شبكة سورية الحدث


المؤسسات الاستهلاكية بين التدخل الإيجابي وقدرتها على منافسة القطاع الخاص

  بقلم محمد الحلبي - رولا نويساتي   لعبت المؤسسات الاستهلاكية دوراً إيجابياً كبيراً في ظل الأزمة التي تعصف في البلاد من خلال تأمين السلع والمنتجات التي تهم المواطنين, حيث كان يعتقد معظم المواطنون السوريون أن دور هذه المؤسسات محصور ببيع قسائم مادتي السكر والأرز فقط, دون أن يعوا أن الدولة تتكبد مبالغ كبيرة لتأمين الاحتياجات المختلفة بأسعارٍ مقبولة لمواطنيها, وأن عدد هذه المؤسسات في مدينة دمشق وحدها يتجاوز الخمسين صالة موزعة في أنحاء دمشق, تتنوع فيها المنتجات من محلي ومستورد حسب احتياجات المواطن..   قواعد المنافسة الجودة.. السعر المناسب.. الخدمة الجيدة, ثلاثة ركائز أساسية لضمان نجاح أي مشروع تجاري, وإذا ما فقدت إحدى تلك الركائز كانت النتائج كارثية، وستنعكس سلباً على نجاح أي المشروع, لذلك نرى القطاع الخاص يعمل جاهداً على تضافر تلك الركائز حفاظاً على ديمومة المشروع أكبر مدة زمنية ممكنة, ومن ثم يسعى إلى الركيزة الرابعة, ألا وهي التجديد الدائم دون إغفال الركيزة الخامسة وهي العروض القوية التي تجذب الزبائن, ومن ثم العمل على الانتشار والبحث عن مراكز حساسة في المدن لسهولة وصول الزبائن إلى العلامة التجارية التي يروج لها أينما كان, ولعل القطاع العام إذا ما نظرنا إلى تلك الركائز نجده الأقوى والأجدر بتحقيق الأهداف التي ذكرناها آنفاً, ولكن غالباً ما يصطدم القطاع العام عند الركيزة الثالثة، ونقصد هنا (الخدمة الجيدة)، حيث تسيطر عقلية الموظف على من يقوم بدور البيع, وإذا ما كان الاحتكاك مع الموظفين في الدوائر الحكومية لا بد منه بغرض إنجاز معاملةٍ ما إلا أن الأمر مختلفاً تماماً في المؤسسات الاستهلاكية حيث المنافسة على أشدها مع القطاع الخاص, إذ أن السوق يفتح أبوابه على مصراعيه أمام المواطنين (الزبائن) وتكثر السلع وتكثر العروض من الشركات التجارية، وتسعى المولات والمحلات الكبيرة إلى جذب الزبائن إليها بشتى الوسائل الممكنة، فلا نستغرب تزاحم الأقدام فيها، لكننا نقف عاجزين عن فهم عدم رؤية هذه الصورة في المؤسسات الاستهلاكية...   فما هي الأسباب وأين هي الحلقة المفقودة في تلك المعادلة حتى تصبح صحيحة في المؤسسات الاستهلاكية رغم تواجد العديد من الركائز السابقة الذكر؟ سورية الحدث نزلت إلى الأسواق والمؤسسات الاستهلاكية وحاولت استطلاع رأي شريحة كبيرة من المواطنين فكان التحقيق التالي...   من قلب الحدث السيدة (بتول) استوقفناها في أحد المراكز التجارية الضخمة وسط العاصمة وسألناها عن سبب تسوقها من هذا المركز دائماً وإذا ما كانت تقصد المؤسسات الاستهلاكية فقالت: حقيقةً أنا أقصد هذا المركز مرة كل أسبوع, وأقوم بشراء كافة احتياجاتي المنزلية.. هناك عروض مغرية على العديد من السلع وبأسعارٍ مقبولة, فمثلاً اشتريت علبتين من المربى بسعر ألف ليرة سورية، بينما تُباع في السوق بـ600 ليرة سورية للعلبة الواحدة, الحياة أصبحت صعبة في ظل الظروف التي نعيشها, فإذا ما قمت بتوفير بعض النقود في كل سلعة سأجد نفسي قد اشتريت جلَّ احتياجاتي مع توفير جيد في محصلة الفاتورة التي سوف أدفعها.. فيما قال السيد (عبد العزيز): الأجواء هنا مريحة, بالإضافة إلى أن صلاحية السلع حديثة دائماً نتيجة تدفق الزبائن, ناهيك عن الخدمة الجيدة, فالموظفون هنا جيدون ويحاولون تقديم خدماتهم بالشكل اللائق عدا عن العروض الكثيرة على مجمل السلع كالمنظفات والغذائيات والأجبان واللحوم المتواجدة بشكلٍ دائم, لهذا السبب تكون وجهتي الأولى في التسوق مع عائلتي إلى هذا المركز التجاري الضخم ناهيك عن قربه من مركز سكني, فيمكنني توفير أجور النقل وعناء التنقل والازدحام اخل المدينة إذا ما أردت التوجه إلى الأسواق كسوق بباب سريجة وسوق الهال وغيرها.. في مركزٍ تجاريٍ آخر سألنا المدير المسؤول عن المركز وعن حركة السوق و الزبائن والقوة الشرائية في مركزه فقال: الحركة جيدة, وهناك إقبال شديد من الناس لابتياع حاجاتهم من مركزي هذا, وخاصةً أنني أحاول توفير مجمل السلع الرائجة والعلامات التجارية التي يتهافت الناس على شرائها, عدا عن أني أحاول التجديد دائماً في المركز من خلال العروض التي أقدمها للزبائن, وهنا قاطعناه وسألناه عن سر هذه العروض وعدم قدرة القطاع العام على تقديم مثل هذه العروض فقال: قد لا أخفيكم سراً إذ أقول لكم أن هناك سلعاً لا تلقى رواجاً كبيراً بين الناس لكن لا بد من تواجدها بكافة الأحوال, وهذه السلع كما تعرفون لها تواريخ صلاحية محدودة وقصيرة الأجل كالمواد الغذائية, فإذا ما شارف تاريخ صلاحية هذه المواد على الانتهاء نقبل ببيعها برأس المال, فنضع عليها عرضاً مع عبوة جديدة الصلاحية ويكون مربحي في العبوة الجديدة فقط, فتتهافت الناس على شرائها, وبالنسبة لي أن يعود رأس المال أفضل من إتلاف السلعة, وأعتقد أن هذا الأمر غير وارد في المؤسسات الاستهلاكية, إذ لا يحق للموظف أو حتى مدير المؤسسة التصرف من تلقاء نفسه, فهو بحاجة على ما أعتقد إلى تشكيل لجنة إذا ما أراد القيام بهذه الخطوة..   في المؤسسات الاستهلاكية كان الجو هادئاً نوعاً ما تشكيلة واسعة من الخضار والفواكه واللحوم, وبأسعارٍ منافسة عن الأسواق.. سألنا السيد (أبو وليد) عن سبب تسوقه من المؤسسة فقال: بدايةً قرب المكان من منزلي هو السبب الرئيسي لتسوقي هنا, ثانياً الأسعار هنا مقبولة جداً, وبالإمكان اختيار الخضراوات دون تدخل الباعة, وهذه الميزة لا نجدها في الأسواق العادية, إذ يُلزمك البائع هناك بما يختاره لك من بضاعته.. ثالثاً لا مجال هنا للغبن, فالأسعار توضع حسب تسعيرة وزارة التموين وحماية المستهلك, لكن المشكلة هنا في اللحوم فلا يمكنك أن تبتاع ما تريده تماماً, إذ يتوجب عليك شراء قطعة من اللحم لتقوم أنت بتقطيعها في منزلك كما يحلو لك.. أما السيدة (خلود) فقالت: أنا أتسوق أول كل شهر للاستفادة من العرض المقدم من المؤسسة وهو الحسم 10% عند الشراء بمبلغ يزيد عن 2000 ليرة سورية أول كل شهر (حسب حملة عيشها غير), وأعتقد أني أوفر مبلغاً لا بأس به من خلال هذا العرض, لكن ما أتمناه هو المعاملة الجيدة والصبر من قبل الموظفين, فلا أعرف لماذا تسيطر عقلية الموظف حتى في هذا القطاع الخدمي, فتجد الموظف هنا غير مبالٍ بك سواءً قمت بالشراء أم لا, وأعتقد أن السبب يعود إلى كونه سوف يقبض راتبه آخر كل شهرٍ إن حققت المؤسسة أرباحاً جيدة أم لم تحقق ذلك.. يجب على الجهات المعنية إقامة دورات لموظفيها في فن التعامل مع الزبائن, فالخدمة الجيدة هي الأساس في التسويق لأي منتج وهذا عامل أساسي في جذب الزبائن إلى المؤسسات الاستهلاكية.. فيما قال أحد الموظفين العاملين في إحدى المؤسسات الاستهلاكية, حيث فضل عدم ذكر اسمه أن الروتين أحياناً يعيق عملية المنافسة في الأسواق, فلا يمكن لموظف أن يعلن عن عرض من تلقاء نفسه, ولا حتى مدير الصالة يستطيع ذلك إلا بعد تشكيل لجنة للبت بالأمر, وهذا الأمر ينعكس أحياناً بشكلٍ سلبي على حركة البيع، و يحد من قدرة المؤسسة على المنافسة, وأمر آخر نفتقده في عمل المؤسسة هو أن تجار القطاع الخاص وأصحاب المراكز التجارية يحصلون على عروض مغرية من قبل المعامل والشركات المنتجة, إذ أنهم يملكون قوة شرائية كبيرة ويدفعون ثمن بضائعهم نقداً بعيداً عن الروتين والإجراءات المتبعة من لجان وعروض أسعار ومناقصات التي تتبعها المؤسسات لابتياع منتجاتها.. جهات معنية في تصريحٍ سابق له قال المهندس عدي شبلي مدير حماية المستهلك: أن المؤسسات الاستهلاكية كانت ولا زالت عازمة على التدخل الايجابي في السوق, وخاصةً في مواسم الأعياد سعياً منها إلى الحد من جشع بعض التجار الذين يستغلون حاجات المواطنين في أوقات الذروة في الأعياد, حيث يعمد التجار على رفع أسعار السلع, وخاصةً الغذائية منها بغية تحقيق زيادةً في الربح بطرق غير مشروعة، أو عن طريق احتكار بعض المواد الضرورية والأساسية بغية التحكم بأسعارها, وأوضح المهندس عدي أن دوريات التموين تقوم بتكثيف حملاتها في مواسم الأعياد بغية مراقبة الأسواق عن كثب لتسجيل المخالفات بحق التجار المخالفين..   هذا ويذكر أن المؤسسة الاستهلاكية قد حققت مبيعات بـ 2,5 مليار ليرة سورية وذلك حسب ما أفاد به السيد (طلال حمود) مدير فرع استهلاكية دمشق في تصريحٍ له عبر وسائل الإعلام, حيث بلغ متوسط المبيعات اليومي 13،8 مليون ليرة سورية يومياً, وأشار أن المؤسسة قد نجحت في تقديم عروض وأسعار منافسة ومخفضة لمعظم المواد المعروضة في منافذ البيع التابعة لها, وبالتالي استقطاب شريحة واسعة من المستهلكين, وأشار إلى أن آلية التسعير التي تتبعها المؤسسة تتم بناءً على لجنة سبر الأسعار على مستوى أسواق دمشق وخاصةً الأسواق الرئيسية فيها بما في ذلك أسواق ومحال بيع الجملة والمفرق, وتوضع الأسعار بحيث تكون أقل من مثيلاتها في الأسواق بنسبة 15% تقريباً, وأضاف السيد (طلال) أنه عادةً ما تكون أسعار السلع في المؤسسات الاستهلاكية قريبة من أسعار المبيع بسعر الجملة في الأسواق, وأن هذه الإجراءات تصب جميعها في تحقيق مبدأ التدخل الايجابي في الأسواق للحد من ظاهرة الاحتكار ورفع الأسعار التي زادت حدتها خلال الأزمة التي تعيشها البلاد, وأضاف أن المؤسسات الاستهلاكية تملك مخزوناً ضخماً من المواد الغذائية الأساسية التي يحتاجها المواطن, وأن المؤسسة قادرة على التدخل وكسر أي حالة احتكار لأي مادة يحتاجها المواطن..
التاريخ - 2015-12-26 2:32 PM المشاهدات 1419

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا