سورية الحدث
هل صحيح أن المرء يتعرّف على حقيقته في عيون الآخرين؟؟ وهل صحيح أن ما يصح على المرء يصح على البلاد؟؟ لنرى.. في اليوم الأول لبدء غارات التحالف الدولي على مواقع داعش في سورية، خرج المتحدث باسم الجيش الأميركي الجنرال (جون كيربي) ليقول للصحفيين: «لقد أعلمنا القيادة السورية بما سنقوم به من عمليات ضد داعش في سورية» واستغرب الصحفيون الموجودون هذا النوع من التنسيق بين البنتاغون وبين القيادة السورية، وخاصة أن الإدارة الأميركية تعلن ليل نهار عداءها للدولة السورية. ونتيجة ذلك اندفع صحفي ليسأل الجنرال كيربي مستغرباً..: «ولماذا أعلمتم سورية، طالما أنكم تقولون إنها دولة غير شرعية، لماذا أعلمتموها بما ستقومون به وما ستقدمون عليه من أعمال عسكرية ضد داعش؟» وبكل ثقة أجاب كيربي: «لقد أعلمنا الدولة السورية بما سنقوم به من غارات ضد داعش على أراضيها، لأننا نعلم أهمية وقدرة وفعالية نظام الدفاع الجوي السوري، وهذه الحقيقة كانت موجودة على طاولتنا أثناء التخطيط والتحضير للعملية العسكرية الجوية ضد داعش في سورية». وتبين لجميع الصحفيين الذين حضروا المؤتمر الصحفي لـ«كيربي» أن هناك عوامل قوة تملكها الدولة السورية، وأن عوامل القوة السورية موجودة على طاولة القيادة الدولية، وأن هذه القيادة التي تقود أكثر من أربعين دولة ومن بينها الدول العظمى، لا تستطيع تجاهل عوامل القوة السورية الموجودة أمامها على الطاولة- كما قال «كيربي». والسؤال: ترى هل نظام الدفاع الجوي السوري (وبالتالي الجيش العربي السوري) هو القوة الوحيدة الموجودة على طاولة قيادة العالم؟؟ ألا يوجد إلى جانبها ما يكملها من عوامل القوة السورية؟؟ لابد أن من يبحث عن تحقيق النصر، أن يحترم عوامل القوة الموجودة على الأرض التي يتحرك فوقها، لذلك فإن أحداً لا يمكنه تجاهل عوامل القوة السورية، ولا يمكن لمن يريد تحقيق النجاح فوق الأرض السورية أن يحترم عوامل قوتها.. كلها، وأولها أن سورية تعرف نقاط ضعفها، وتعرف ما يعتري بعض جوانبها من أمراض، وتتعامل مع ما يضعفها بعلاجات حكيمة تدل على نوع آخر من القوة الضرورية للحياة والتقدم. ولمن يريد أن يعرف أكثر عن عوامل القوة السورية، عليه أن يراجع تصريحات رئيس الوزراء العراقي في نيويورك والتي نقلتها «بلا مبيرغ» حيث قال: «أرسلت مستشاري للأمن القومي فالح الفياض إلى سورية لينقل رسالة للرئيس الأسد طلب منا الأميركان إيصالها..».. وتضمنت الرسالة الأميركية التي نقلها الفياض إلى الرئيس الأسد ما يمكن اعتباره اعترافاً بقدرة ومعنى الدولة السورية في هذه المرحلة. حيث أكمل رئيس الوزراء العراقي تصريحه في نيويورك بالقول: «اليوم لا تسعى الولايات المتحدة إلى تغيير ميزان القوى في سورية ضد الرئيس الأسد.. وأكدوا «الأميركان» على أن هدفهم في سورية ليس عدم الاستقرار ولا تهديد السيادة السورية ولا مهاجمة النظام وإنما تدمير قدرات داعش والجماعات الإرهابية الأخرى..». إن ما صرح به رئيس الوزراء العراقي في نيويورك حول إعلان الإدارة الأميركية تعهدها بعدم المساس بالسيادة السورية، وعدم مهاجمة نظام الرئيس الأسد (حسب تسميتهم) هو اعتراف بعوامل قوة يمكن قراءتها في مضامين السيادة السورية، وفي مفاعيل ومعاني الدولة السورية. ترى هل يغيب عن طاولة القيادة الدولية، أن «اليقظة السورية» هي أهم عوامل القوة السورية؟! إن الإدارة الأميركية تعرف جيداً معنى «اليقظة السورية» تجاه ما تقوم به ومن أسس «اليقظة السورية» قوة البصر السياسية، وعمق البصيرة الحضارية، وهذا ما يجعل سورية قوية ضد نقاط ضعفها، وهذا ما يظهر حزمها في مواجهة أمراضها.. ومن يقدر على معالجة ما يصيبه وينتصر عليه، يستطيع أن يواجه من يكيد له ويتآمر عليه.. ولابد أن كل ذلك موجود على طاولة القيادة الدولية التي تخطط وتعمل ضد داعش وضد الجماعات الإرهابية الأخرى. «اليقظة السورية» ليست موجودة على طاولة القيادة الدولية فقط، بل هي حاضرة في كل تاريخ سورية مع أميركا وغيرها- وهذا ما يجعل السوري يقول: إن كانت نيتهم حقيقية ضد الإرهاب فنحن ضد الإرهاب قبلهم.. أما إن كانت في نيتهم أمور أخرى، فإن سورية يقظة، وبصيرتها عميقة وبصرها قوي، ولا خيار لها إلا أن تستمر في حماية شعبها وصون حاضرها والتأسيس لمستقبلها وهذا ما يبقي الشام أقدم وطن مأهول بالحضارة اليقظة البصيرة.. وهذه قوتها الأساسية.
التاريخ - 2014-09-30 11:59 PM المشاهدات 1636
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا