شبكة سورية الحدث


ورقة عمل حول وضع النظام الوطني لمحاربة الفساد

  عبد الرحمن تيشوري / خبير اداري سوري / من فريق الوزير الدكتور النوري شهادة عليا بالادارة كاتب وباحث ومدرب    فيما يلي ورقة العمل المقدمة إلى لجنة مكافحة الفساد الإداري والتي تتضمن دراسة عن الفساد (أسبابه وطرق مكافحته): لمعالجة أي موضوع أو ظاهرة خطرة لا بد من تحليلها لمعرفة أسبابها، ومن خلال معرفة الأسباب يستنبط الحل، وهذا الأمر ينطبق على الفساد كظاهرة خطرة تتطور أدواتها باستمرار مع تطور المجتمعات. إن الوقاية من الفساد تتطلب أولاً معرفة أسبابه الحقيقية التي تختلف بين بلد وآخر، وبعد معرفة الأسباب يصبح من السهل اقتراح الحلول لتجفيف منابعه والحد منه ما أمكن، لأن القضاء عليه بشكل كامل يعتبر أمراً متعذراً إن لم يكن مستحيلاً. ومن أبرز الأسباب التي تساعد على ظهور الفساد ونموه هي: 1. أسباب إدارية وتنظيمية: a. تعقيد الإجراءات الحكومية في إنجاز المعاملات، مما يدفع بصاحب المعاملة إلى إتباع طرق غير شرعية للوصول إلى هدفه. b. غياب المرجع الإداري الصالح لمعالجة شكاوى وتظلمات المواطنين عند تعرضهم للابتزاز، أو عدم القدرة على الوصول إليه، مما يؤدي إلى نشوء بيئة آمنة لنمو الفساد. c. التعتيم وغياب الشفافية في معظم الإدارات الحكومية. d. اعتبار المناصب كفرص استثمارية لها ريع، فمن يدفع مالاً في سبيل الحصول على منصب سيسعى إلى استثماره. e. ربط المنصب بالانتماء السياسي على حساب الكفاءة والنزاهة. f. عدم الجدية الكافية للقرار السياسي بمكافحة الفساد. 2. أسباب أخلاقية واجتماعية: a. تغيّر نظرة المجتمع إلى الفاسدين من نظرة احتقار وازدراء إلى نظرة لامبالاة، والاعتياد الاجتماعي على هذه الظاهرة. b. سيطرة النظرة المادية في المجتمع على حساب القيم والأخلاق، حيث يتم النظر إلى الأغنياء باحترام من دون الاهتمام بمعرفة أصل ثروتهم. c. ابتعاد التربية والتنشئة الأسرية عن تحصين الأطفال، وعدم التركيز في تربيتهم على نشر ثقافة العداء والرفض لمظاهر الفساد. 3. أسباب اقتصادية: a. الأوضاع المعيشية الصعبة وازدياد متطلبات الحياة. b. تدني مستوى الرواتب والأجور. 4. أسباب قانونية: a. الخلل في عمل القضاء ودخول الفساد إلى الجسم القضائي. b. وجود ثغرات قانونية يمكن استغلالها، وخاصة القوانين التي تحتمل أكثر من معنى والتي يمكن تأويلها وتسخيرها لخدمة القائمين على تطبيقها بما يمكنهم من الحصول على منافع خاصة. c. تضارب في بعض القوانين والتعاميم والبلاغات التي تنظم موضوعاً ما. d. الرقابة غير الفعالة وسهولة التهرب من المساءلة. e. العقوبات الخفيفة الغير رادعة والغير متناسبة مع الجرم في معظم الحالات. الوقاية من الفساد: للوقاية من الفساد لا بد من العمل على تلافي أسبابه، وهنا يجب تضافر الجهود بين الحكومة بكافة أجهزتها والمجتمع المدني وهيئاته والمدرسة والأسرة والإعلام وأي جهة أخرى يمكن أن تساعد بأي طريقة كانت. ويمكن أن يتم العمل من عدة نواحي: 1. من الناحية الإدارية والتنظيمية: a. اعتماد معيار الكفاءة والنزاهة عند التعيين في أي منصب، وجعل هذا المعيار من الشروط اللازمة لشغل المناصب وعدم الاكتفاء بالانتماء السياسي. b. تحديد المسؤوليات بدقة وتجنب الازدواجية أو الضبابية. c. المراجعة المستمرة للإجراءات الحكومية لتبسيطها والبحث عن نقاط الضعف فيها والثغرات التي تساعد على ظهور الفساد والعمل على تلافيها. d. العمل على تجنب الالتقاء المباشر بين المواطن والموظف من خلال أتمتة العمل والخدمات الحكومية ما أمكن. e. تعزيز الشفافية في كافة الإجراءات الحكومية. f. التطبيق الصحيح للامركزية قد يكون سبيلاً فعالاً للوقاية من الفساد. g. تفعيل مكتب الشكاوى في كل جهة حكومية، وربطه برئاسة تلك الجهة، حيث تكون له صلاحية البت في تظلمات وشكاوى المواطنين الموجهة ضد العاملين في هذه الجهة، لأن القضاء والأجهزة الرقابية تستغرق وقتاً طويلاً لمعالجة الشكاوى، وتكون غير فعالة في معظم الأحيان، مما يُحبط المواطن ويفقده ثقته في الحصول على حقه كما يؤدي إلى طمأنة الفاسدين. 2. من الناحية الاجتماعية: a. الاهتمام بالتربية الأسرية وتعزيز القيم الأخلاقية للطفل في المدرسة لتكوين مخزون ثقافي لديه يحصنه ويحميه من الانجراف في تيار الفساد عندما يكبر ويمارس عملاً حكومياً. b. التركيز على النواحي الأخلاقية لممارسة الوظيفة العامة من خلال الحملات الإعلامية المستمرة في وسائل الإعلام التي تحض على النزاهة والاستقامة. c. التشهير بالفاسدين ونشر العقوبات التفتيشية في لوحة إعلانات الجهة العامة. 3. من الناحية الاقتصادية: a. تحسين الرواتب والأجور. b. الإفصاح عن الذمة المالية للموظف. 4. من الناحية القانونية: a. العمل على إصلاح القضاء باعتباره المرجع الأهم لمكافحة الفساد. b. عدم إصدار أي قانون بصيغة قابلة للتأويل والتفسير بأكثر من وجه، وسد أي ثغرة تظهر أثناء التطبيق. c. تفعيل دور الرقابة من خلال التأهيل والتدريب المستمر للعاملين في هذا المجال. d. المساءلة والمحاسبة الجادة وفرض عقوبات رادعة (عقوبة الاختلاس في الصين هي الإعدام(. e. إنشاء هيئة للوقاية من الفساد ومكافحته، على أن تكون مستقلة في عملها وتمتلك صلاحيات واسعة وقدرة على فرض العقوبات. يبقى العمل على الوقاية من الفساد أو مكافحته ناقصاً وقاصراً ما لم يقترن بقرار سياسي جدي يشكل مظلة ورافعة لهذا العمل، ويعطيه القوة والقدرة ويؤمن له وسائل النجاح والاستمرار.
التاريخ - 2015-11-21 7:46 AM المشاهدات 903

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا