شبكة سورية الحدث


أسباب وعوامل ظاهرة الفساد السورية الكبيرة

أسباب وعوامل ظاهرة الفساد السورية الكبيرة عبد الرحمن تيشوري   وتختلف من بلد الى آخر وهي كثيرة وأذكر أهمّها: سياسيّة: - غياب الرقابة الشعبيّة والاداريّة عبر مؤسسات المجتمع المدني( ). - انعدام الشعور الوطني نتيجة الانتهازية الوصوليّة باعتبارها قيمة سلوكية للارتقاء الى المراكز الادارية والمؤسسات الاقتصادية والخدمية. - الانفتاح الاقتصادي التدريجي بعد اقتصاد مخطّط مركزياً وموجّه على اثر انهيار الانظمة الاشتراكية وما يرافق هذه الحالة الانتقالية من عدم وجود ضوابط قانونية الامر الذي سمح بظهور قوى طفيلية فاسدة، نهبت اغلب ثروات البلاد عبر شركات وهمية. - البيروقراطية والقوانين الجامدة غير الواضحة تشكّل مستنقعاً جيّداً لانتشار الرشوة والفساد الاداري، فلا يمكن انجاز وتسيير المعاملات والمشاريع الاّ عبر مؤسسات بيروقراطية مما يفسح المجال للفساد ان يتغلغل في وسط الجهاز الاداري. اسباب اجتماعية: - انّ تكاليف المعيشة الباهظة فرضت اوضاعاً اجتماعية مأساويّة، فعزِف الشباب عن الزواج في سنٍّ مبكّرة ممّا أفقدهم الاحساس بالانتماء الاسروي والعائلي وجعل سلوكهم يتّسم باللامبالاة والاحباط وقبول الفساد وتبريره. لذا تغيّر سلوك الناس وأضحى الهدف المنشود هو العائد المادّي الكبير والسريع نظراً لازدياد أعباء المعيشة الحديثة والحاجة الى اقتناء السيّارة والموبايل وهذا مهّد للفساد ونمّاه. اسباب اقتصاديّة: - انّ خطط التنمية لم ترتكز الى دراسة علميّة موضوعيّة وبالتالي فشل هذه الخطط بتحقيق الأمل الموعود أدّى الى تردّي اوضاع العاملين وأثّر هذا على سلوكيّتهم نتيجة تعرّضهم للاحباط وكان هذا مبرّراً آخر للفساد وعدم الرغبة في العطاء لسدّ الاحتياجات التي تفوق الامكانات بعشرات المرّات. أسباب اداريّة وتنظيميّة كثيرة: - منها تعدد التشريعات الناظمة لموضوع واحد. - عدم التحديد الواضح للمسؤوليّة "ان ذلك ليس من اختصاصي". - المغالاة في انشاء المؤسسات العامّة. - عدم وضوح الأهداف على مستوى القيادة العليا والقيادات التنفيذيّة. - عدم الاهتمام بطرائق العمل وأساليبه "طريقة ترخيض روضة أطفال- عمرها 30 عام". - عدم الاهتمام بتخصيص المناصب والأعمال "عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب والزمن المناسب". - تكليف من لايحملون مؤهّلات بوظائف قياديّة بسبب الوساطات الخاصّة بهم الأمر الذي أثار الحقد والضغينة في نفوس الموظّفين الآخرين الذين يحملون المؤهّلات فانعكس ذلك على الانتاج والاداء الى عدم شعور هؤلاء بالمسؤوليّة. أسباب سيكولوجيّة نفسيّة أهمّها: - عدم القدرة "الناس- العاملين- الموظّفين" على تحقيق الاحتياجات الفسيولوجيّة الاساسية من طعام وسكن وصحّة ودفء لهم ولأسرهم وهذا يستتبع خلق نوع من الشعور بالقلق والاضطراب النفسي. - عدم الاستقرار الأمني في النفس والممتلكات والصحة حيث يقلق الناس على مستقبلهم ومستقبل ابنائهم فيبادرون الى قبول الرشاوى والفساد لمواجهة ذلك. - عدم تحقيق التقدير المناسب "التقدير في سوريا لمن يملك المال الوفير والسكن الوافر والسيارة الحديثة والموبايل والذي يعرف المسؤولين الكبار..". لذا اصبح اهتمام الافراد يتمحور حول الامور الماديّة وهذا بدوره يدفع الى استغلال السلطات والمناصب للاستفادة منها ويؤدّي عند بقية العاملين الى سيادة روح الاهمال واللامبالاة وعدم الاحساس بالمسؤولية. - عدم عدالة تقارير الكفاءة والكفاية عند ترفيع العاملين كلّ سنتين مرّة حيث يرفّع افضل عامل 9% واسوأ عامل 9% وهذا يؤدّي الى ردود فعل سلبيّة على العمل. *** خامساً- نتائج الفساد " الفساد يعرقل التنمية" بعد استعراض أهمّ اسباب الفساد والتي تنعكس بشكلٍ او بآخر على الموظّف العام "سياسي اداري تربوي اقتصادي". فاننا نستطيع القول انّ اهمّ آثار ظاهرة الفساد ونتائجها هي: 1. تدنّي مستوى الانتاج والاداء كمّاً وكيفاً ورفع كلفة تأدية الخدمات العامّة. 2. تراكم الثروة الوطنيّة لدى أقلية بحيث تتشكّل طبقتان في المجتمع وتموت الطبقة الوسطى حاملة التنمية. 3. انهيار اقتصادي واجتماعي نتيجة لخسائر كثيرة التي يحدثها الفساد. 4. يفرز الفساد اتحاداً لاأخلاقياً مابين القوى الفاسدة في السلطة وحيتان المال لحماية مصالح كلاّ منهما ويسدّ الطريق أمام القوى النظيفة الراغبة بالاصلاح والتغيير والتطوير "أمثال ذلك عرقلة بعض المراسيم التي اصدرها القائد بشّار الاسد ومنعها من ان تحقّق اهدافها". 5. أتاحت تغيّرات القانون رقم /10/ لعدد من ضعاف النفوس لتحقيق ثراء غير مشروع على حساب الشعب والأمّة، برزت مجموعة من حيتان جامعيّ الأموال التي سرقت شقاء عمر الكثيرين. 6. هجرة الكفاءات والخبرات والمؤهلات للعمل في الشركات الخاصّة او البلاد الغنيّة المجاورة. 7. تبديد اموال الدولة. 8. عدم الاقبال على التعليم والدراسة العالية لكون الاحترام والقبول الاجتماعي لمن يملك الثروة. 9. ظواهر خلل وانحراف مرافقة لظاهرة الفساد والرشوة. 10. عدم تقدير الرأي العام للأجهزة المختلفة في الدولة وفقدان التعاون والثقة بين الدولة ومواطنيها. وفي كلّ الأحوال ان هذه الآثار الهدّامة قد تؤدّي الى تعطيل حركة النموّ الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي وبالتالي تؤدّي الى التخلّف وربّما المجاعة وأشياء أخرى. سادساً- الحلول المقترحة لمعالجة ظاهرة الفساد " تعدّ ظاهرة الفساد من أهمّ معوقات التنمية لأنّها تتعلّق بالعنصر البشري الذي هو بحقّ الدعامة الاولى في نجاح التنمية. وان ايّة محاولة للإصلاح ينبغي عليها ان تركّز على اسباب ظاهرة الفساد وعلى القضاء على آثارها الهدّامة ونستطيع ان نقول بأن علاج هذه الظاهرة يتمّ عبر تنفيذ عدد من الاجراءات أهمّها مايلي: 1. تحديد اختصاص كل ادارة وكل وزارة بشكل علمي ودقيق وتنسيق الاختصاصات فيما بينها بحيث تكون واضحة للمواطنين وكذلك تحديد اختصاصات كلّ موظّف بشكل دقيق وواضح وتحميل الموظّف المسؤوليّة عن كلّ تقصير. 2. اعادة النظر بأساليب تأمين المشتريات للدولة والاهتمام بطرائق العمل وأساليبه وعدم الاسراف في الوقت والنفقات واستخدام السيّارات العامّة في غير دواعي العمل. 3. البحث عن الكفاءات وعن أصحاب الضمائر الحيّة واسناد المهام اليهم لاأن نبحث عن منصب مناسب لقريب او صديق. 4. تطوير انظمة الرقابة على نحو يجعل هدفها الأساسي اجراء تقييم موضوعي لمستويات الاداء واتّخاذ هذا التقييم أداة لتشجيع المبادأة وتنشيط الحوافز ورفع الكفاية الانتاجيّة للعاملين( ). 5. اعادة النظر بسياسات التعيين في الوظائف بكلّ مستوياتها لتكون على اساس الكفاءة والخبرة والمعرفة لاعلى اساس الواسطة والمحسوبيّة والقرابة وان تكون البعثات والدورات الاطّلاعيّة لمستحقّيها بحيث تنعكس الدورات والمهمّات على الوظيفة والعمل العام وليس للأقرباء والأصدقاء والأبناء الذين يعتبرون مهمّتهم الخارجيّة مجرّد نزهة وسياحة وتجارة. 6. محاسبة المقصّرين والمرتشين الذين يستغلّون الوظيفة العامّة لمصالحهم الشخصيّة وان يكون هذا الحساب عاماً لاانتقائياً يطول البعض ويفلت منه الآخر. 7. اشباع الرغبات والحاجات المختلفة للأفراد العاملين عن طريق زيادة اجورهم بشكل دائم على نحو يتناسب وتكاليف المعيشة وتوفير مستوى حياة كريمة لائقة. 8. اعتماد الشفافية وخاصّة الماليّة بوصفها احدى الشروط الرئيسيّة لتحقيق التنمية من ناحية، وبوصفعا احدى اهمّ وسائل مكافحة الفساد من ناحية اخرى. 9. اعطاء الدور لوسائل الاعلام كافّة للقيام بمسؤولياتها لتساهم مجتمعة في تغيير اتّجاهات الرأي العام وتكشف الفاسدين وتعرّي صور ومظاهر الفساد. 10. اعادة النظر بعمل السلطة القضائيّة بحيث لاتضمّ بين صفوفها متورّطين في قضايا الفساد وبحيث يتمّ البت سريعاً في مختلف القضايا لاأن تدوّر القضايا من عام الى عام وتبقى القضيّة أحياناً عشر سنوات لحسمها!. 11. تعزيز ثقافة الانتماء للوطن والالتزام بالقضايا الوطنيّة ورفع شعار اعمل بصدق حتى يبقى الوطن في المستقبل وتأجيج الشعور الوطني واثارة الحماس والغيريّة والتضحية في اوساط الناس وهذا بلا شكّ يقلل مساحة الفساد ويقلّل عدد مرتكبيه وأنصاره. الخاتمة وهكذا يبدو لنا انّ الفساد من أشدّ الأمراض والظواهر فتكاً في المجتمع وأنّه ظاهرة مركبّة معقدّة تساهم فيها عدّة أسباب، وعليه يجب أن تكون المعالجة شاملة تأخذ بالحسبان العوامل الاقتصاديّة والسياسيّة والاداريّة والتنمويّة. ومن أجل تصفية آثار الفساد المدمّرة نحتاج الى استراتيجيّة تتطلّب ثلاث روافع هي( ): 1. رشاد الحكم ونزاهته والحكمة في استثمار الموارد وحسن اختيار السياسات. 2. الشفافيّة في عمل الدولة ومؤسّساتها. 3. المساءلة القانونيّة والمحاسبة الصارمة للقائمين على جميع الادارات. وذلك يستوجب بالضرورة سلطة وسطوة القانون وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص الذي يسهم في اعلاء القيم المثلى في المجتمع وكذلك توصيف الوظائف الاداريّة وتثقيف الجمهور وتوعيته واطلاعه على الأنظمة والقوانين وتفعيل دور الصحافة واصلاح النظام القضائي والمالي والضريبي والتعليمي وبذلك نضمن انحسار مساحة الفساد واختفائه بشكلٍ تدريجيّ.
التاريخ - 2015-01-31 6:44 PM المشاهدات 817

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا