سورية الحدث
اقامت الادارات الامريكية ومنذ نحو عقدين من الزمن الدنيا ولم تقعدها ، وهي تطارد الارهاب والارهابيين في اصقاع المعمورة ، دون ان تتمكن من استئصاله ، بل على العكس تماما ساهمت مكافحة امريكا للارهاب باستفحال هذه الظاهرة وانتشارها في اماكن ما كانت تخطر ببال احد ان تنتشر فيها. آخر الحملات الامريكية على الارهاب هو التحالف الدولي الضخم الذي تجاوز اكثر من 40 بلدا في العالم والذي تقوده امريكا الان لمحاربة "داعش" ، التي كانت من فراخ القاعدة التي حاربتها امريكا يوما وادعت انها قد قضت عليها نهائيا. حلفاء امريكا هذه المرة ، هم ايضا نفس الحلفاء السابقين، بينهم حلف الناتو وفي مقدمته تركيا وكذلك دول عربية في مقدمتها السعودية وقطر والاردن. لا نريد هنا ان نعيد ما قلناه في اكثر من مناسبة ، من ان وحش "داعش" ما كان ليفتك هكذا بالمنطقة وشعوبها ، لولا الدعم المادي والتسليحي واللوجستي والاعلامي السعودي القطري الاردني التركي الامريكي الاسرائيلي ، فهذا الامر بات من البديهيات ، فمسلحي "داعش" لم يأتوا من الفضاء ولم تنشق الارض عنهم ولم تمطر السماء عليهم بالاسلحة والاموال ، فهذه الدول هي المسؤولة الاولى عن ايجاد "داعش" وتغولها. هناك عدد من الاسباب تختفي وراء فشل امريكا في محاربتها للارهاب ، الاول هو عدم جدية امريكا في مقارعتها للارهاب الذي اوجدته هي لتحقيق اهداف محددة لم تتحقق بعد ، ثانيا ، ان حلفاء امريكا في حربها على الارهاب ، هم من اكثر واقوى ممولي هذا الارهاب ، وهذا التمويل ليس سرا ، فاغلب هذه الدول تعترف وتتفاخر به ، تحت عناوين عريضة كمحاربة النظام "غير الديمقراطي " في سوريا!! ، والسبب الثالث ، وهو السبب الاقوى والاهم من كل الاسباب الاخرى، وهو وجود الوهابية ، ولولاها لكان كل جهود امريكا في تفتيت المنطقة تذهب ادراج الرياح ، ويكون فعلها فعل من يحرث في الماء ، ولكن وجود الوهابية وخطابها التحريضي الطائفي الحاقد شكلا بيئة مثالية للزمر التكفيرية التي تعتبر العمود الفقري لجميع التنظيمات الارهابية التي ظهرت في المنطقة خلال قرن من الزمان. الملفت ان امريكا وحلفاءها يدعون ليل نهار ، اعلاميا ، الى ضرورة التصدي لاصحاب الخطاب المتطرف والاقصائي والتكفيري والحاقد على الحياة والانسان ، لان مثل هذا الخطاب هو السبب الاقوى من بين كل الاسباب الذي ساهمت في غسل ادمغة الشباب ، بينما اصحاب هذا الخطاب ، بشهادة الاعداء والاصدقاء ، هم مشايخ الوهابية. هذا الخطاب كفر ملايين المسلمين منذ ان ظهر في جزيرة العرب على يد محمد بن عبد الوهاب ، والذي شهدت منطقتنا تطبيقا عمليا له مع تاسيس المملكة السعودية ، حيث قُتل مئات الالاف على يد الجيش الوهابي السعودي لانهم كانوا كفارا ومشركين. الخطاب الوهابي هذا ، وهو المذهب الرسمي لاقرب حلفاء امريكا في حربها على الارهاب ، المملكة العربية السعودية ، التي كانت ومازالت مصدر الارهاب الذي يضرب العالم اجمع ، ولكن وللاسف الشديد وبسبب المصالح الاقتصادية التي تربط السعودية بامريكا والغرب ، يتغاضى الجميع عن دورها التدميري للمنطقة والعالم. ففي الوقت الذي تؤكد فيه امريكا انها لاتدخر وسعا لتجفيف منابع الارهاب ، وتعلن حليفتها السعودية تجنيد كل طاقتها للتصدي للارهاب ، نرى الفتاوى الغريبة العجيبة التي تصدر عن مشايخ الوهابية ، وكلها تفوح حقدا وكراهية وبغضا للاخر وللحياة وتدعو للكراهية والبغضاء والتشاحن ، واخر ما تحفتنا به المؤسسة الدينية السعودية ، الفتوى التي صدرت منذ يومين ، اي في خضم الحرب الامريكية السعودية ضد التطرف والعنف والكراهية ، عن الشيخ الدكتور!! صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للافتاء في السعودية!! ، والتي حرّم فيها الأناشيد الإسلامية واعتبرها فتنة وبدعة!!. فتوى الفوزان هذه تجاوزت تحريم الموسيقى والغناء، الى تحريم الأناشيد الإسلامية الدينية حتى ولو كانت بدون دف أو مؤثرات صوتية، فقد أكد الفوزان، ان الأناشيد الإسلامية بدعة وفتنة وهي من شعارات الصوفية. واوضح ان الأناشيد الإسلامية إذا اتخذت لطاعة الله عز وجل فهذه من شعارات الصوفية، الذين يتخذون الأناشيد عبادة لله عز وجل، وعلى المسلم ان لا يلتفت لمثل هذه الأمور ، معتبرا الأناشيد إذا نسبت إلى الإسلام فهي "من البدعة"، وإذا لم تنسب إلى الإسلام فهي "لهو وفتنة". هذه كانت اخر ما تفتقت عنها العقلية الوهابية ، التي تعمل كالمعول على هدم الانسان المسلم من الداخل وتحوله الى مسخ لا يعيش الا في الظلام ولاتحركه الا غريزة الكراهية والحقد والدم ، وهذا ما يفسر انخراط مثل هذا الانسان في تنظيمات دموية لا تعرف الرحمة مثل القاعدة و"داعش" و "جبهة النصرة" و "بوكو حرام" و"انصار الشريعة" وباقي الزمر التكفيرية الوهابية. اخيرا نتوجه الى الرئيس الامريكي باراك اوباما ونقول له: اذا اردت محاربة الارهاب حقا ابدأ بحلفاءك ، وفي مقدمة هؤلاء الحلفاء السعودية ، التي احتضنت مؤخرا مؤتمرا لمكافحة الارهاب ، بينما الارهاب يعشعش فيها ، وافاضت على الدنيا به. بقلم: نبيل لطيف
التاريخ - 2014-09-13 5:35 AM المشاهدات 1594
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا