتواكب تطور هذه التجمعات من أشكالها البسيطة إلى أشكالهاالأكثر تعقيداً.. ومع توطد سلطة ومفهوم السيادة برزت الحاجة إلى المزيد من التطوير للأساليبو الأدوات التي تمكن سلطة السيادة والمحافظة عليها وعلى سيطرتها، وترسيخ دعائمهابما يكفل ديمومة السيادة قوية ومهيمنة وفاعلة، لذلك كانت السياسة حاجة لضماناستمرار السيادة ووسيلتها في السيطرة والبقاء، ولا أغالي إن قلت إنه لولا السياسةلما استطاعت السيادة أن تستمر، لأن وحدة مسارهما في كل المراحل التاريخية أمَّنتتعاظم سلطة السيادة بوسائل السياسة التي ليس لها حد في استخدام كل الممكنات بغضالنظر عن مشروعيتها حتى ولو كانت قذرة، إلى أن آلت أوضاع المجتمعات إلى ما يمكنتسميته بالأزمة الكبرى للحضارة، والتي نحصد الآن النتائج الوخيمة التي أدت إليهاتلك السياسات الرعناء والوسخة... إذاً السياسة لم تنشأ من فراغ، بل هي أصلٌ راسخ في صلب السيادة التيأنتجتها الجماهير، وهي ما زالت حتى اليوم محور نشاط المؤسسات السيادية في مجموعشعوب العالم، وهي التي تحرك بأصابعها الخفية والعلنية كل النشاطات الأخرى علىاختلاف مضامينها في السلم والحرب لتصب كل النتائج المطلوبة في خانة المصالح العلياللسيادة بفرض إراداتها على السيادات الأخرى وشعوبها ....