شبكة سورية الحدث


دكتوراه فخرية من العالم الافتراضي ودعمها بالنفاق الاجتماعي

دكتوراه فخرية من العالم الافتراضي ودعمها بالنفاق الاجتماعي


سورية الحدث الإخبارية- السويداء- معين حمد العماطوري   


يكثر اليوم الاستعراض الاجتماعي بطرق افتراضية وبلبوس علمي، بحيث تداخلت مجموعة من المهن العلمية والفكرية في سوق العمل غير منظم والمدروس بهدف تشويه المراتب العلمية والتحصيل الجامعي، ومنها الإعلام الذي بات كل من يملك موبايل حديث يحوي كميرا ذات دقة عالية يعتبر نفسه إعلامياً، يقوم بالتصوير وينشرها عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وبعد عدد معين من الإعجابات والتعليقات يعرف عليه مجتمعياً أنه إعلامي أو ناشط إعلامي، وهو لا يملك أي مقومات العلم الإعلامي ونظرياته الحديثة وأساليب كتابة الخبر وشروطه وأنواعه والتدخلات وتقنيات الحديثة في الصحافة الالكترونية، ظناً به أن كل ما ينشر كلاماً على الموقع الافتراضية تحت مسمى مقالاً....
ليعذرني العديد من الأخوة المندفعين نحو الإعلام وبدوري أشكر حماسهم توثيقي وتدوينهم للحظة وهم متحمسون ورائعون من حيث القيم الأخلاقية والاجتماعية، ولكن اعتراضي مهنياً أي أصول تدوين الخبر، إذ لا يمكن اعتماد أي معلومة منشورة على المواقع بالمصدر الرسمي، والمصدر رسمي يحمل المصداقية والمرجعية العلمية، ويبنى عليه أخبار في وسائل متنوعة كمصدر وخاصة أذا كان المصدر من جهة وثوقية مثل وكالة أنباء سانا مثلاً أو وكالة أنباء معتمدة، أو الجهة المصدرة الخبر مرخصة وذات مصداقية إعلامية، وهناك فروق بمعنى ليس بالضرورة أن تكون جميع الوسائل الإعلامية ذات مصداقية بمصادرها أو يؤخذ عنها الخبر، وقد تكون بمعظمها مشوهة للحقيقة ولها تبيعية تخريبية وما عشناه خلال سنوات العشر السابقة من إعلام تظليلي وتحريف في الوقائع والأحداث يجعلنا أمام مشهد إعلامي سيء ساهم في تخريب الوطن فكريا واجتماعيا وعمرانياً وتنموياً اقتصادياً...
ربما لم يقف الحد عند الإعلام وتشويه الحقائق وادعاء بعض مروجي النفاق الاجتماعي فحسب، بل تعدى ذلك نحو صناعة إعلامية مشوه يعملون على الكسب غير مشروع من وراء ذلك، هذا التشويه والتحريف والزيف جعل الإعلام يعيش في تخبط وبات الإعلامي المعتمد اصولاً ولديه من الخبرات العلمية والتاريخ الإعلامي يقبع في منزله ويظهر على الساحة مروجي صفحات الفيسبوك وما تحمله من ضعف المهنية العلمية، خاصة وهناك كلية في جامعة دمشق تسمى كلية الإعلام أي أنها تخرج شهادات علمية أكاديمية ومراتب علمية رفيعة لما تحمله من أبحاث ودراسات...
من جهة ثانية ظهرت أيضاً ظواهر سلبية أخرى هي تدخل في باب التحصيل الاجتماعي عندما يصبح شخص ما لا يحمل شهادة ابتدائية يلقب بالدكتور تحت ذريعة دكتوراه فخرية، ومتى تمنح الدكتوراه الفخرية اصلاً كدرجة علمية... فهي تمنح حينما يكون الرجل يحمل درجة ماجستير وله من المؤلفات ما يغني المحتوى العلمي بمؤلفاته ودراساته يمنح دكتوراه فخرية لتكون عربون وفاء له ولعلمه...أما أن يتم منح شهادات دكتوراه فخرية من جهات ما أتى بها من سلطان ولا تحمل المرجعية ولا الوثوقية فهذا عار وزيف ونفاق وكذب لا يحمد عقباه لمستقبل جيل تربى على الانتماء الوطني، وللعلم أن شهادة دكتوراه عليها ختم واقعي واحد بينما الشهادات الافتراضية تحمل العديد من الأختام معنى ذلك أنها بلا مصدر رسمي....وتفادياً لذلك وبعد تأكيد من الجامعة العربية ولحظها انتشار الدكتوراه الفخرية بين الأوساط الاجتماعية كالنار في الهشيم، فقد أصدر رئاسة مجلس الوزراء تعميماً برقم 1886/15 تاريخ 7/2/2011 وهو مؤكد على تعميم سابق ذو الرقم 4468/15 تاريخ 15/7/201 وبإلحاح من جامعة الدول العربية والذي تضمن ما يلي " يحظر على أي كان استخدام أي لقب علمي أو غيره ما لم يكن حاصلاً على الشهادة أو الإجازة التي تخوله استخدام اللقب أصولاً وذلك تحت طائلة اتخاذ الإجراءات والتدابير الصارمة...
والسؤال الذي درس عشرات السنين بإشراف علمي ومنهج أكاديمي وهو يبحث عن مراجع علمية في المكتبات والجامعات لإثبات صحة بحثه ودعمه بالمراجع وناقشه أمام لجنة علمية تحكيمية ووقف أمامهم لساعات لمنحه شهادة دكتوراه ...يلقب دكتور والذي لا يحمل سوى شهادة ابتدائية وإذا كتب نصا يخطئ بالإملاء وباللغة وإذا تحدث لا يجيد اللغة الثقافية هو دكتور؟
وهنا تحسب لجامعة دمشق في مصداقيتها ووزارة التعليم العالي بعدم تعديل شهادات دكتوراه الخلبية التي جاءت من الخارج بطرق غير شرعية، ولم يسمح لحامليها من أصحاب النفوذ التدريس في الجامعة حتى يثبت انه بقي في بلد الايفاد أكثر من 70 بالمائة كدوام فعلي.
إذاً علينا جميعا احترام الجهد والتعب والقيم الجمالية العلمية لأنها الأبقى في استمرار حياتنا والعولمة جاءت لخدمة البشرية بتسهيل الوقت والجهد وليست بإلغاء الشهادات والمعارف ...دمتم اساتذتنا الأكاديميين الذين علمتمونا معنى العلم والاجتهاد والمثابرة في البحث والتنقيب عن المعلومة الصادقة...ويقينا أن المرء كلما ازداد علما ازداد جهلاً على قول الفيلسوف العالمي ارسطو...

التاريخ - 2021-05-31 3:09 PM المشاهدات 802

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا