فاتورة ضخمة من القطع الاجنبي تدفعها الخزينة السورية شهريا لتسديد قيم مستوردات المواد التي تحتاجها البلاد ما جعل الحاجة ملحة لوسيلة تخفف من ضغط الطلب على القطع الأجنبي وفي نفس الوقت توفر الحمائية التي يحتاجها القطاع الإنتاجي السوري (صناعي كان ام زراعي) حتى يتمكن من الوقوف على قدميه مجددا حتى يشتد عوده ويعود قادرا على المنافسة بالشكل السابق، ناهيك عن بطالة الاف الايدي العاملة في سورية وما يستوجب نتيجة لذلك من تخفيف معدلات البطالة وتأمين فرص العمل لها.ومع بدء دخول سورية مرحلة التعافي الاقتصادي فقد تركزت جهود الحكومة على أولوية دعم العملية الانتاجية وتامين متطلبات الانطلاق في الميدانين الاساسيين للعمل (الزراعة والصناعة) من خلال تطبيق حزمة من السياسات والبرامج الداعمة للتوسع في الانتاج والتشغيل بالتوازي مع تعزيز دور القطاع الخاص، فكان برنامج "إحلال صناعة بدائل المستوردات" أداة تعول عليها الحكومة لتخفيف فاتورة الاستيراد للسلع التي يمكن إنتاجها محليا ووقف استنزاف القطع الأجنبي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من المواد إضافة إلى استعادة جبهات العمل السابقة لامتصاص أكبر قدر ممكن من العمالة وتحقيق النمو الاقتصادي بأقصى درجة ممكنة بالتكامل والاعتماد بشكل رئس على القطاع الخاص الذي يعتبره البرنامج حجر زاوية في نجاحه.وقد استندت الحكومة السورية في إعداد برنامج "إحلال صناعة بدائل المستوردات" الى مجموعة من الاعتبارات الاقتصادية ولا سيما استخدام الموارد وفقا للاعتبارات الاقتصادية وبكفاءة مرتفعة مع مراعاة الميزة النسبية للاقتصاد السوري وبالتالي عدم التوجه نحو انتاج سلع لا يمكنها المنافسة مع الاخذ بعين الاعتبار ان اية اجراءات حمائية يجب ان تكون لفترة محددة زمنيا كما يجب في الوقت نفسه الا تؤدي هذه السياسة الى زيادة المستوردات بشكل كبير بدلا من انخفاضها بالإضافة الى التركيز على قضايا الجودة في الانتاج والتوجه نحو الصناعات التي تشكل حوامل للنمو من التي تحمل قيمة مضافة مرتفعة، الامر الذي ادى بشكل حتمي الى بناء برنامج متكامل لإحلال بدائل المستوردات يتم تنفيذه عبر القطاع الخاص بشكل كامل.ووفقا لما ورد في البرنامج فقد تم تحديد محورين رئيسيين للعمل حتى يكون التنفيذ محكما يتلافى الثغرات التي وقعت فيها بعض الاقتصاديات خلال تنفيذها لتجاري مشابهة، حيث يقوم المحور الاول بشكل رئيسي على اختيار مجموعة من الصناعات المستهدفة بالإحلال وذلك على شكل سلع محد\ة (تصل الى 40 سلعة بشكل مبدئي) استنادا الى وزنها النسبي في المستوردات بالإضافة الى اختيار عدد من القطاعات المستهدفة بالإحلال والتي تضم عشرات السلع بالشك الذي ينسجم مع التوجهات التنموية القطاعية للحكومة ولقطاعات رائدة تمتلك مقومات النمو والتطور نتيجة توافر المواد الاولية اللازمة لها مع الاخذ بعين الاعتبار ان القائمة الموضوعة غير نهائية ويتم توسيعها بناء على مقتضيات العمل.اما ثاني المحاور فيقوم على دراسة كل سلعة أو قطاع بشكل منفصل عن البقية لناحية واقع إنتاج هذه السلعة والمعامل التي تقوم بإنتاجها سواء العاملة منها أو المتوقفة وكذلك أماكن تواجدها وطاقتها الإنتاجية وحجم الاحتياجات وإمكانيات المنافسة والمشكلات والصعوبات التي تواجه إنتاج السلعة، وتأسيسا على كل ذلك يتم تحديد أولويات التدخل على مستوى كل سلعة بالتوازي مع تصميم السياسات الحمائية والاجراءات الضرورية لها، وبالشكل الذي يتفق مع احتياجاتها الفعلية المبنية على تقييم دقيق للواقع، مع الأخذ بعين الاعتبار ان هذه التدخلات لا تشمل منح أي دعم نقدي مباشر وغنما من خلال تقديم تسهيلات إجرائية وإدارية ودعم أسعار الفائدة وتخصيص الأراضي اللازمة لها في المدن الصناعية.تشعب مهام برنامج إحلال بدائل المستوردات" وكثافة تفاصيله أوجبت تكليف وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بمتابعة تنفيذه بالتنسيق مع من يلزم من الجهات ذات الشأن لكون عمل هذه الوزارة وثيق الصلة بعمل كل جهات القطاعين العام والخاص، وعليه فقد تم البد بدراسة وتقييم احتياجات مجموعة من السلع والقطاعات من خلال فريق العمل الذي يشارك الوزارة هذا الملف والذي يضم ممثلين عن وزارة المالية والصناعة وهيئة التخطيط والتعاون الدولي اضافة الى اتحاد غرف الصناعة الى جانب مشاركة الوزارات المعنية الأخرى أينما دعت الحاجة لذلك، اما بالنسبة لعملية الدراسة نفسها فقد تضمن البرنامج أن دراسة سلعة ما لا يعني حكما ضرورة دخولها في البرنامج، لجهة إمكانية ان تكون النتيجة عدم صلاحية المادة لدخول البرنامج تبعا لاعتبارات معينة، متضمنا مثالا دقيقا عن الحبيبات البلاستيكية التي جرت دراستها وبعمق فكانت النتيجة استبعادها وعدم اعتمادها كإحدى صناعات بدائل المستوردات في الوقت الراهن نظرا لاعتماد انتاج هذه المادة بشكل مكثف على النفط والغاز.وعلى صعيد الإجراءات التنفيذية لإطلاق البرنامج فقد تم تقسيم العمل على مستويات ثلاثة اولها مستوى السلع حيث تم بالفعل الانتهاء من دراسة صناعات الخميرة والورق والإطارات والنشاء والقطر الصناعي والزيوت والحبيبات البلاستيكية والحليب المجفف مع تحديد السياسات والاجراءات اللازمة للنهوض بهذه الصناعات من سياسات جمركية والتشاركية مع القطاع الخاص وتامين الاراضي اللازمة لإقامة المشاريع وتوفير البنى التحتية اللازمة لهذه المشايع وتم كذلك اقرار صناعات الخميرة والورق والاطارات في مجلس الوزراء كما تتم اقرار صناعات النشاء والقطر الصناعي في اللجنة الاقتصادية الحكومية واحالتها الى الوزارات المعنية بالتنفيذ.اما على مستوى القطاعات (وهو ثاني مستويات العمل) فقد تم الانتهاء من دراسة وتقييم احتياجات كل من قطاع الصناعات النسيجية وقطاع الادوية النوعية واللذان يضمان عشرات السلع وتم كذلك اقرار السياسات والاجراءات المقترحة للنهوض بهذين القطاعين في اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء واحالتها الى الجهات المعنية بالتنفيذ.ثالث مستويات العمل كان على مستوى الربط بين برنامج "احلال بدائل المستوردات" والبرامج الاخرى التي تنفذها وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ولا سيما برنامج تحفيز القطاع الخاص، وقد تم في هذا الاطار دراسة كل من قطعي الدواجن والري الحديث نظرا لأولوية القطاع للزراعي على مستوى الاقتصاد الكلي، كما تم اقتراح مجموعة كبيرة من البرامج اللازمة للنهوض بهذين القطاعين كما تم عرض برنامج الري الحديث في اجتماع اللجنة العليا الخاصة به اما بالنسبة لقطاع الدواجن فقد تم اقرار المقترحات الخاصة به في اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء وتم احالتها للجهات المعنية بالتنفيذ.برنامج "إحلال بدائل المستوردات" تضمن العديد من الايضاحات والشروحات الخاصة بمدى التنفيذ واوقاته لجهة تحقق نتائجه على المديين المتوسط والبعيد على اعتبار ان هذا النوع من البرامج الذي يستهدف التأثير في القطاع الصناعي يحتاج الى وقت لا يمن تلمس نتائجه بشكل مباشر اذ ان تأسيس منشاة لصناعة النشاء يحتاج الى 24 شهرا وبالتالي فالمهم هو توفير الحافز لرجال الاعمال والمستثمرين للبدء بالاستثمار وتنفيذ هذه المشاريع.وعما تحقق من نتائج خاصة بالمواد والسلع المحددة بالبرنامج فقد تم وضع الية دعم صناعة النشاء والقطر الصناعي الى جانب برنامج دعم صناعة الورق، لجهة دعم اسعار الفائدة لصناعة النشاء والقطر الصناعي بمقدار 7% من الفائدة التي يحددها المصرف لقروض انشاء المعمل وشراء الآلات وتمويل راس المال العامل دون ان يتضمن القرض شراء الارض اللازمة لإقامة المعمل، وذلك وصولا الى تشجيع اقامة معامل لإنتاج النشاء تستخدم التقنيات الحديثة في العمل نظرا لحاجة البلاد لهذه المادة الاساسية التي تدخل في توليفة متنوعة من الصناعات الغذائية، محددة نطاق الاستهداف بكافة المدن والمناطق الصناعية، وذلك ضمن شروط أكثر تيسيرا من الشروط المعتادة في مثل هذه الحالات وذلك تحفيزا لهذه الصناعة لجهة الحصول على قرار تخصيص في المدن او المناطق الصناعية لإقامة المنشاة الى جانب الحصول على قرار الترخيص الاداري والصناعي، وبالنسبة للطاقة الانتاجية فقد حددتها الالية بمقدار 15 الف طن سنويا كحد ادنى مع وجوب تنفيذ 25% من المشروع وذلك بالنسبة للمعامل الجديدة، شرط الالتزام بتسديد القرض والفوائد المترتبة عليه على ان لا تتجاوز مدة تنفيذ المنشاة والبدء بالإنتاج سنتين اثنتين من تاريخ الحصول على قرار الترخيص الصناعي.وضمن ذات الاطار تم تحديد خطوات برنامج دعم صناعة الورق لتشجيع اقامة معامل الورق غير المصنع محليا (الدوبلكس) وذلك بهدف اقامة او التوسع في صناعة الورق لإنتاج مجموعة من انواع الورق تلبية لاحتياجات السوق المحلية من هذه المادة مع اعتبار صناعة كل هذه الاصناف من الورق قطاعا مستهدفا بالدعم والتنمية في كامل البلاد، مع تحديد شكل الدعم المقرر بدعم اسعار الفائدة بمقدار 7% من الفائدة التي يحددها المصرف لقروض الانشاء او شراء الآلات على الا يتضمن القرض غايات شراء الارض اللازمة للمنشاة، بالتوازي مع تنفيذ 25% من المشروع بالنسبة للمشاريع الجديدة مع وجوب ان يكون المعمل قائما ويعمل لإضافة الخطوط الجديدة.
التاريخ - 2019-09-15 11:36 AM المشاهدات 936
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا