شبكة سورية الحدث


لماذا غير السوريين يكافحون الفساد ولماذا فساد السوريين يكبر كثيرا

  خاص - عبد الرحمن تيشوري / خبير سوري / من فريق الوزير النوري / عضو مجلس خبراء الوزارة يتعذر فض وتحجيم ظاهرة الفساد ووضعه تحت السيطرة على الصعيد المحلي دون تفكيكه على الصعيد الاقليمي والدولي وبكل الاحوال نحن لم نعمل بشكل مهني وجيد على الصعيد المحلي الداخلي، ويمكن للبرلمانيين والاداريين أن يلعبوا دوراً مهماً في مكافحة الفساد والسيطرة عليه، على الرغم مما تسبب فيه النظام الدولي المعوّلم الامريكي اللعين من تهميش المؤسسات النيابية وتخريب كل النظم في العالم، وأداء دورها في خلق بيئة ديمقراطية نظيفة، تفسح المجال لمزيد من المشاركة الشعبية في صنع القرارات الاقتصادية والسياسية، والمساهمة في تفعيل دور الدولة في حياة المجتمع والحد من استطالتها الأفقية. فضلاً عن مساهمتها في تحقيق التوازن بين الدولة من جهة ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى، ومجابهة المؤثرات السلبية للعولمة والحد من مؤثراتها على القرار الوطني المستقل. إن بامكان الحكم الرشيد الجيد المعياري القياسي المبني على النتائج السيطرة على الفساد واجتثاثه من جذوره، من خلال تحسين نوعية الحكم الذي يُعد بحق المدخل الرئيس لقيام مؤسسات حاكمة وقادرة على مواجهة الفساد على الصعيدين المحلي والعالمي. والبرلمان بوصفه مؤسسة ديمقراطية، فإنه يحقق التواصل بين الدولة والمجتمع، من خلال النهوض بمهامه التشريعية والرقابية والتمثيلية، وبما يُسهم في ترسيخ أركان الحكم الجيد / الذي يأخذ المديرين من مدارس ومعاهد الادارة / ، والمتمثلة في المحاسبة والشفافية. ولا تستقيم المحاسبة إلا في حال التوازن السليم بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبين مختلف مستويات الحكم، وفي حال اختلال هذه التوازنات سرعان ما تتزعزع أركان الحكم الجيد. كذلك تلعب الشفافية دوراً مهماً في ترسيخ الحكم الجيد، فهي تتيح تدفق المعلومات وتفتح الباب على مصراعيه للحوار البناء بين المواطنين ومؤسساتهم المدنية، والشفافية شرط لا غنى عنه في تطبيق المحاسبة (كون المعرفة بحد ذاتها تعني القوة) المقترنة بالمشاركة الشعبية في رسم سياسات الدولة وقد خبرنا نحن السوريين كل ذلك في المرحلة الماضية. ‏ والمشاركة بمعناها الواسع تعني اشراك المواطنين في الحكم، بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والمذهبية والاثنية. والمشاركة بقدر ما هي حق للمواطن فانها ترتب عليه مسؤولية المشاركة في صنع القرارات الاقتصادية والسياسة التي تتعلق بصياغة حاضر البلاد ومستقبلها. وإذا كان هذا هو حال الحكم الجيد فكيف لنا أن نميزه عن الحكم غير الجيد؟ إن الحكم غير الجيد هو الحكم غير المتوازن من حيث: ‏ 1 ـ طغيان السلطة واحتواؤها للمجتمع المدني، بل وتحكم السلطة التنفيذية بالسلطتين التشريعية والقضائية، والسيطرة المطلقة للسلطة المركزية على السلطات المحلية وهذا قريب من وضعنا في سورية. ‏ 2 ـ اقصاء المواطنين عن المشاركة في صنع حاضرهم ومستقبلهم، ففي ظل غياب الشفافية، فإن السلطة التنفيذية تتحكم بالمعلومات وتتصرف بها كما تشاء لإحكام سيطرتها على المجتمع لذا نحن ندعو الى سن قانون لتداول البيانات العامة ومنح الاعلام الحرية الكاملة بدون أي قيود. ‏ 3 ـ إن الحكم غير المتوازن يَحول دون تمكين السلطة التشريعية من الاضطلاع بمهامها، وتهميشها، ويتحول أعضاء البرلمان إلى مجرد وسيط لتأدية الخدمات لناخبيهم، ما يهيئ المناخ لانتشار ظاهرة الفساد وهذا ايضا يشبه الوضع السوري. ‏ 4 ـ تتحول السلطة في ظل الحكم غير الجيد إلى مجرد شكل فاقدة لاستقلاليتها وفي اطاره يتم احتواء السلطة القضائية التي لا تقوى على فرض هيبة القانون وسطوته، فيتحول القضاة إلى مجرد موظفين، والمحاكم إلى دوائر تقع تحت سطوة السلطة التنفيذية / تعاميم وزير العدل /، بل ويصبح القضاة عرضة للنهب وتلقي الرشاوى. فتهتز ثقة المواطنين بالقضاء، وتعم أجواء اللاشرعية، الأمر الذي يمهد الطريق لتفشي ظاهرة الفساد الذي يتهدد كيان المجتمع ويدمره على المدى الطويل وهذا الحال ينطبق على الوضع السوري ايضا. ‏ 5 ـ إن المركزية المفرطة تُجسد طغيان السلطة التنفيذية وتحكمها بالسلطتين التشريعية والقضائية، ناهيك عن تحكمها بالسلطات المحلية وتكبيل حركتها، بل وتهمش دور القضاء في مكافحة الفساد على المستوى المحلي وهذا ايضا موجود في وضعنا في سورية الحبيبة. ‏ 6 ـ تتوجه الأحزاب والحركات السياسية في ظل الحكم غير الجيد للحصول على الامتيازات والمنافع والغنائم، بدلاً من التنافس فيما بينها على تنفيذ برامجها الانتخابية، وغالباً ما يحصل في مرحلة الانتخابات صولات وجولات، تتوج في المحصلة باقتسام الثروة والسلطة وهذا ايضا جلي في واقع احزابنا وواقعنا السياسي. ‏ 7 ـ يترافق الحكم غير الجيد باطلاق يد الأجهزة الرقابية من قبل السلطة التنفيذية، فتتحول مع مرور الزمن إلى محاكم تفتيش، تعيق حركة المجتمع وتطوره، بل وتتسبب في رفع فاتورة الرشوة وهذا واضح في سورية حيث لدينا اجهزة رقابية كثيرة لكنها لم تصون المال العام من الهدر والسرقة. ‏ 8 ـ تغييب مؤسسات المجتمع المدني وتهميشها في ظل الحكم غير الجيد، وعندها تختفي الأصوات التي تطالب بمحاسبة الحكومة، وتتحول بمرور الزمن مؤسسات المجتمع المدني إلى توابع للحكومة، وقد تتحالف معها، وهذا هو حال المؤسسات الاعلامية التي تتحول إلى أبواق لتبرير أخطاء السلطة والاشادة بانجازاتها حتى وإن كانت ضئيلة كما يحصل تلميع للمسؤول الفاسد كما كان وضعنا الاعلامي قبل الحرب الفاجرة على الدولة السورية. ‏ دور البرلمانات في تعزيز الحكم الجيد: ‏ إن البرلمانات بوصفها مؤسسات للحكم الجيد يمكن لها أن تلعب دوراً مهماً في اتخاذ اجراءات عملية للنهوض بالمجتمع وانقاذه من براثن الفساد وذلك من خلال: ‏ 1 ـ اجراء تعديلات دستورية، تُسهم في تقوية مؤسسات الحكم الجيد وتعزيز دورها في حياة المجتمع، عبر انهاء التشابكات بين السلطات الثلاث وتحقيق التوازنات المطلوبة بينها، مع ضمان استقلالية القضاء ونزاهته، وبما لا يؤدي إلى اضعاف السلطة التنفيذية وتهميش وظائفها، إذ إن الدولة بحاجة إلى حكومة قوية قادرة على انجاز الأهداف المعلقة على الاصلاحات الاقتصادية والسياسية. وحتى يستقيم الحكم الجيد يفترض أن تكون المحاسبة صارمة والعقوبة زاجرة من جانب السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية، مما يَحوْل دون طغيان صلاحيات أي من السلطات الثلاث على المصلحة العليا للمجتمع. ‏ 2 ـ تفعيل دور البرلمان في اعداد الموازنة العامة للدولة واقرارها، وهذا يستوجب من اللجنة الدائمة في البرلمان التي تُعنى بشؤون الموازنة، أن تتشاور مع شرائح وفئات وطبقات المجتمع كافة في مرحلة اعداد الموازنة، ثم تراقب تنفيذها بعد ذلك، علماً بأن انضاج الموازنة واشباعها نقاشاً، يفترض بالضرورة وجود برلمانيين من ذوي الاختصاص والكفاءة / كما هو الحال في فرنسا حيث خريجي المدرسة الوطنية للادارة اعضاء في مجالس المحافظات وفي الجمعية الوطنية / التي تُمكنهم من معرفة مبادئ الموازنة العامة للدولة واشكالاتها. ويفترض تقوية اللجان الدائمة بوصفها أداة مساءلة ومحاسبة لإرساء أسس الحكم الجيد. ‏
التاريخ - 2016-01-01 10:46 PM المشاهدات 723

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا