مزارع التفاح في اللاذقية ليس حاله أفضل من حال مزارع الحمضيات من الناحية الإنتاجية والتسويقية، فكلاهما "في الهم سوا"، إذ إن تسويق التفاح كما تسويق الحمضيات لمن استطاع إليه سبيلاً، وعليه فإن وزارة التجارة الداخلية لا تكلف المؤسسة السورية للتجارة إلّا وسعها من استجرار محصول التفاح..المشهد ذاته يتجدد في كل عام، حيث تكرر الجهات المعنية سيناريو التسويق وتستنسخ وعودها السنوية بأنها أعدت العدة لتسويق الإنتاج من المزارعين..وعود رسمية سرعان ما تذهب أدراج الرياح عندما تتعالى آهات مزارعي التفاح بسبب تدني الأسعار، التي حددتها السورية للتجارة وإعراضها حتى اليوم عن شراء التفاح المصاب بحجة أنها تنتظر موافقة وزارة التجارة الداخلية، فيما لسان حال المزارعين يتساءل: إذا تأخرت الموافقة أكثر من ذلك فماذا سيحل بتفاحنا الذي لايزال على الشجر ينتظر فرجاً قد لا يأتي؟.سوق الهال أربح بمقارنة بسيطة بين الكميات المنتجة والكميات المسوقة، يلاحظ الفارق الكبير الذي ينعكس سلباً على المزارعين المنتجين للتفاح في ريف اللاذقية الذين يعاني معظمهم من صعوبات التسويق التي تتكرر في كل موسم.إذ يقول المزارع أبو هيثم من قرية الحمبوشية لـ"الأيام": كل عام نسمع التصريحات نفسها لجهة تسويق إنتاجنا من التفاح لنفاجأ أن ما تم تسويقه لا يتعدى مئات الأطنان من إنتاج يتجاوز الـ32 ألف طن، ويضيف: المشكلة التي نعاني منها في كل عام هي التأخر في صدور تسعيرة التفاح وتأخر السورية للتجارة في الإعلان عن نيتها شراء التفاح، فلو أعلنت ذلك منذ بداية الموسم لكانت أسعاره أفضل بكثير.أبو حسن يؤكد أن أسعار سوق الهال أفضل من السورية للتجارة التي وضعت أسعاراً جيدة للتفاح نوع أول ونوع ثاني، فيما حددت أسعاراً متدنية للنوع الثالث وللتفاح المصاب الذي لم تشتره حتى اليوم، موضحاً أنه في سوق الهال يستطيع المزارع أن يبيع محصوله المؤلف من أربع نخب بما فيها المصاب بسعر يتراوح بين 200 و210 ليرات للكيلو غرام الواحد ويربح أكثر من بيعه للسورية للتجارة التي "تتدلل ولا تشتري إلّا التفاح الممتاز".وعدا عن مشكلة تدني الأسعار، هناك الشروط التعجيزية التي فرضتها السورية للتجارة على المزارعين وهي لبس القفازات أثناء قطاف المحصول، ويضيف أبو فراس: الحكومة "بدها تعجزنا" حتى تشتري المحصول، والحقيقة التي يعرفها جميع المزارعين أن السورية للتجارة غير قادرة على استجرار كامل محصول التفاح من المحافظة، ولذلك تضع العصي بالعجلات.أبو الزين واحد من المزارعين الذين تركوا التفاح على الشجر بانتظار أن تأتي الموافقة من دمشق فيما يتعلق بشراء التفاح المصاب، ويضيف: "ما بتوفي معنا" أن نبيع التفاح الجيد ونترك التفاح المضروب على الشجر.السورية للتجارة تتحججرئيس اتحاد الفلاحين في اللاذقية هيثم أحمد أكد لصحيفة "الأيام" أنه تم البدء بإجراءات تسويق التفاح السليم لهذا العام وفق الأسعار التأشيرية التي أقرت خلال الاجتماع الذي عقد مؤخراً بين مديرية الزراعة واتحاد الفلاحين والمؤسسة السورية للتجارة وتم الاتفاق على الأسعار التالية: التفاح الأحمر صنف أول 230 ليرة سورية. صنف ثانٍ 210 ليرات سورية. صنف ثالث 120 ليرة سورية. التفاح الأصفر صنف أول 220 ليرة سورية. صنف ثاني 200 ليرة سورية. صنف ثالث 110 ليرات سورية. التفاح الموشح صنف أول 210 ليرات سورية. صنف ثاني 180 ليرة سورية.صنف ثالث 90 ليرة سورية. فيما حدد سعر التفاح المصاب بين40 و45 ليرة سورية. ورغم أن السورية للتجارة مستمرة باستجرار المحصول "على قدها"، إلّا أن المزارع يشعر بالظلم، ويوضح أحمد أن الأسعار التي حددتها السورية للتجارة لكيلو التفاح أرخص من سعر سوق الهال، الأمر الذي جعل المزارع يفضل أن يبيع محصوله في سوق الهال لأن فارق السعر أكبر ولو بنسب قليلة إلّا أنه يبقى أفضل من السعر الذي حددته المؤسسة، مشيراً إلى عدم استلام الفلاحين الصناديق البلاستيكية لعدم رضاهم عن التسعيرة المحددة.وعدا عن عدم رضا المزارعين عن الأسعار، يشير أحمد إلى أن السورية للتجارة فرضت شروطاً صعبة على المزارعين مثل ارتداء القفازات أثناء عملية قطاف التفاح تفادياً لتعرض الثمرة لبصمة الأصابع أو للكدمات، مؤكداً أن المزارع غير معتاد على مثل هذه الإجراءات التي وصفها بأنها ليست سوى مبرر أوجدته السورية للتجارة لأنها غير قادرة على استجرار كامل محصول التفاح من المزارعين، ناهيك أن السعر الذي حددته السورية للتجارة ووصفته بأنه جيد هو للثمرات النظيفة 100 %.خارج عملة التسويقمعاون مدير زراعة اللاذقية المهندس مصطفى جانودي أكد أن إنتاج المحافظة بلغ 23،7 ألف طن من التفاح البعلي وهو موزع ما بين أرياف اللاذقية وجبلة والحفة والقرداحة، ويضيف لـ"الأيام": مهمة مديرية الزراعة فيما يتعلق بعملية تسويق المنتج هو حساب تكلفته فقط، فكيلو الغرام الواحد من التفاح تكلفته على المزارع 145 ليرة، موضحاً أنه لا علاقة لمديرية الزراعة بتحديد سعر كيلو التفاح الذي هو من مهمة السورية للتجارة التي تقوم باستجراره كنوع من التدخل الإيجابي الذي يصب أخيراً في مصلحة المزارع.وأشار جانودي إلى أن مهمة مديرية الزراعة مساعدة المزارع على تقديم منتج نظيف وذلك من خلال منحه التراخيص للحصول على الأسمدة، بالإضافة إلى الإشراف الفني على المزروعات عبر الوحدات الإرشادية.ظُلم من ضمّن أرضه!السورية للتجارة اتخذت بعض الخطوات لاستجرار محصول التفاح على قدر استطاعتها بعد تصميمها الاستثمارات الخاصة بالشراء، وبدأت المؤسسة خلال الشهر الماضي بتسويق التفاح بهدف تخفيف العبء عن المزارعين، ويقول سامي هليل مدير السورية للتجارة في اللاذقية لـ"الأيام": قمنا بتوزيع 10 آلاف صندوق عن طريق الروابط والجمعيات الفلاحية في ريف الحفة واللاذقية وجبلة، مبيناً أن نقل التفاح يتم على حساب المؤسسة، والكميات المسوقة حتى اليوم بلغت 120 طناً بسعر يتراوح بين 190 و230 حسب اللون والنوع "كولدن وستاركن وموشح"، أي ما يعادل 4500 صندوق بلاستيكي، وسيستمر تسويق المحصول حتى انتهاء الموسم.ولفت هليل إلى أن هناك مشروعاً لاستجرار 475 طناً من التفاح المصاب وإرسالها إلى معامل الكونسروة والخل بدمشق، لكن ما يحول دون ذلك هو عدم ورود الموافقة بعد على قرار الاستجرار من وزارة التجارة الداخلية.وحول ما يقال عن تعرض المزارع للظلم فيما يتعلق بتدني الأسعار، قال هليل: كلام غير صحيح، وإذا كان بالفعل هناك مزارعون قد ظلموا فهم أولئك الذين قاموا ببيع محصولهم على الشجر بسعر تراوح بين 80 إلى 90 ليرة، فيما اشترت السورية للتجارة كيلو التفاح من المزارعين ومن داخل أراضيهم بـ230 ليرة، ويضيف: ما يقال حول صعوبة الشروط التي وضعتها السورية للتجارة على المزارعين كشرط لشراء المحصول ووصفها بأنها تعجيزية، هو كلام غير دقيق لأن التبريد له شروط أهمها أن تكون الثمرة خالية من الإصابات، ولذلك قمنا بإعطاء المزارعين قفازات لقطاف المحصول وفرزه.الايام
التاريخ - 2017-10-14 10:51 PM المشاهدات 1003
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا