شبكة سورية الحدث


شكرية صلاح الدين أبو عاصي المغتربة الصامتة والبريق المعرفي التربوي

شكرية صلاح الدين أبو عاصي المغتربة الصامتة والبريق المعرفي التربوي


سورية الحدث الإخبارية- السويداء- معين حمد العماطوري
تعتبر الإرادة والتصميم إبداع في العمل بتجسيد ثقافة قيمته، وتجعل من تنوعه إظهار جمال غايته المثلى بربط العلاقة الإنسانية بالوجود الواقعي من ناحتين الاهتمام ببناء الشخصية والارتقاء بالمفهوم العلمي الإنساني الاجتماعي لما للأخير من تأثيراً على البنية التركيبية، وبالملاحظة للصفات المكتسبة من البيئات المتنوعة ثقافياً وتربوياً وتنظيمياً من حيث بناء التفاعل الزمني واحترام اللحظة الآنية لتقديم ما هو أفضل كل يوم فأن ذلك يتطلب من أي إنسان أحب الاغتراب أن يجعل من بيئته المجتمعية الفطرية صفة ثابتة في اكتساب صفات جديدة تنمي ما بداخله طاقات إبداعية ويفيض جمالها على أفراد المجتمع والزمن، وبالتالي الإصرار بتكوين المعارف والشخصية لتصبح عالمية...
ولعل ما قدمته المغتربة شكرية صلاح الدين أبو عاصي  في النمسا بعد مغادرتها جبل العرب الأشم بعيون دامعة وقلوب خاشعا وتوجس من بلاد لا تعرف ماهيتها وأبعادها النفسية والاجتماعية، ولكنها واثقة من إرادتها وقدرتها على التأقلم والتماهي مع طبيعة البلاد وفئاتها المجتمعية، لأنها على يقين قد حملت من بيئتها المحلية الجبلية /جبل العرب/ العلم والمعرفة والآداب الاجتماعية وربطت بينهم بخيط سري ليكون عنصراً هاماً في تكوين منظومة متكاملة من العادات والتقاليد والأعرف الأخلاقية، ليأتي الاغتراب والسفر من السويداء إلى النمسا، قيمة مضافة في الرؤية والإنجاز والتفاعل بحيث رانت على وجودها القيم الإنسانية والاجتماعية، واستطاعت أن تنهل من معين صلابة الحجارة البازلتية الإرادة والصمود والثبات لتتماهى مع ما خطه النسوة عبر التاريخ المعاصر بجهادهن وبطولتهن وآثرت تقديم جهادها بالفكر والتربية والتعليم، إذ ما أن حطت رحالها أرضي النمسا حتى شاركت من سبقها المعاناة، وانغمست في هموم الحياة تتصارع مع المفردات اللغوية الأجنبية لتتعلمها بأسرع وقت، وانخرطت بالمجتمع وخلقت علاقات اجتماعية متطورة معرفياً...وسارعت الحصول على شهادة سوق لتدخل سوق العمل بثقة واقتدار، مع أنها جديدة على طبيعة العالم الألماني الجديد، ولكنها وضعت نصب عينيها تعليم أطفالها وزرعت بهم القيم والمبادئ، ليس ذلك شأناً معرفياً في توطيد العلاقة المجتمعية بين فئات متنوعة ومتعددة فحسب، بل لعلها عملت على قيمة مضافة في تكوين الشخصية المعرفية بالاندماج السريع في التربية والتحصين العلمي بالحصول على الشهادات العلمية العليا في بلاد الاغتراب...
لعل ما قامت به المغتربة شكرية صلاح الدين أبو عاصي من لقاءات ومقابلات وممارسة في العمل اثبتت قدرتها على تطوير مفهوم العمل وقيمته، وأنجزت ما لم يستطع غيرها إنجازه بسنوات خلال أشهر قليلة، ولعمري تحسب لها رغم الضغوطات العائلية والتربية المنزلية، ولكنها آثرت على أن تحول فاعلة منخرطة بالمجتمع تثبت أن المرأة السورية الجبلية القادمة من جبل العرب هي واحدة من المبدعين المخلصين المصرين على نشر ثقافة الصدق والمصداقية في الإنجاز العملي، فحولت القول إلى الفعل، واتخذت من معين الفرص المتوفرة أسلوباً جديداً في تنمية الحياة اليومية المعيشية رابطة بين المفهوم اللغوي للبلاد أي للنمسا ولغتها الألمانية، وبين ما يربطها بخلود الحياة المستمرة في نسائم جبل العرب، معتبرة أن كل أطفال العالم هم واحد في الإنسانية والترابط العلمي والمنهجي التربوي، ولهذا تراه تفوقت على اقرانها وباتت المرأة السورية المبدعة والقادرة على حمل راية أمثال سعدى ملاعب وبستان شلغين وخولة أبو عاصي نازك العابد والعديد من النسوة اللواتي شكلن في جبهة التاريخ المعاصر علامة فارقة في الثقافة والتربية والموقف الوطني...
ولهذا نقول تحية للمغتربة المبدعة شكرية صلاح الدين أبو عاصي من سورية الأم ومن جبل العرب الأشم لتكوني واحدة من سنديات الجبل وأيقونة الحياة المتجددة علماً وأدبا ومعرفة وسفيرة لمنظومة أدبية وأخلاقية تميز بها أحفاد سلطان باشا الأطرش ورفاقه الثوار الأماجد عبر تاريخ سوريا المعاصر ليكونوا سفراء الموقف الثابت والانتماء الصادق للأرض والوطن والحياة.

التاريخ - 2021-05-29 8:48 PM المشاهدات 2394

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا