خبرات في الإدارات العامة بين الإبعاد والابتعاد المؤسسات التعليمية السورية خرَّجت مئات آلاف الكفاءات
خاص - سورية الحدث - غادة بقلة
، وما تزال تخرِّج ، عدا عن الذين تخرَّجوا من المؤسسات التعليمية الأجنبية
– بعثات أو دراسات خاصة
- ، ومن مختلف الاختصاصات
، وكثير من هؤلاء أصبحوا من ملاك الإدارات العامة التي تغص بالعاملين من ذوي الكفاءات ، وتحديدا المتخصِّصين الذين سبق أن تم اتخاذ قرار بتعيينهم على ملاك العديد من الإدارات دون مسابقة ، بغض النَّظر عن وجود شاغر على الملاك ، بحيث يندر أن نجد دائرة تشكو من نقص عمالة ، وإن وجد فهناك عشرات الإدارات التي تقابلها وتشكو من فائض ، ما جعل البطالة المقنعة في العديد من الإدارات حالة قائمة حكما ، ومع ذلك نجد بعض الإدارات تشكو بين حين وآخر من توفُّر هذه الكفاءة أو تلك ، رغم أن الكثير من الإدارات تقِيم العديد من الدورات والندوات التدريبية لعامليها بين فترة وأخرى ، وبالتالي أليس غريبا أن تبقى مديرية خدمات فنية أو مديرية زراعة ، في هذه المحافظة أو تلك بدون مدير رسمي – في حال انتهى عمل المدير السابق لسبب أو أكثر - أشهرا عديدة ، وأحيانا أكثر من سنة ، رغم أن هذه المديرية تغص بمئات المهندسين المختصين ، منذ عشرات السنين ، فإن لم يكن بين هؤلاء المهندسين من هو أهل لهذه المهمة فهذه مصيبة ، وإن لم يكن المعنيين في الأمر قادرين على اختيار الكفء فالمصيبة أكبر ، ومن حق المراقب المهتم أن يذكِّر ويقول طالما أنه من السهل أن يجد أولي الأمر وزيرا بين الكفاءات الوطنية خلال أسبوع ، - عند شغور أي وزارة من وزيرها - كيف يكون من الصعب على هذا الوزير ( أو من هم شركاء - أو بيدهم - القرار في ذلك ) أن يجدوا مديرا لإحدى المديريات خلال أشهر، ولماذا أغلب من تخرَّجوا من المعاهد الإدارية العليا مهمَّشين في إداراتهم ، رغم انه قد تم ترشيحهم رسميا للدراسة في هذه المعاهد ، على أمل أن يشغلوا مواقع إدارية قيادية ، بعد أن يحصلوا على المؤهل الإداري العالي الذي يغني مؤهلاتهم العليا السابقة ، ولماذا ما زلنا نشهد تعيين من لم يتناسب اختصاصه وكفاءته ، مع العمل الموكل له ( مع ضرورة الاعتراف بأن بعض ذوي الاختصاص فشلوا أو أساءوا ، وبعض من هم من غير ذوي الاختصاص نجحوا وأحسنوا) ، ومع ذلك ، أليس من الأجدى أن يكون ذوي الاختصاص وذوي الخبرة هم الأولى بالعمل ، من منطلق الرجل المناسب في المكان المناسب0 لما كان عاملي النسق الثاني في الإدارات العامة هم من الفئة الأولى ، ومن المفترض أنهم يملكون الخبرات التي تؤهلهم تبوء المكان الذي هم فيه ، ما يستوجب أن يكونوا مؤهلين لتبوء المكان الأعلى عند اللزوم ، علما أنه من الإجحاف أن يتجاهل أحد أو ينكر أن معظمهم يملك المؤهلات العلمية والعملية ، ويبحث عن تفعيل نفسه ، و يجد إدارة مباشرة وعليا تشجع إقدامه وتقدر له عطاءه ، وبعض من يشكو من إدارته لم يتخلى عن إقدامه ولم ييأس ، وكله أمل أن حضوره العملي الذي يرجوه ويعمل له ، سيتحقق غدا أو بعد غد إن لم يكن اليوم ، وكثير من القيادات الإدارية المباشرة والأعلى أصبحت حذرة جدا من منعكسات الحد من إقدام الكفاءات على العمل و تتبصر في خطورة ذلك عليها ، ومع ذلك يبقى عددا غير قليل من العاملين في الإدارات العامة الإنتاجية والخدمية والإدارية ، يشْكُون أن إداراتهم تعمد على إبعادهم عن مواقع العطاء الذي يرغبوه ويرون أنهم يملكون مقوماته ، ومن جانب آخر تشكو العديد من الإدارات من ابتعاد بعض العاملين عن أداء الأعمال المتوجبة عليهم بالشكل المطلوب ، أكان ذلك لقصور في إمكاناتهم أو لتقصير في أدائهم ، أي أن حالتي الإبعاد والابتعاد قائمتين إلى حد ما ، وكلا الحالتين اخطر من الآخرى ، والخروج من حالة الخطر هذه يستوجب حضورا فاعلا للإدارات الأعلى ، التي هي المسؤول الأول عن هذا الخلل الكبير ، والتي عليها أن تُولِي ذلك الأهمية الكبرى ، وأيضا يستوجب ذلك حضورا نزيها للأجهزة الرقابية التي كان لسلبياتها - المتنوعة الأشكال - دورا في تمادي سوء الإدارات وأيضا سوء العاملين ، علما أن كلا المُبْعَدْ والمُبْتعِد مسؤولان ، فالمُبْعَدْ الذي يخْنَع لإبعاده ، هو مُبْتعِدْ بشكل ما - أيا كانت حجته - ما لم يقارع مُبْعِدِِيه شفهيا وخطيا وإداريا ، وتفتيشيا وقضائيا عند اقتضاء الأمر ، وعندما يُبْعَدْ ، إما أن يكون ذلك نتيجة ثبوت إدانته ، أو نتيجة سوء معاملة متعمدة من إدارته ، أو غير متعمدة منها نتيجة ورود تهم باطلة ، وجِّهت له من طرف أو أكثر ، ولم يتمكن أو لم يتح له الدفاع عن نفسه ، وفي هذه الحالة يجب وجود جهة عليا معنية تحقق بكل نزاهة في مجمل حيثيات الموقف ومن المعروف أن بعض من ادَّعوا أنهم مغبونون اعترضوا وبعضهم نجح بالإعادة إلى عمله ( أكان ذلك نتيجة قضاء عادل نزيه فعلا ، كما يدَّعي ، أو غير عادل ، كما يدعي من سبق أن أدانه من قبل ) ما جعل العديد من الإدارات تكون حذرة جدا من تحجيم عامليها ، وتجتنب العمل لإبعاد أو فصل بعضهم تحت حجج باطلة ، ( من المؤسف أنه سبق أن حصل ذلك في أكثر من إدارة ) معظم الإدارات– وربما جميعها - تغص بالمؤهلات ، التي كثير منها يملك الكفاءات أو الخبرات ، أو كليهما معا ، ومعظم المؤهلين لديهم - وتحيط بهم - ولدى إداراتهم معطيات عديدة تساعد في تمكين كفاءاتهم وخبراتهم ، والإدارات المباشرة والأعلى هي المسؤولة – بالدرجة الأولى - عن تحقيق هذا التمكين لجميع العاملين في النسق الثاني وبعض منهم في أعلى سلَّم النسق الثالث ، ما يمكِّن من تحقيق توفر البديل الكفء ، وربما الأكفأ عند رحيل احدهم من النسق الأول لأي سبب كان / موت – تقاعد – إعفاء – طرد - إقالة – استقالة – استيداع – إجازة قصيرة اوطويلة ، وغير ذلك / ، وعلى الإدارات أن تهتم بمن يملك مؤهل تعليمي ولا يملك مؤهلات عمل ، ولا يسعى لتطوير نفسه ، لا أن تكون هي العائق في تطويره ، وتتجنَّب أن يذهب كثير مما تنفقه على تطويره في غير محله ، وتتابع أولئك الذين يملكون مؤهلات عمل ، ولكنهم يضُنّونُ بها على إداراتهم ، أو لا يتاح لهم استثمارها ، ما يدفعهم لاستثمارها في القطاع الخاص المأجور ، أو في مؤسستاهم الخاصة ، و لا يبحثون عن تفعيل دورهم في مؤسساتهم التي يتقاضون رواتبهم منها0 ما يستدعي أن تسارع الإدارات المباشرة والأعلى ، بما في ذلك الرقابية منها لتفعيل دور جميع العاملين ، اليوم وليس انتظارا إلى غد ، فالأمر يستوجب أن يكون معجَّل لا مؤجَّل ، وحبذا أن يصدر تعميم من رئاسة مجلس الوزراء يتضَّمن تحميل قيادات الإدارات والعاملين لديهم من النَّسق الثاني ، مسؤولية عدم وجود البديل المماثل أو الأكفأ عند غياب صاحب مهمة ، وتوثيق ذلك ، ليتبين سبب عدم وجود البديل – في حال غياب الأصيل – وهل هو عائد لابتعاد عمَّال النسق الثاني ، نتيجة قصور أو تقصير ، أم بسبب إبعادهم نتيجة سوء الإدارة ، ما يتطلب أن تحقق الإدارات الأعلى المعنية في ذلك ، ليتبين لها ، من هو المُبْعَدْ والمُبْعِدْ ومن هو المُبْتَعِدْ ، وفرض العقوبة الصارمة بحق كل منهم وتعميمها على جميع الإدارات ، فعدم أهلية نسق ثاني كفء لتبوء مهام النسق الأول في هذه الإدارة أو تلك ، لا يعود لسوء الإدارات فقط ، بل ويعود لسوء العاملين الذين بعضهم منصرفا لخدمة ذاته بعيدا عن خدمة العمل الذي تتطلبه إداراته ، وحقيقة الأمر أن بعض العاملين – على اختلاف مهامهم - ، يحصر همه في ما يتقاضاه آخر الشهر ، لا فيما أنجزه من أعمال خلال الشهر0من المعروف أنه يوجد عدد كبير من السوريين ( وتحديدا الخريجين المتخصصين الذين يصنفون في النسق الثاني أو الأول ) يعملون خارج القطر – في البلاد العربية والأجنبية ، ومن المجمع عليه أن معظمهم مشهودٌ لهم بحسن الأداء ، ويلقون كل تقدير واحترام وحرص من الجهات التي يعملون لديها ، وكثيرون منهم تبوئوا مناصبا لدى هذه الجهات ، ما يجعل من الجائز أن نسأل لماذا توجد شكوى من ضعف أو استضعاف أداء بعضهم داخل القطر ، أكان في موقع الرئيس أو المرؤوس0الاستهانة بالكوادر العاملة في الإدارات أمر خطير جدا0 ما يستوجب أن تعمل الإدارات العامة لأن يكون لكل صاحب مهمة بديل – نظير - أو أكثر يكون جاهزا للاستلام مكان الأصيل عند غيابه إثر أي طارئ كان ، وبالتالي ؟ ما الذي يمنع أن يكون قرار تعيين الأصيل متضمنا تعيين معاونا له بصلاحيات تمكنه أن يكون كفئا لاستلام مكانه عند اللزوم ، خاصة وأنه يندر أن تخلو إدارة من إمكانية وجود نظير0 غادة بقلة
التاريخ - 2014-10-30 4:25 AM المشاهدات 1149
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا