بقلم : الدكتور دريد درغام
تتغنى بعض الجماعات بقدراتها في "الكولكة" والتلون والتخلي والتموضع مع تقلبات المحيط. وكلها تغيرات سلبية انفعالية تجري دوماً بعد الحدث. ويخفف من وطأتها افيون تبرير تشذيب جسد مجتمع نسي كل أشلاءه على مفارق التاريخ باستثناء ذاكرة "الهويات القاتلة".
الصين منذ عقود لا تنتظر الحدث لتخطط بل تستبق وتخطط وتعلم أن الحياة مزيج جسد وذاكرة. من قطع جسدها التي تناثرت منذ خمسة قرون منطقة ماكاو الصغيرة جداً (600 ألف نسمة على 30 كم مربع) التي كان الاتفاق مع البرتغال ينص على عودتها عام 1999. لم تنتظر الصين ذاك التاريخ بل اتخذت ما يلزم من قرارات قبلها بستة سنوات. واستمرت بالعمل بقول رئيسها التاريخي دينغ زياو بينغ: لا يهم لون القط بل معرفته بالصيد. لا بل تعاونت مع عتاة لاس فيغاس (بمن فيهم شيلدون أديلسون من أكبر ممولي الحزب الجمهوري الأمريكي: مئات ملايين الدولارات في المواجهة السابقة مع اوباما) لتصبح ماكاو المنافس الأكبر للاس فيغاس في صناعة الترفيه وخاصة القمار بحيث أصبح ناتج هذه المنطقة الصغيرة أكبر من 50 مليار دولار أي يقارب ناتج سورية قبل الحرب. هل هذه دعوة للسوريين للقمار؟ وماذا نسمي نصيب من يقتل على الهوية أو المذهب؟هل هي دعوة للخارج للصيد في الداخل؟اسألوا الفرائسليتوقف الحديث عن الكره فهو لا يصنع هوية. ورفض الغير هو القتل بعينه. ولننتظر ألا يتمخض رحم من يفكر حنيناً إلى زمن الهويات القاتلة. علمنا التاريخ بأن الأمل "ضئيل" بطرح هوية جديدة لبلد جامع حقاً: "جامع" قادر على لملمة الأشلاء ومغادرة الذاكرة. وإلا سيذهلنا الأطفال "الجلادون" في قدرتهم على اختصار الزمن والوصول بالبلاد إلى المرتبة الأولى بحصة الفرد من الناتج : تناقص السكان كفيل بذلك...!
التاريخ - 2015-12-13 12:21 PM المشاهدات 515
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا