موروني وحكم الخلافة القادم...

موروني وحكم الخلافة القادم... بقلم الدكتور دريد درغام --عن صفحتة عبر التاريخ، دعت صعوبات حكم المدينة ومكة لتجريب السلطة من الكوفة. ثم جربت دمشق ثم بغداد ثم القاهرة....وهكذا...! في المصائب تظهر طاقة سلبية غريبة يتهيأ لمن حلت به أنها نهاية الكون فيبدع بالنواح متناسيا أن هول ما جرى للأسلاف كان أفظع. وينسى أن الكائنات الحية البشرية (كجسد..!) لها قدرة شديدة على التأقلم مع مختلف النوائب السابقة. وتوقف الأدمغة لم يمنع يوما من اعتقاد "مناصري الأجساد" بأن التكاثر "الدارويني" نصرٌ بمقدور مختلف الكائنات تحقيقه. مع كل كارثة كانت الخلافات أشد وجميع الفرقاء مصر على صحة رأيه. وأمام الشعور بالعجز كان كل فريق يعيد استحضار الماضي وفق فهمه وتفسيره وتحويره بما يكفي لرواية النوادر والحكم اللازمة "لسقف" المستقبل. فيعاد بذلك استنبات ظروف الكارثة القادمة بتواطؤ جماعي غريب يلمسه ويعرفه الجميع لكنه غير معلن.. يتولد لدى أهل كل كارثة شعور "مفهوم" بأنها الأقسى أثناء معايشتهم لها. ولكن فور انتهاء الكوارث يعتمد على نعمة النسيان في هذا الشرق المنسي الذي ما زال يصر على إمضاء حاضره ومستقبله كما ماضيه...! خلافاً للماضي، يتوزع أهل الشرق في محنتهم الحالية بين من يستمر بإنكار وجود أي محنة ومستفيد خسيس منها ومنطو منعزل في دهشة لا يفيق منها أو لا يرغب، ومكتشف لحكمة أو عبرة من الماضي فيستفيد من الفيس بوك في إعادة روايتها أو شقلبتها؛ ويسعد لحجم "التلييك" (صيغة سوريالية من سلوك "لايك" المنتشر) و"التشريك" ("شير" أو إشراك ما تفوه به الآخرون)؛ وهيهات أن تنتش بذور العقل في غير مكانها وزمانها. إن استمر تغييب بلورة هوية تناسب مختلف القوميات والأديان المتعايشة هنا وتحمل شيئا من العدل و"يقتنع به الرعية قبل الراعي"، يحق لموروني (العاصمة العربية الوحيدة في نصف الكرة الجنوبي) أن تحجز دورا لها في قائمة عواصم تجريب حكم الخلافة القادم...