من ينقذ السعودية من نفسها؟.. بقلم: د. فائز الصايغ
تسعير واشنطن لسياسات الفوضى المستمرة والمخطط لها، قد لا تنجو منها دولة بما فيها السعودية الحليف الأبرز والأغنى والأجهل معاً. الحماقة السعودية تندرج في هذا الإطار، والهدف توريط الحلف وزجّه في معركة وأتـون أحقاد تعرف شرارتها الأولى، ولكن لا تعرف إلى أين تصل الأمور وفي أيّ وقتٍ تنطفئ. استنزاف السعودية لتدمير سورية وتدريب الأدوات والإنفاق عليها وتدمير مصر من قبل ومن بعد بغض النظر عن تبويس الشوارب ومعانقة "الخشم" وتدمير العراق وليبيا وغيرها من أساليب الاستنزاف، هي مقدمة للتوريط في عدوان عسكري يحمل في طياته أسوأ وأوخم العواقب على المنطقة عموماً ومنها السعودية، واليمن والفروق الحضارية شاسعة بين السعودية المولودة عقب الطفرة النفطية، وبين اليمن الراسخة جذور شعبها في الأرض حضارات، تراكمت فوق حضارات، ما شكل عقدة العقد للمسؤول السعودي المتخم بالنقص الذاتي وبالإضافات الأميركية الحديثة. الجاني الأساسي والمتورط في العقل اليوم يشكوان من عقدة النقص نفسها، ومن الحداثة في الحياة نفسها، وكلاهما بلا عمق ولا حضارة، تلتقي نواقصها لتتكاملا في الدوران والعنجهية والاعتداد بالتفوق الطارئ القابل للزوال عند أي منعطف أو استحقاق تاريخي عنيف ربما يكون العدوان من ملامحه. ألقت السعودية بنفسها في الهاوية عندما قرر المنسحبون من مسؤوليها القدامى والجدد، والجديد فيهم عتيق "مهرهر" افتعال معركة على اليمن في همروجة عسكرية وطريقة أميركية في زج القوة أو قوة الزج ولكن عن بعد، واستخدام تكنولوجيا "سخرها الله" لهم من دون أن يتعلموا تكنولوجيتها، أو يسهموا فيها، فقد "سخر الله" الأميركي للقيام بكل ما يخدم بالوكالة والنيابة والتفكير.. والتقرير.. الأندبندنت البريطانية استخدمت التعبير نفسه، وأنا اقتبسته منها حين قالت: ألقت السعودية بنفسها في الهاوية بالهجوم على اليمن الذي يشكل ضربة قاصمة للمملكة وللشرق الأوسط برمته. روبرت مينسك يتساءل من اتخذ هذا القرار بضرب أكثر الدول العربية فقراً، وإن قيام أكثر من عشر دول بمهاجمة دولة عربية غارقة في الحضارة وفي الفقر فكرة غير مسبوقة في التاريخ العربي المعاصر. يديعوت أحرونوت الصهيونية قالت: إن حرب السعودية ضد الحوثيين حرب تخدم مصالح إسرائيل الحيوية وتشكل فرصة ثمينة لجني ثمار إستراتيجية تخدم الأمن والاستقرار الإسرائيلي. وفي مكان آخر تقول الصحيفة: إن إسرائيل يؤرقها الدور السعودي العسكري في اليمن، وهي تقف في الجانب نفسه مع الدول "المعتدلة" مثل السعودية والذي لاشك فيه أن غطرسة الرياض ناجمة عن أمرين: الأول المعاناة جراء السياسات الخاطئة والمتوترة والتي تحمل الكثير من الارتجال الشخصي غير المدروس والشعور بالهزيمة في أغلب المعارك التي خاضتها بالمال والتجسس، سواء في العراق أم في سورية أم في أماكن أخرى من العالم، بما في ذلك باكستان. والأمر الثاني هو شعور السعودية أن الاتفاق 5 + 1 مع إيران أصبح قاب قوس واحد أو أدنى من الإعلان النهائي. ومن الأمر الثاني تتضح مقولة إن الولايات المتحدة الأميركية ورطت السعودية في اليمن أو في الهاوية على حد تعبير الأندبندنت البريطانية، بحيث تتورط السعودية في حربها المفتوحة على اليمن، ومن ثم تنكفئ على نفسها، ويتحجم دورها في إطار واحد، وهو قيادة تحالف طائفي وتنخر سمومه جسم العالم الإسلامي عموماً، وجسم الوطن العربي على وجه الخصوص. من ينقذ السعودية من نفسها..؟ هذا هو السؤال الأهم في هذه اللحظات التي يتسع فيها التدمير، ويكبر فيها التورط وتتسع فيها مساحات الدم اليمني، ولم تترك السعودية مجالاً لمن قد يسهم في إنقاذها من نفسها، فقد عادت أغلب الدول الشقيقة والصديقة، وسمّمت العلاقات بين الأشقاء، وأسهمت في تقسيم المقسم من الوطن العربي، وساعدها في ذلك أمين عام الجامعة العربية بالمال وبالمال فقط.
التاريخ - 2015-04-13 2:49 AM المشاهدات 642
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا