سورية الحدث - متابعة
العقوبات الجديدة على مصرف سورية المركزي لا تحمل جديداً، حتى وفق نص العقوبات ذاته، الذي يشير إلى أن المركزي مدرج عملياً ضمن العقوبات، وهو محظور من التعامل الدولي باعتباره واحدة من مؤسسات جهاز الدولة السوري، وأموال مصرف سورية المركزي مجمدة منذ بداية الأزمة في الدول التي يودع بها. ولكن الإشارة التي تحملها العقوبات الجديدة قد تستهدف بالدرجة الأولى المنظومة المصرفية الخاصة العاملة في السوق السورية، والتي ترتبط موضوعياً بالبنك المركزي: تضع جزءاً من احتياطياتها لديه، تستثمر في شهادات الإيداع وسندات الخزينة، وتدير التحويلات ومجمل عملياتها الخارجية ضمن رقابته موافقته وقوانينه وإلخ...
وبناء على هذا، ذهب بعض المحللين إلى الإيغال في الآثار المترتبة على العقوبات الجديدة، وصولاً إلى القول بخروج المصارف العاملة في سورية! ولكنّ محللين آخرين خففوا من الأمر، وأشاروا إلى أن العرف الأمريكي يقول بإنه لا يتم معاقبة البنوك الأم طالما أنها لا تمتلك أكثر من نصف الأسهم في فروعها السورية باعتبارها ليست صاحبة القرار الحاسم. ومجمل البنوك الأساسية التي تستثمر في فروعها السورية تمتلك أقل من نصف الأسهم وفق البيانات المعلنة ووفق القانون السوري، الذي لا يسمح للأجانب بتملك مثل هذه النسبة.
ولكن وجود مثل هذا العرف قد لا يعني حماية المصارف الخاصة من العقوبات، وسيعني حكماً: تشديد إجراءاتها الاحترازية، ويربط البعض بين مفاوضات بيع قرابة نصف أسهم بنك عودة سورية إلى بنك بيمو السعودي الفرنسي بتاريخ 24-12 كمؤشر على أثر هذه العقوبات.
الأهم، أن مصرف سورية المركزي لم تتقيد بعض عملياته رغم وجود العقوبات سابقاً، فمثلاً تمّ إصدار الورقة النقدية من فئة ألفين ليرة في ظل العقوبات وبالتعاون مع جهة خارجية للطباعة، وتمّ تمويل المستوردات لأهم قوى التجارة الخارجية السورية طوال سنوات الأزمة عبر المصرف المركزي، وبوساطة البنوك الخاصة وشركات الوساطة المالية... واستمرت عملية تمويل الحكومة السورية عبر الدَّين العام، كما أن المصرف كان يدير استلام الحوالات الخارجية عبر شركات الوساطة المالية، ويسمح لها بالاحتفاظ بجزء من القطع، ويشتري هو الجزء الأساسي أيضاً خلال فترة طويلة من الأزمة، وهي العملية التي توقفت تقريباً مع مطلع عام 2019 ليس بفعل العقوبات فقط... بل توقفت موضوعياً بفعل قوانين السوق عندما أصبح سعر الصرف الرسمي وسعر شراء المركزي أقل بكثير من سعر السوق، وأصبح من غير المنطقي استلام الحوالات عبر القنوات الرسمية، لأنه قد يعني خسارة تقارب 56% من قيمة الأموال المحوّلة! كما توقف تمويل المستوردات تقريباً، ليس بسبب العقوبات، بل بسبب إدارة مصادر القطع الأجنبي، وأصبح التمويل يعتمد على الدولارات التي يستطيع كبار التجار والمتعاقدين أن يجمعوها من السوق المشبعة بالدولار، الذي يعبر عبر القنوات المختلفة غير الرسمية.
قاسيون
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا