سورية الحدث يطرح تكدّس آلاف الأطنان من مادة النخالة في مطاحن اللاذقية التي ضاقت ذرعاً واختنقت بهذه الكميات المتراكمة لفترة طويلة، المشكلة المزمنة القديمة الجديدة الناجمة عن عجز متجدد، وفشل متكرر في استجرار وشحن هذه المخازين لصالح فرع المؤسسة العامة للأعلاف في اللاذقية الذي طرق كل الأبواب سعياً لتأمين وسائط شحن لنقل هذه الكميات بعد استفحال تراكمها، ما بات ينذر بإعاقة عمل المطاحن بشكل مباشر، لأنها تشغلها بحجوم كبيرة، ومساحات واسعة، ما يؤثر مباشرة على الحركة الإنتاجية الطحنية، ومما هو معلوم أن منظومة الشحن المتعثرة في استجرار النخالة المكدّسة في المطاحن ليست الوحيدة، فهذه المنظومة تتعثر في عدة قطاعات إنتاجية وتموينية، كما حصل في استجرار محصول الحمضيات، وشحن السماد، والمحاصيل الفائضة، والمواد القابلة للتخزين إيذاناً بتوزيعها لاحقاً، وتكمن المشكلة في جوانب إشكالية عديدة عالقة لعدم وضع ضوابط لها، وأهمها الأجور المرتفعة جداً للشحن، وزيادة تكاليفه بين الحين والآخر بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، ما يجعل الاعتماد على الخاص متعذراً، في الوقت الذي تعاني فيه غالبية المؤسسات نقصاً في وسائط الشحن، ونفقاتها، ومستلزماتها، وتكاليف تشغيلها، وفي مقابل هذا النقص، هناك مؤسسات كمؤسسة الأعلاف تعاني بشكل كبير من هذه المشكلة لقلة عدد شاحناتها، ما يضطرها للاعتماد على وسائط شحن مأجورة، سواء من مكتب نقل البضائع، أو من المؤسسات العامة، وقد تضطر لاستئجار شاحنات، ولكن المشكلة تبقى قائمة وتتعقد، لأن كل مؤسسة تضع الأولوية لإنجاز أعمالها واحتياجاتها أولاً وقبل تقديم أية مساعدة لجهة أخرى، وأيضاً عدم تناسب التكاليف والأجور مع المسموح به كأجور شحن في المؤسسة الراغبة بالحصول على هذه الخدمة، أما ما يطلبه أصحاب الشاحنات التي تعمل من خلال مكتب نقل البضائع فلا يقارب مطلقاً الأجور المتاحة في المؤسسات التي يتعذر عليها تأمين الشاحنات بالأسعار والأجور المضاعفة التي يطلبها أصحاب الشاحنات الذين يعزفون عن الشحن بهذه الأسعار، وحيث لا يستطيع مكتب نقل البضائع إلزامهم بالشحن لأن شروطهم فوق الإمكانات، سواء الأجور، أو تأمين المازوت بالسعر النافذ، والحمولات المحورية والفعلية، وغيرها من اشتراطات يراها البعض مبالغاً بها، في حين يرى البعض الآخر أنها عادية في ظل الظروف الراهنة.المعاناة مستمرةوصلت مشكلة تعذّر تأمين الشاحنات الضرورية لفرع مؤسسة الأعلاف في اللاذقية حداً لا يحتمل الانتظار مطلقاً، فما كان من فرع المؤسسة إلا طلب المساعدة المستعجلة من محافظة اللاذقية لحل هذه المشكلة التي يرى فيها مدير فرع مؤسسة أعلاف اللاذقية في مراسلته الخطية المسطّرة بهذا الشأن، أنها معاناة حقيقية لا تزال مستمرة، ويوضّح أنه نتيجة المعاناة المستمرة، وعدم تمكّن فرع المؤسسة من تأمين سيارات شاحنة من مكتب الدور (نقل البضائع)، وخاصة لمادة النخالة المخزّنة في المطاحن الثلاث: (جبلة– الساحل- اللاذقية)، حيث وصلت الكمية المخزّنة المتراكمة التي تنتظر الشحن من المطاحن إلى /4000/ طن نخالة، وذلك بحجة السعر والوزن، وما سمّاها مدير فرع المؤسسة في كتابه الخطي مبررات لا معنى لها، مع العلم أن التسعيرة صادرة من مكتب الدور (مكتب نقل البضائع)، وموقّعة أصولاً من قبل فرع مؤسسة الأعلاف في اللاذقية، ومصدّقة من المحافظة، وقد توجّهت إدارة فرع المؤسسة بطلب المساعدة من محافظ اللاذقية بالإيعاز إلى مؤسسات القطاع العام الموجودة في المحافظة للمساعدة في نقل مادة النخالة داخلياً وخارجياً، وخاصة إلى محافظة حمص، مع استعداد فرع المؤسسة لتسديد ما يترتب عليه من أجور نقل ضمن المعمول به في نظام العقود مع مؤسسة العمران، أو ضمن أجور مكتب نقل البضائع المصدّقة أصولاً!.البحث عن معالجةاستخدام الشحن السككي يمكن أن يحل جزءاً فقط من المشكلة للمواقع المحددة، والمربوطة سككياً، مع أنه لايزال هناك فتور في الإقبال على الشحن السككي، وهناك عدة مقترحات مطروحة سابقاً في هذا الإطار، ومنها إيجاد منظومة شحن عامة تقوم من خلال سياراتها برفد وتزويد مؤسسات القطاع العام بمثل هذه السيارات لشحن البضائع.وحول المقترحات الممكنة في هذا المجال، يقول المهندس إياد جديد، مدير فرع مؤسسة العمران في اللاذقية: إن السيارات الشاحنة متوفرة في المؤسسة، وتغطي الاحتياجات في كل المراكز، وأحياناً تتم الاستعانة بسيارات فرع المؤسسة لنقل حمولات عائدة لمؤسسات عامة بشكل مأجور، وأحياناً بتوجيهات وزارية ومحلية من خلال المحافظة، وحسب كل حالة، وهذا دورنا التكاملي كقطاع عام، ويمكن تحسين الواقع الحالي بتفعيل النقل البري، والسككي، وغيرهما من وسائط النقل، وهذا الموضوع مناط بوزارة النقل لدراسة الحاجة الكلية لوسائط الشحن، والقدرة على استيعاب الحمولات، وتغطية الاحتياجات، ولاسيما أن نفقات النقل بالنسبة للمؤسسة هي جزء من آلية عملها، وتدخل في حساباتها في سعر مبيع المنتج، بما يغطي الكلف الإنتاجية.الشحن السككيوتكمن أهمية التوجه نحو النقل السككي كونه السبيل الأفضل والأسرع للقطاعات التي تعاني نقصاً في سيارات الشحن، كون الشحن السككي أوفر اقتصادياً، وأقل بنسبة 50% عن الشحن البري الطرقي، وفي السياق نفسه لا يمكن تجاهل آثار الحمولات الزائدة للشاحنات على الشبكة الطرقية، حيث يرى مدير فرع مؤسسة المواصلات الطرقية، المهندس مطيع سلهب، أن الحمولات الزائدة للشاحنات ومركبات النقل من المشاكل الرئيسية لشبكة الطرق، حيث تؤدي إلى التأثير على الفنية للشبكة الطرقية، ما ينعكس على سلامة مستخدميها، وعلى العمر الافتراضي لها، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الصيانة، وتعد الحمولة زائدة في حال تجاوزت الحد المسموح به وتنعكس على زيادة تكاليف أعمال الصيانة والتأهيل نتيجة تطبيق الحمولات الزائدة، حيث تصبح الطرق بحاجة لصيانة أكبر في مدة أقصر من المدة الافتراضية للسلامة، في وقت أخذت تتزايد فيه نسبياً ولو بشكل أولي وتدريجي وتيرة حركة شحن البضائع المحمّلة من المرفأ على متن الخطوط الحديدية إلى مقاصدها من خلال شبكة الربط السككي مع مرفأ اللاذقية.استقطاب حمولات متزايدةويؤكد المهندس عدنان بيطار مدير فرع المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية في اللاذقية أن استثمار شبكة الربط السككي في عملية شحن البضائع والحمولات يتم بمؤشرات متزايدة نتيجة الجاهزية الفنية للشبكة وتغطيتها لمساحات واسعة من الحرم المرفئي بأرصفته وساحاته، مبيّناً أن هذه الجاهزية أسهمت في استقطاب حمولات متزايدة تدريجياً وبتحسّن واضح عن الفترات السابقة ما ينعكس إيجاباً على زيادة الإيرادات والعائدات. وأوضح المهندس بيطار أن شبكة الخط الحديدي تغطّي أرصفة الحوض الطبيعي للمرفأ بطول 1040 متراً طولياً، وفي الرصيف الرئيسي ورصيف الحبوب ومختلف الساحات والأرصفة في منطقة التوسع الأولى للمرفأ، وبذلك تخدّم شبكة الخط الحديدي المرفأ القديم ومنطقة التوسع الأولى، وهذه الشبكة ترتبط بمحطة البضائع الرئيسية بخط حديدي يمتد على طولها، مؤكداً أن كافة أرصفة المرفأ مغطاة ومخدّمة بشبكة الخطوط الحديدية، وهذا ما يشكل نقطة جذب لاستقطاب حمولات البضائع وشحنها سككياً، ولاسيما أن الشبكة تتوزع بمواصفات ومعايير تخديمية تشمل مختلف المراكز الرئيسة من مستودعات وساحات وأرصفة، وهذا بحسب – بيطار- سينعكس إيجاباً على عمليتي الاستيراد والتصدير، حيث توجد في محطة البضائع شبكة جيدة تعادل قدرتها الاستيعابية ضعفي القدرة الاستيعابية لمحطتي المرفأ القديم والجديد، وهذا له دور كبير في انسيابية تبادل البضائع والحمولات بين المرفأ ومحطة البضائع.وبيّن المهندس بيطار أن محطة البضائع تتوضع على مساحة قدرها 700 دونم، وهذا يتيح إمكانية زيادة عدد خطوط الشبكة، بالتوازي مع تحقيق زيادة في الطاقة الإنتاجية وبما يستوعب تطور حجوم النقل المتوقعة خلال الأعوام القادمة..منظومة شحنولاتزال مؤسسة الخطوط الحديدية تتطلع إلى تحقيق انسيابية أكبر وأسرع وإقبال أوسع من المؤسسات والشركات لشحن بضائعها على متن الخطوط الحديدية السورية، حيث أكدت المؤسسة جاهزيتها لشحن البضائع بخدمات نوعية وبأجور تشجيعية، سيما أن قطاراتها وعرباتها جاهزة لتقديم خدمات الشحن والنقل بأقصى التسهيلات الممكنة، ويأمل المهندس بيطار الوصول القريب إلى طاقة تشغيلية أفضل في مثل هذه الظروف، حيث وضعت المؤسسة خطة مشروعات استراتيجية طموحة لتسريع التعافي السككي، ومنها التوسع بشبكات ومحاور ربط الخط الحديدي مع المرافئ والمناطق الحرة والمناطق والمدن الصناعية، علماً أن خطة المؤسسة تكمن في توظيف الإمكانات المتاحة باستثمار مقطوراتها وشاحناتها وصهاريجها في الشحن كنقل الحصويات والإحضارات بما يسهم في تنشيط الطاقة التتشغيلية للمؤسسة والتخفيف من أجور نقل مواد البناء والحفاظ على السلامة الفنية للطرق العامة وتخفيض نفقات صيانتها وحماية البيئة وتقليل استهلاك الوقود وأيضاً توفير هذه المواد بكميات كبيرة للقطاعين العام والخاص، لافتاً إلى أن النقل بالخطوط الحديدية له مزايا تدعم الاقتصاد الوطني وتحقق التنمية الاقتصادية، إضافة إلى دوره المهم في ربط مواقع الإنتاج بمراكز التصدير، ولفت بيطار إلى مساهمة منظومة الربط السككي مع المرفأ في تحقيق انسيابية أكبر في نقل البضائع من الحرم المرفئي على متن الخط السككي المرفئي وتحقيق زيادة في المؤشرات، ويمكن السحب المباشر للبضائع من الباخرة إلى شاحنات القطار مباشرة، ما يحقق السرعة في التفريغ والنقل كما هو حاصل في عمليات تفريغ بواخر الحبوب الواردة إلى مرفأ اللاذقية.الشحن يستوجب الدعممن بين الإجراءات والمحفّزات التي يجري بحثها واعتمادها حالياً لتشجيع تصدير المنتج المحلي إلى الأسواق الخارجية بحراً دعم تكاليف الشحن لأنها باتت مرتفعة ومحسوبة اقتصادياً، ولذلك وجدت هيئة دعم الإنتاج المحلي وتنمية الصادرات أن مساهمتها في دعم نسبة من تكلفة الشحن البحري يمكن أن يشجّع المصدرّين على التسويق الخارجي للمنتجات المحلية من خلال تصديرها عبر المرافئ السورية فسارعت هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات إلى تقديم الدعم المباشر للصادرات السورية ودخولها الأسواق العالمية بإسهامها في دعم تكاليف شحن البضائع المحلية المصدّرة إلى الأسواق العالمية ومن ضمنها البضائع المصدّرة بحراً من المنطقة الساحلية عبر المرافئ السورية. وأوضح مدير فرع هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات في المنطقة الساحلية علي عباس أن دعم الهيئة لتكاليف الشحن للبضائع والمنتجات المحلية المصدّرة يشمل الشحن البحري والجوي وأن نسبة دعم كلفة الشحن البحري تبلغ 20% تدفعها الهيئة للمصدّرين بعد موافاة الهيئة بكل الوثائق والبيانات الجمركية والمرفئية والملاحية التي تثبت إنجاز عملية تصدير المنتج المحلي من خلال مرفأي اللاذقية أو طرطوس، مبيّناً أن نسبة الدعم يمكن أن تزداد هذه النسبة لتتناسب مع القيمة المضافة المحققة لجهة نوعية المنتج وعائداته، وأن هذا الدعم أصبح نافذاً بعد إدراجه واعتماده في خطة عمل هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات للعام الحالي وأنه يمكن للمصدّرين أن يتقدموا بأوراقهم وبياناتهم ومنها بوليصة شحن البضاعة وكل ما يثبت قيامهم بتصدير البضائع والمنتجات المحلية بحراً عبر المرافئ السورية، وأوضح عباس أن الهيئة اعتمدت دعم كلفة شحن الصادرات السورية بهدف زيادة ودعم المركز التنافسي للسلع السورية في الأسواق العالمية ولأجل تحفيز الوحدات الإنتاجية على زيادة وتكثيف إنتاجها وتحقيق زيادة في الكميات المصدّرة، سواء الزراعية أم الصناعية، وتشجيع المنتجين والمصدرين على التوسع بطاقتهم الإنتاجية والتصديرية، وأشار عباس إلى أن الهيئة تواصلت مع جميع الجهات ذات العلاقة بشأن استعدادها التام لدعم المصدّرين بنسبة 20% من كلفة البضائع السورية المصدّرة بحراً من الموانئ السورية.مروان حويجة
التاريخ - 2017-07-16 6:37 AM المشاهدات 2143
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا