شبكة سورية الحدث


الاتحادات والنقابات: العمال غير راضين عن أداء نقاباتهم .. فهل حان وقت الإنعاش؟

الاتحادات والنقابات: العمال غير راضين عن أداء نقاباتهم .. فهل حان وقت الإنعاش؟

سورية الحدث 

يتعرض الاتحاد العام لنقابات العمال لسيل من الانتقادات بسبب تراجع قوة ضغطه على الجهات الحكومية لتحقيق المكاسب الاجتماعية والاقتصادية للشرائح التي يمثلها، خاصة خلال سنوات الحرب وما رافقها من فجوة كبيرة بين الأسعار والأجور.هذا الاتحاد الذي أسس عام 1937، وصل عدد المنتسبين إليه قبل الأزمة إلى نحو مليون و200 ألف عامل، لكن عددهم انخفض اليوم إلى ما يقارب 950 ألفاً فقط، لكن أغلبية المنتسبين إلى هذا التنظيم يرون تراجع دوره ولاسيما لجهة الاقتطاعات الشهرية من أجور العمال التي تذهب لمصلحة الاتحاد، وليتمتع النقابيون بالميزات والمكاسب ..
في المقابل ترفض القيادات النقابية هذه الانتقادات جملة وتفصيلاً، مؤكدة أن الاتحاد لايزال حاضراً بقوة ويؤدي دوره على أكمل وجه على المستوى الوطني والطبقي، فليس هناك أي محاباة ولكن الحرب الإرهابية وما فرضته من حصار اقتصادي وما رافق ذلك من ضعف في الموارد الاقتصادية يفرض واقعاً لا يمكننا تجاهله.

اسأل من كان بها خبيراً
لمى علي وهي موظفة في إحدى المؤسسات الحكومية تعرضت للفصل التعسفي من عملها فلجأت إلى الاتحاد العام لنقابات العمال لعله يرد عنها الظلم ويعيدها إلى عملها، لكنها وجدت نفسها وحيدة تواجه مصيرها.
وفي روايتها تقول: نقابات العمال وجدت لتدافع عن حقوق العمال وهناك قيادات نقابية، على قلتهم، يقومون بدورهم لكن الأغلبية تلهث خلف الامتيازات والمصالح الشخصية من خلال الحصول على تعويضات وحضور ولائم ومهمات سفر خارجية، غير مكترثين بما يعانيه العمال من مشكلات يوميه مع إداراتهم، لذلك عندما يتعرض العامل لظلم فالنقابات تقف إلى جانب الإدارة وليس إلى جانب العامل المستضعف رغم قناعتهم بأن العامل مظلوم.
وتابعت: عندما كنت مسؤولة نقابية وأدافع عن العمال حصّلت لهم حقوقهم من خلال اعتصامات قمنا بها، لكن الإدارة قررت التخلص مني حتى لا أكشف فسادهم وقامت بفصلي رغم أني نقابية مسؤولة وأملك حصانة ولكن الاتحاد ممثلاً بأعلى الهرم التزم الصمت.
أما منذر محمد فيرى أن بعض النقابيين ممن وصلوا إلى مواقع قيادية في المنظمة النقابية لا يمتلكون أي خبرة في العمل النقابي، فالعمل النقابي عمل خدمي بالدرجة الأولى ويحتاج متابعة لكل القرارات والإجراءات والقوانين الصادرة عن السلطة التنفيذية وهذا يحتاج خبرة، مضيفاً: لم أسمع بعامل لجأ إلى نقابته وأنصفته وخاصة في القطاع الخاص الذي يتعرض فيه العمال لأقسى الظروف في بيئة العمل وتحكم مزاجية أرباب العمل بمصائرهم بفصلهم متى يشاؤون، متسائلاً: في حال تم حرمان النقابات من الامتيازات التي تتمتع بها هل نجد من يترشح إليها؟
صناديق!
السؤال الأبرز الذي يوجهه العمال لنقاباتهم مفاده: لماذا يحسم من أجرنا ما يقارب 900 ليرة لصالح صناديقكم على ثلاثة حسميات متساوية فأين تذهب هذه الاشتراكات؟
ليرد عليه النقابي: هذه الصناديق من العمال ولصالح العمال وما يحسم عنك من اشتراك يصب في ثلاثة صناديق وهي صندوق نقابة وصندوق مساعدة اجتماعية وصندوق تكافل مركزي.
والاشتراكات توزع كالتالي: /300 / ليرة لصندوق النقابة،/300/ ليرة لصندوق المساعدة الاجتماعية، /300/ ليرة لصندوق التكافل المركزي، وتابع: ثم يعاد توزيع المبالغ بعد وصولها لصندوق النقابة لتذهب من مبلغ صندوق النقابة نسب على التالي: 20% للاتحاد العام لنقابات العمال 10% اتحاد عمال المحافظة 10% الاتحاد المهني للنقابة 20% صندوق المساعدة الاجتماعية 10% صندوق التكافل المركزي أي 900 ليرة تذهب بالشكل التالي: 360 ليرة لصندوق المساعدة الاجتماعية وهذا الصندوق يمنح العامل إعانات صحية (ولادة- زواج- عمل جراحي- تحاليل مخبرية- صور شعاعية وغيرها) من إعانات حسب نظام الصندوق وإعانة نهاية خدمة عند التقاعد حسب شرائح يحددها نظام الصندوق.
330 ليرة تذهب لصندوق التكافل المركزي وهو يقدم إعانة نهاية خدمة وفق شرائح أيضاً 60 ليرة تذهب للاتحاد العام لنقابات العمال، مشيراً إلى ما يقدمه الاتحاد من خدمات إن كان من إعانات لأسر الشهداء أو تركيب أطراف صناعية للمصابين من الطبقة العاملة وغيرها الكثير من خدمات تقدمها المشاريع الصحية العمالية وغيرها من مشاريع تقام خدمة للعمال.
30 ليرة للاتحاد المهني للنقابة وهو صاحب دور كبير في إيصال مطالب العمال للجهات المعنية
30 ليرة لاتحاد عمال المحافظة وهو من يرعى ويتابع مطالب العمال عن طريق النقابات ويحل المشكلات إن وجدت بالتعاون مع الاتحاد العام وبتوجيه منه.
يتبقى مبلغ 90 ليرة لصندوق النقابة يحق له التصرف والصرف ضمن مبلغ هذه النسبة المسموحة له أي 30% مما وصل إليه من إيرادات على ألا يتجاوزها، وما يحققه من وفر يذهب نصفه لصندوق اسمه صندوق النشاطات والخدمات الصحية والاستثمارية في المحافظة يعنى بدعم المشاريع الصحية العمالية في المحافظة والتي تخدم كافة عمال المحافظة، وبقية الوفر يستثمر بودائع تعود بالفائدة على كافة الصناديق.
وشدد أن الاتحاد حريص على استثمار الأموال النقابية في كل ما يصب في مصلحة العامل.
تنظيم غير فعال
الخبير الإداري عبد الرحمن تيشوري يرى أن المتتبع لواقع الحركة النقابية يدرك أنه يدار بطريقة مركزية مبرمجة مخططة مسبقاً، بتدخل من بعض الجهات في تعيين القيادات النقابية، ما أدى إلى ارتفاع منسوب الفساد كما أن القيادات النقابية التزمت الصمت بشأن كثير من القضايا الحساسة والمصيرية التي شهدتها البلاد وخاصة تردي الوضع المعيشي وتدهور قيمة العملة الوطنية.
مؤكداً أن النقابات جزء من عملية الإصلاح الوطني وخاصة الإداري والاقتصادي، ومطلوب منها أن تتوافق مع كل الآراء التي تطرح منذ سنوات، وخاصة تلك المتعلقة بالمطالبة بالإصلاح داخل النقابات انسجاماً مع التطورات الكبرى التي طرأت على بنية الهيئات العامة وإعدادها، وما يعنيه هذا من مشاركة قليلة في اجتماعات مجالس اتحاد العمال والانتخابات بسبب تزايد الأعداد والطبيعة البشرية في العزوف عن الواجبات.
أين النقابات؟
وتساءل تيشوري: أين كانت النقابات والأجهزة الرقابية لمنع الفساد في مصفاة حمص، وكشف سرقة المليارات في وزارة التربية؟
واقترح تحرير النقابات من الوصاية ومحاكاة عمل النقابات في العالم وإدخال الحرفية والمهنية والتأهيل العالي إلى هذه النقابات أو تدريب النقابيين بشكل مختلف في معاهد الإعداد النقابية وفق الاتجاهات الحديثة في الموارد البشرية. ورأى ضرورة أن تبادر النقابات المهنية وغير المهنية إلى تشكيل لجنة ذاتية لمراجعة واقعها التشريعي من دون تدخل أحد وأن يكون الإصلاح بمبادرة ذاتية واستجابة أيضاً لدعوات من أبناء النقابات تصدر منذ سنوات.
بين اليوم والأمس
يقارن الدكتور سنان علي ديب الخبير الاقتصادي بين الدور الذي لعبته النقابات العمالية في السابق في بناء سورية، وما وصلت إليه اليوم حيث كان لمنظمات العمال واتحاد الفلاحين والحرفيين وحتى الاتحاد النسائي قبل أن يلغى ومنظمات الطلائع والشبيبة والاتحادات دور وطني في بناء الإنسان وتثقيفه.
وأضاف أن اتحاد العمال والفلاحين كان قد ساهم في تأمين كل متطلبات المنضوين ضمن الاتحاد سواء مالية أو نفسية وصحية وهو ما انعكس على الانتاج وتالياً أدى لتحقيق معدلات تنموية كبيرة على مختلف الصعد ولكن التفريغ المنظم لدورها وكبح أدوارها أديا لفقدان ثقة المنتسبين لها والنظر لها كأماكن لإرضاء البعض ومحاباتهم.
أسئلة مشروعة
وطرح الدكتور ديب جملة من الأسئلة بشأن الدور الذي قدمه اتحاد الفلاحين خلال الأزمة ولاسيما لجهة تأمين مستلزمات الإنتاج أسوة بما كان يفعله وهل استطاع مواجهة حيتان السوق ممن يتحكمون بالأسعار أو تقويض ربح السماسرة على حساب المنتجين؟
وهل يقف اتحاد العمال لصالح العامل المظلوم أم هو أداة بيد رب العمل بالقطاعين العام والخاص؟ وهل مازال دور منظمات الطلائع والشبيبة والطلبة في ضبط وتربية النشء؟
وأشار إلى أن نقابة الأطباء تدافع عن منتسبيها ولو على باطل وكذلك غيرها من النقابات التي تحاول زيادة الرسوم والأجور لزيادة المداخيل برغم أن إمكانات العامة لا تسمح وكذلك كانت هناك سلبية في الدفاع عن القطاع العام للأغلبية، والتعامي عن قرارات تسيء لمن يجب الدفاع عنهم. كما حدث بتمرير قوانين للعمل ضد مصالح العمال.
تهم باطلة
يرفض جمال القادري رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال الاتهامات الموجهة ضد الاتحاد والقيادات النقابية بتراجع دورها في الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة مقابل التمسك بمكاسب شخصية لافتاً إلى أنه لا يزال للاتحاد دور مهم وحيوي.
فعلى المستوى الوطني قال: إن العمال أثبتوا خلال الأزمة بأنهم جيش رديف للجيش العربي السوري من خلال إصرارهم على التوجه لمعاملهم لمواصلة الإنتاج وتوفير أسباب الصمود في خضم الحرب الإرهابية وما فرضته من ظروف الحصار الاقتصادي الهادف لتجويع الشعب.
وأضاف: الاتحاد لعب دوراً سياسياً وطنياً من خلال علاقاته العربية الواسعة ومشاركته في كل المؤتمرات النقابية على مستوى عربي وإقليمي وعالمي وتسخيرها لتوضيح الصورة الحقيقية للحرب الإرهابية المفروضة علينا بتآمر من العديد من الدول على عكس ما يروج في الإعلام المضلل، منوها بعقد ثلاثة ملتقيات نقابية دولية على أرض دمشق شاركت فيها مئات المنظمات النقابية والإعلامية والفكرية تم خلالها نقل الصورة الحقيقية للعدوان الذي نواجهه بدعم من القوى العالمية وهذه الملتقيات أسهمت باستدارة في الرأي العام العالمي وكان لها صدى إعلامي.
أما على المستوى الطبقي فأشار القادري إلى أن الاتحاد تابع مشكلات الطبقة العاملة التي نشأت على خلفية الأزمة وساهم في حل الكثير منها وخاصة المتعلقة بانقطاع عشرات الآلاف عن مواصلة الذهاب لأماكن عملهم بسبب سيطرة المجموعات الإرهابية في هذه المناطق بهدف الحفاظ على مصدر رزقهم، ويساهم بتقديم مساعدات عينية مع كل مطلع عام دراسي وذلك بتقديم نحو /15/ ألف حقيبة مدرسية مع كل مستلزماتها لأبناء العمال الأشد فقراً.
وأردف أنه مع تزايد عدد الشهداء والجرحى من أبناء الطبقة العاملة تم إحداث صندوق التكافل المركزي لمصلحة أسر الشهداء والجرحى والطبقة العاملة الذي يقدم إعانات شبه مستدامة بشكل ربعي، وأنه من خلال صناديق المساعدة الاجتماعية وصناديق التكافل المركزي في المحافظات يتم تقديم المساعدات الاجتماعية، إذ وصلت في العام /2019/ إجمالي قيمة المساعدات /5/ مليارات ليرة سورية، مؤكداً أن الاتحاد لا يتلقى دعماً من أي جهة.
وبيّن أن الاتحاد ومن خلال ممثليه في مجلس الشعب استطاع منع صدور العديد من القوانين التي تؤثر في حقوق الطبقة العاملة ومكتسباتها.
على وقع الحرب
وعلى وقع الحرب تمكن الاتحاد بالتنسيق مع الحكومة من تحويل عقود 8000 عامل مياوم من أصل /13/ ألفاً إلى عقود سنوية يستفيد أصحابها من كل الميزات التي يتمتع بها العمال المثبتون، وبأن الـ 5000 منهم المتبقين ستكون لهم الأولوية في المسابقة التي أعلنت عنها وزارة الصناعة وبذلك يتم إقفال ملف العمال المياومين في سورية.
وأوضح أنه تم إنجاز الصك التشريعي اللازم لتثبيت العمال المتعاقدين سنوياً وهم حوالي /50/ ألف عامل سيستفيدون من هذا التشريع الذي ننتظر صدوره، واللجنة الاقتصادية وافقت على رفع قيمة الوجبة الغذائية من 30 ليرة إلى 300 وحالياً تتابع في مجلس الوزراء بانتظار تأمين الموارد.
وشدد القادري على أن الأزمة فرضت واقعاً اقتصادياً معيناً ولم تعد الموارد متوافرة لدى الحكومة كما في السابق، لذلك نحن نأخذ هذا الواقع في الحسبان عندما يكون الرفض لأي مطلب عمالي موضوعياً أما عندما يكون لأسباب مزاجية فنحن نرفع الصوت عالياً بالمطالبة بحقوق العمال وليس هناك أي محاباة للحكومة كما يعتقد البعض.
وعن غياب دور الاتحاد العمالي كرقيب في كشف الفساد وتورط بعض الإدارات بسرقة الأموال العامة قال: العديد من قضايا الفساد التي انتشرت في وسائل الإعلام أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي كان للاتحاد الدور الأكبر في كشفها وتوثيقها ورفعها إلى مراجعها المختصة، مضيفاً: همنا ليس الاستعراض والظهور الإعلامي بل المساهمة في حماية المال العام، داعياً العمال إلى ممارسة حقهم الانتخابي في تعيين القيادات التي يرون أنها جديرة بتمثيلهم.
ردم الهوة
من الواضح أن هناك شرخاً كبيراً بين القيادات النقابية والطبقة العاملة ومن الضروري رأب هذا الصدع من خلال التواصل المستمر بين الطرفين والحديث بكل شفافية عن هواجسهم وتطلعاتهم، فنحن في أمس الحاجة إلى أن تكون هذه الطبقة متماسكة وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الخانقة التي فرضتها الحرب، وعلى هذه الطبقة يعول دفع عجلة الإنتاج والنهوض بمنشأتنا الاقتصادية ولن يتحقق ذلك إلا بشعور العامل بأن صوته مسموع، والظلم عنه مرفوع.تشرين 

التاريخ - 2020-02-03 9:07 AM المشاهدات 1427

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا