شبكة سورية الحدث


منهج التطوير الذي اتبع في الصين ويمكن لنا في سورية المحاكاة والاقتباس

منهج التطوير الذي اتبع في الصين ويمكن لنا في سورية المحاكاة والاقتباس والاقلمة: عبد الرحمن تيشوري / خبير اداري سوري / عضو مجلس خبراء الوزارة  التزمت الصين بعد ثورة التصحيح منهجاً براجماتياً يعبر عنه المثل الصيني " اعبر النهر وأنت تتلمس الأحجار بقدميك " . لقد استوعب دنج هسياو بنج حقيقة وواقع التحولات العالمية ومقتضياتها وضرورة الانفتاح والبعد عن الجمود الفكري. وبالتالي خلقت الصين لنفسها إطارها الأساسي                             الاقتصادي السياسي الجديد الذي يحتل موقعاً وسطاً بين الرأسمالية التقليدية والاشتراكية التقليدية . وكان من رأي دنج هسياو بنج أن الأولوية تكمن في إدارة شؤوننا الخاصة جداً... وليس مهماً أن يكون القط أبيضاً أو أسود بل المهم أن يأكل الفئران. لقد أدركت الصين منذ ثورة التصحيح : 1. دلالة ثورة تكنولوجيا المعلومات ودورها في تشكيل الأساس المادي للمجتمع وإعادة بناء الإنسان لتتوفر له الإمكانيات المادية والمعنوية الملائمة للمنافسة على المستوى العالمي. 2. أدركت الصين أن التقدم رهن الاعتمادية المتبادلة على نطاق عالمي، إذ لم يعد ممكناً لبلد ما أن يبني نفسه في إطار حضارة العصر وقد أحاط نفسه بأسوار عازلة صماء باسم الوطنية. 3. أدركت الصين أن الوجود القومي ليس التاريخ فقط، بل التاريخ والفعل الراهن على مستوى العصر وفق مقتضيات الثورة الجديدة.   4. ادركت الصين الدور الدائري المحوري للادارة لذا احدثت مدارس ومعاهد اعداد القادة      وبالتالي وضعت الصين كل هذا في الاعتبار ورسمت حدوداً لاستراتيجية المستقبل تأسيساً على آلية العلم والتكنولوجيا، باعتبار العلم والتكنولوجيا أداة تشكيل المستقبل والتحدي العالمي. وضمن محاولة بعيدة كل البعد عن الجمود الفكري والتقليد الأجوف أو الشعور بالدونية تجاه الآخر، والبعد كل البعد عن الاستيراد الاستهلاكي للعلم والتكنولوجيا في شكل مشروعات جاهزة. ويلخص هذا التوجه ما جاء في خطاب الرئيس الصيني جيانغ زيمين في مجتمع العلم والتكنولوجيا في روسيا:" الأمة تتخلف وتضع نفسها في وضع سلبي للغاية ما لم تحرص على أن تحتل مكان الصدارة في مضمار التقدم العلمي والتكنولوجي، وتسمو بمستواها العلمي والتكنولوجي في ضوء نسيجها التطوري القومي ". لقد نجح نظام الدولة الصيني في التحول الهادئ من نظام هيمنة دولة بيروقراطية إلى نظام قادر بقيادة الدولة على الاندماج في الاقتصاد العالمي. وبدأت الصين منذ عام 1994 سياسة صناعية جديدة محورها التركيز على ما يسمى الصناعات الارتكازية وهي خمس مجموعات: ( الآلات والمعدات – البترو كيماويات – السيارات – التشييد والبناء ). وأسرعت ببناء مرافق البنية الأساسية، وعمدت إلى زيادة التصدير واستقدام الأموال الأجنبية مع إدخال تعديلات لضمان التنمية المتواصلة. وعقب الأزمة الآسيوية وضعت الصين سياسة مالية إيجابية وسياسة نقدية متزنة أبعدت عنها شبح الأزمة. وتتجلى عناصر السياسة الجديدة للصين في عصر العولمة والانفتاح القائم على المنافسة في قرارات مؤتمر الشعب القومي التاسع في 5 آذار عام 2000: 1. تسريع تطوير العلم والتكنولوجيا والتعليم ودعم التطوير الثقافي والأخلاقي. 2. إعادة هيكلة الاقتصاد وتعزيز جودته. 3. التوسع في استخدام التكنولوجيا العالمية والنهوض بالصناعات التقليدية. 4. الاعتماد على العمالة العلمية والفنية. 5. تطبيق التكنولوجيا العالمية والجيدة في الإنتاج. 6. تعزيز جهود إصلاح نظام الإدارة. 7. اخذ المديرين من مدارس ومعاهد الادارة 8. منح الحصة الكبرى للشباب 9. تعزيز حماية الملكية الفكرية. 10. تعميق الإصلاح التعليمي. 11. الانفتاح أكثر على العالم واستخدام التمويل الأجنبي والتوسع في التصدير.       وتقترن بهذا التوجه جهود حثيثة وهادئة للإصلاح التشريعي والديمقراطي أو الحريات السياسية. وقد حققت الصين إنجازات ملموسة تدريجية في هذا الاتجاه، ولكنها تعطي الأولوية للاقتصاد، وهي في هذا تؤكد التزامها بما عبر عنه دنج هسياو بنج حين قال : " الخطأ الأكبر الذي وقع فيه جورباتشوف أنه سمح بالحرية السياسية قبل تجديد الاقتصاد. وكان يرى ( دنج هسياو بنج ) أن يبدأ التحديث الاقتصادي أولاً ثم يليه الإصلاح السياسي. وتؤمن الصين كذلك بأن ديمقراطيتها صينية الطابع والمحتوى ولن تكون أمريكية. ويرى المفكرون الصينيون أن أفضل استراتيجية يمكن أن تلتزم بها الصين لمواجهة تحديات عصر المعلوماتية والعولمة في إطار سياسة الانفتاح على العالم أن: تتعلم من الشركات متعددة الجنسيات، وتتعاون معها ثم تتنافس معها، ويتم هذا على ثلاثة مراحل: 1. إتاحة الفرصة للمشروعات الصينية كي تقتبس آخر ما توصلت إليه عمليات التصنيع والمعالجة التي تنقلها الشركات متعددة الجنسيات إلى الصين. 2. تتقبل المشروعات الصينية التطوير التكنولوجي الأولي من الشركات متعددة الجنسيات، وبعد هضم التكنولوجيا الجديدة المتطورة تحاول المشروعات الصينية تجديد وتطوير تكنولوجياتها. 3. تصبح الشركات الصينية قوية وقادرة على أن تصبح شريكاً استراتيجياً للشركات متعددة الجنسيات ومنافستها في السوق.     وتستفيد الصين من قدراتها كعامل جذب يرغم الشركات متعددة الجنسيات على توطين التكنولوجيا والعلم. إذ تؤمن ( الشركات متعددة الجنسيات ) بأن البائع بدون زبون لن يبيع، والصين زبون يسيل له لعاب جميع الشركات العملاقة، ومن ثم على الآخرين أن يأخذوا وأن يعطوا في المقابل ما تريده الصين... مزيداً من الخبرة والعلم والتكنولوجيا. ولقد أنجزت الشركات متعددة الجنسيات بالفعل دوراً إيجابياً، ذلك أنها أدخلت إلى الصين آلية المنافسة الدولية، كما أسهمت في توطين التكنولوجيا العالية. وقد التقط الصينيون هذه الخبرات وتبنوا ممارسات الإدارة العلمية للشركات وتعلموا كيفية العمل بالقواعد الحاكمة للسوق الدولية. ولم يكن الانفتاح على العالم الغربي وفتح أبواب الصين لاستثمارات الغرب الرأسمالي " العدو والشيطان " أمراً سهلاً لدولة التزمت النظام الاشتراكي وفقاً لرؤية تقليدية. ولكن مع نجاح ثورة التصحيح تبنت الصين سياسة جديدة مبرأة من الجمود الفكري وتلتزم التجريبية – المحاولة والخطأ – دون الإخلال بمبدأ العدالة الاجتماعية أو الاشتراكية ذات الخصائص الصينية. لقد اتجهت الصين إلى تشجيع الاستثمار الأجنبي باعتباره وسيلتها لإعادة هيكلة المشروعات الصناعية وتحقيق تنمية اقتصادية شاملة.
التاريخ - 2015-12-27 7:25 AM المشاهدات 577

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا